أنا متزوج بامرأة أحبها وتحبنى ونحن سعداء، ولكن يرغب والديَّ بأن أطلقها، فهل يجب عَليَّ طلاقها؟ وهل رفضى لطلاقها فيه عقوق للوالدين أو عدم برٍّ لهما؟ تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء الطلاق فى اللغة: الحَلُّ ورفع القَيْد، وهو اسْمٌ، مصدره التطليق، ويُسْتَعْمَل استعمال المصدر، وأصله: طلَّقت المرأة تطلق، فهى طَالِقٌ بدون هاء، وروى بالهاء (طالقة) إذا بانت من زوجها، و يرادفه الإطلاق، والمراد به شرعًا هو: رفع قيد النكاح فى الحال أو المآل بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه. وقد اختلف الفقهاء فى حُكْمه هل الأصل فيه الإباحة، وقد يخرج عنها فى أحوال وهو ما ذهب إليه الجمهور، أو أن الأصل فيه الحذر وقد يخرج عنه فى أحوال؟ وعنه أيضًا عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ» رواه أبو داود، بل ذكر النبى صلى الله عليه وآله وسلم فرح الشيطان بالتفريق بين الزوجين، ولا يظن فى أمر يفرح الشيطان أنه خير فى نفسه، ففى «صحيح مسلم» عن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ». قد ذهب الشافعية إلى كراهة طاعة الوالدين فى الطلاق إن كان هناك تعنت؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصارى «أسنى المطالب» «ويستحب الطلاق لخوف تقصيره فى حقها لبغض أو غيره، أو لعدم عفتها بأن لا تكون عفيفة، وألحق به ابن الرفعة طلاق الولد إذا أمره به والده، وهو ظاهر إذا أمره به لا لتعنت ونحوه، ويكره عند سلامة الحال؛ لخبر: «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللهِ مِنْ الطَّلَاقِ». أما الحنابلة: فنراهم مصرحين بعدم الطاعة إلا أن يكون الأب الآمر من الصالحين والأتقياء؛ نقل الشيخ ابن تيمية فى «الفتاوى الكبري»كلام الإمام أحمد فقال: (كلام أحمد فى وجوب طلاق الزوجة بأمر الأب مقيدٌ بصلاح الأب). وذهب الشيخ ابن تيمية إلى حرمة طاعة الابن لوالديه فى طلاق زوجته، خاصةً إن كان له منها أبناء؛ جاء فى «الفتاوى الكبري» مسألة: فى رجل متزوج وله أولاد، ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها، هل يجوز له طلاقها؟ الجواب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبرَّ أمه، وليس تطليق امرأته من برها وبناءً على ما سبق ذكره وفى واقعة السؤال: فإنه ليس من البرِّ طاعة الوالدين فى طلاق الزوجة وهدم البيت، ولا يجب على الابن أن يطيع والديه فى ذلك، وعليه أن يتلطف بهما ولا ينهرهما، ويتحايل فى أمره بما يحقق المصلحة لنفسه وأهله ولا يغضب والديه، فليس فى عدم طاعتهما فى ذلك جواز الإساءة إليهما، فالإساءة محرمةٌ على كل حال.