يخوض الرئيس التركى رجب طيب أردوغان آخر معاركه العسكرية فى إدلب السورية والعاصمة الليبية طرابلس فى توقيت واحد، وهما معركتان كان يأمل فيهما الرئيس التركى أن يحتفظ بأى مساحة من الأرض تذكره بحلم استعادة أراضى الخلافة العثمانية، بعد أن خسر مع حليفته قطر وجنوده من جماعة الإخوان كل المعارك التى خاضوها فى الشام والعراق ومصر والسودان واليمن. تأكدت كل من روسيا وإيران أن أردوغان كان يخدعهما طوال اجتماعات سوتشي، التى انتهت بالاتفاق على أن تتولى تركيا نزع سلاح الجماعات المسلحة فى مناطق خفض التصعيد، وإعادة تشغيل الطريق الدولى بين حلب ودمشق وكذلك طريق حلب اللاذقية، وإبعاد الجماعات المسلحة التى تقصف غرب حلب، وطلب أردوغان مهلة تلو الأخري، واتهمته روسيا صراحة بعدم تنفيذ الوعود التى قطعها على نفسه فى سوتشي، لكن المفاجأة كانت أكبر عندما تحرك الجيش السورى لحسم المعركة عسكريا بيديه بعد اليأس من وعود أردوغان، وتم اكتشاف وجود أسلحة تركية متطورة بأيدى الجماعات الإرهابية منها منظومة »ألكار«الحديثة لإطلاق قذائف الهاون بقاذفات مزودة بوحدات كمبيوتر لتوجيه القذيفة وتحديد الهدف بكل دقة، والإطلاق من أى اتجاه، وتبين أن تاريخ الإنتاج مطلع العام الحالي، بالإضافة إلى أسلحة أخرى منها مدرعات وطائرات «درون» بدون طيار، ادعت تركيا أن الجماعات الإرهابية هى من قامت بتصنيعها، ليتبين استحالة أن تنتجها تلك الجماعات دون مساعدة مباشرة من تركيا. لم تنقذ تلك الأسلحة الجماعات الإرهابية من هزيمة محققة فى شمال حمص وإدلب، وتخسر كل يوم أراضى جديدة ويتقدم الجيش السوري، لكنه يتكبد خسائر أكبر بسبب الدعم اللوجستى الذى تتلقاه الجماعات المسلحة من الجيش التركي، وهوما يحدث فى معركة طرابلس، حيث يتقدم الجيش الليبى بقيادة خليفة حفتر إلى مشارف العاصمة الليبية طرابلس، وهى المعركة الأخيرة للجماعات الإرهابية المتحالفة مع حكومة فايز السراج، وفرضت تلك الجماعات إرادتها على حكومته بقوة السلاح، وأصبحت الكلمة الفاصلة لها فى كل قرارات وتحركات الحكومة المؤقتة، مما أفقدها شرعية كانت قد حصلت عليها من اعتراف بعض الدول بها فى السنوات الأخيرة، لكنها فقدت ما تبقى من شرعيتها مع بدء معركة طرابلس، وحاولت تركيا إنقاذ الجماعات الإرهابية بإرسال تعزيزات عسكرية، توقف الانهيار السريع لتلك الجماعات على تخوم العاصمة، وشنت طائرات «الدرون» التركية سلسلة غارات مفاجئة على مواقع الجيش الليبي، ونجحت فى إبطاء تقدمه لبعض الوقت، ليستوعب الضربة الجوية، ويستعد لمواجهة التدخل التركى المباشر فى معركة طرابلس التى دخلت مرحلتها الأخيرة، ولا يؤخر الجيش الليبى عن اقتحام طرابلس إلا الخشية من حدوث دمار كبير فى العاصمة وخسائر بين المدنيين، وهو ما تحاول الجماعات الإرهابية استغلاله فى شن بعض الهجمات انطلاقا من المناطق السكنية. لا يمكن لأى مراقب إلا التأكيد على استحالة أن تتمكن الجماعات الإرهابية الموالية لتركيا تحقيق أى تقدم أو كسب أى معركة فى إدلب السورية أو العاصمة الليبية طرابلس، لكن الأتراك يأملون فى دخول مفاوضات تحقق لهم ولو بعض المكاسب السياسية والاقتصادية فى سوريا أو ليبيا، مقابل تخليها عن الجماعات الإرهابية، لكن يبدو أن وقت التفاوض قد انتهى ومعه ما تبقى من حلم أردوغان فى عودة الخلافة العثمانية، وأن عليه أن يسحب جماعاته الإرهابية ويرحل، فالهزيمة محققة على الجبهتين الأخيرتين فى إدلب وطرابلس.