إن الناظر فى أحوال بعض الناس فى هذا الشهر الكريم يجدهم يقبلون على الطاعة فى أوله إقبالاً طيبًا، فيحافظون على الصلاة مع الجماعة وترى المساجد مليئة بالمصلين فى جميع الأوقات، بدءًا من الفجر إلى صلاة القيام ويحرصون على قراءة القرآن، والذكر، والاستغفار ثم ما هى إلا ليالى معدودة وأيام يسيرة إلا وتفتر الهمم ويحل محلها الكسل والتثاقل عن الطاعة والعبادة، والمسلم الصادق الحريص على الجنة يقبل على شهر رمضان بهمة عالية وعزم صادق على تعميره بالأعمال الصالحة من بدايته إلى نهايته فلا يعرف العجز ولا يألف الكسل خاصة فى شهر الهمة العالية، فرمضان شهر علو الهمة تعلو فيه همة المسلم عن غيره من الشهور فمعوقات علو الهمة تزول كلها فى شهر رمضان، فالجنة مفتحة والنار مغلقة والشياطين مصفدة والبيئة صالحة والأعوان على الخير كثر. والهمة العالية معناها أن يتطلع المسلم إلى معالى الأمور ولا يرضى لنفسه بالمراتب السفلى فعلو الهمة وقوة العزيمة من الصفات المهمة التى ينبغى أن يتصف بها المسلم فمن تحلى بها فاز برفع الدرجات فى الدنيا والآخرة فالله سبحانه وتعالى يربى المؤمنين على التطلع إلى أعلى المقامات، فيقول سبحانه على لسانهم «ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما» الفرقان: 74، فلم يطلبوا أن يكونوا متقين فحسب بل سألوا الله جل وعلا أن يجعلهم أئمة للمتقين، فيالها من همة عالية، وفى السنة النبوية تربية للمؤمنين على السعى نحو الكمال ومحاولة الوصول نحو الأفضل والأحسن والتحذير من سقوط الهمة والرضا بالدون فعن الحسين بن على أن رسول اللهقال: «إن الله تعالى يحب معالى الأمور وأشرافها.. ويكره سفسافها» رواه الطبرانى فى الكبير، فصاحب الهمة العالية يصون نفسه عن سفاسف الأمور ودناياها ويطمح دائمًا إلى ما هو أفضل وأحسن. فينبغى للمسلم أن يكون صاحب همة عالية يسعى إلى معالى الأمور وفيما يصلحه من أمر دينه ودنياه وأن يبذل فى سبيل ذلك الغالى والنفيس وألا يكون ضعيف الهمة يحب الراحة والكسل فإنه بقدر التعب تكتسب المعالى ومن طلب العلا سهر الليالى، وعلو الهمة يحتاج إلى جهد ومجاهدة وصبر و مصابرة، وتلمس الأسباب التى توصل إليه، وسلوك الطرق التى تؤدى إليه فعلو الهمة من الصفات التى ينبغى أن يتصف بها المسلم الذى يريد الله والدار الآخرة ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة.