ما بين البحث عن الحب المنشود والأمل المفقود، والالتزام بالمبادئ والعادات والتقاليد، برز فى مسلسل «ولد الغلابة» خطين دراميين نجحا فى أن يمنحا المسلسل بريقًا من نوع خاص، ليزداد وهجه مع الأداء القوى لبطلة كل خط منهما ، فالأولى هى «صفية» وتجسدها الفنانة إنجى المقدم والتى تلقت إشادات واسعة الأيام الماضية على الدور الذى تقدمه وتجسد فيه دور الفتاة التى تلتزم بالأعراف والتقاليد حتى وإن كان ذلك على حساب حبها الوحيد، غير أن قسوة المجتمع لم تهدأ أمام تنازلاتها لتصفعها وتزيدها من الصدمات حتى تصل إلى من هم الأقرب إلى قلبها والدتها وشقيقتها وعلى الجانب الآخر تقدم مى عمر «فرح» نموذجًا آخر للتضحية لفتاة تنازلت عن حياتها فى سبيل حرية والدها وخروجه من السجن، إلا أن تنازلها هذا لم يكن ثمنًا كافيًا لعودتها إلى أحضان والدها مجددًا، لتجد نفسها داخل دوامة لا تنتهى تحاول القضاء عليها قبل أن تلتقى والدها مرة أخرى.. وفى هذه السطور تتحدث البطلتان ل«الأهرام المسائي» عن حكايتهما مع «ولد الغلابة» والحالة التى نجحا فى تحقيقها ليصبح العمل حديث الجمهور فى المنازل وعلى مواقع التواصل الاجتماعى. إنجى المقدم:«صفية» أرهقتنى نفسيا واستقبال الجمهور لها فاجأنى حققت شخصية «صفية» نجاحا ملحوظا قبل الوصول إلى نصف الحلقات هل كنت تتوقعين ردود الفعل هذه؟ دعينى فى البداية أصارحك بشيء وهو أننى «مخضوضة» من التجاوب الكبير مع الشخصية وردود الأفعال التى تلقيتها منذ الحلقة الأولي، ولم أتوقع أن تمس الجميع بهذا الشكل، لكننى منذ البداية لمست تفاصيل شخصية «صفية» والتى كان من بينها صدقها الشديد، وحرصت على إيصالها للمشاهد. كيف قمت بذلك وهل أجريت تعديلات فى شخصية «صفية»؟ المخرج محمد سامى حرص فى أولى جلسات العمل على أن يُطلعنى على تفاصيلها الكثيرة، وكان له بُعد نظر فى الشخصية ودرسها جيدا، وقام بإيصال كل ذلك لي، وظللنا لفترة طويلة نتحدث عن مشاعرها وتاريخها، ثم أجرينا بروفات وتحدثنا فى معظم المشاهد، وتم تعديل بعض الخطوط الدرامية، واستغرق ذلك شهرين تحضير، قبل أن أجلس مع مصحح اللهجة عبد النبى الهوارى الذى كان حريصًا على حضور البروفات معنا، وتناقشنا معًا فى كل مشهد قبل التصوير بتفاصيله وأحاسيسه. وهل واجهت مصاعب فى تعلم اللجهة الصعيدية؟ نعم، وقد بذل المصحح عبد النبى الهوارى مجهودًا كبيرًا؛ حيث كان يقرأ لى المشهد، وأجلس معه ثم أقرأه أمامه عدة مرات، وأيضًا فى التصوير أمام الكاميرا عندما نخطئ فى أى حرف نقف ونعيد التصوير مرة أخري، كما علّمنى كيف يمكننى التحدث بشكل سريع، لأننى لم تكن لدى معلومات عنها إطلاقًا. بالنظر إلى شخصية صفية نرى أنها مرهقة نفسيا لأى فنان، ألم تخشين من ذلك؟ الحقيقة أننى لم أتخيل أنى سأتعب بهذه الطريقة، وظللت بعد الانتهاء من تصوير العمل مرهقة نفسيا وجسمانيا وذهنيا، حيث كانت تحمل مجهودا كبيرا ومرهقا، بالإضافة إلى ظروف التصوير التى كانت تتم فى قرية بعيدة، وطقسها بارد، حيث كنا نصور فى الشتاء وهو ما كان يزيد الظروف صعوبة، خاصة أن المخرج محمد سامى حرص على أن نصور كل المشاهد الثقيلة بشكل متتال ولم يكن هناك وقت للراحة أو النوم. هل فكرت فى الذهاب إلى طبيب نفسى عقب الانتهاء من تصوير المسلسل؟ برغم أنها كانت فترة مرهقة وعنيفة، إلا أننى لم أضطر لذلك، حيث تغلبت على التعب النفسى الذى تعرضت له بعد فترة ليست طويلة. فكرة التخلى عن الحب الأول ثم الزواج من شخص آخر ألا ترين أنها سبق وتكررت فى أكثر من عمل؟ لا الوضع هنا مختلف تماما، وهو ما زاد من صعوبة شخصية «صفية» المليئة بكثير من الأحاسيس، حيث اضطرت إلى الانفصال عن حبيبها تاجر المخدرات «ضاحى الكيال» بسبب رفض شقيقها «عيسى» لهذه الزيجة، فقررت الانصياع لكلام شقيقها لأنها امرأة محافظة، وتعرف الأصول ومتدينة، وتسير كما قال الكتاب ورغم كل ذلك فإنها ظلت فترة طويلة مخلصة فى حبها ل«ضاحي» الذى لم تتزوجه، حتى وجدت نفسها عبئا على العائلة وكبرت فى السن وشقيقها يتحمل مسئوليات كثيرة على كاهله، فاضطرت إلى أن تريحه من هذه المسئولية لتتزوج من «عامر» الذى يصغرها سنا لأنه يحبها كما أن مستواه المادى جيد ولكنها لم تحبه بل استلطفته قليلا، ورغم ذلك كانت مخلصة له، خاصة أن «ضاحي» تزوج كثيرا، وبالتالى قررت أن تكمل حياتها بعيدا عنه، حتى يظهر لها ثانية ويتزوج من شقيقتها «قمر» انتقاما منها ومن شقيقها، وبالتالى تعرضت لكسرة نفس كبيرة ومؤلمة، ولهذا فإن القصة هنا مختلفة تماما. هل استلزمت مشاهد الحزن التخلى عن الماكياج؟ «ضاحكة» «لسة اللى جاى أقوى ومفيش أى ماكياج تماما وبكاء فقط»، والحقيقة أننى كنت أريد أن أقدم المشاهد بطبيعية حتى لا يكون هناك انفصال بين طبيعة الدور ومظهري، كما أننا لسنا «موديلز» لابد أن نهتم بأنفسنا، بل ممثلات نؤدى أدوارا، وعلى حسب شكل كل شخصية نقدمها، والماكياج هنا لم يكن شيئا أساسيا خاصة مع «صفية» التى لا تتطلب طبيعة شخصيتها أى ماكياج فى ظل الظروف والأحداث التى تمر بها، وكذلك على صعيد مستواها الاجتماعي، أما بالنسبة للملابس فهى تعود لمصممة الملابس ناهد نصر الله وبموافقة محمد سامى ولم أتدخل فيه مطلقا، واستسلمت تماما لهذه الشخصية، وكل التفاصيل التى طلبها المخرج وافقت عليها لأننى وثقت فيه منذ اللحظة الأولي. هل ترين أن الفتاة فى الصعيد من الممكن أن تتعرض لضغوط بسبب بعض المفاهيم الخاطئة؟ بالطبع، لأنها تكتم أشياء كثيرة فى نفسها خوفًا من عائلتها مثل «صفية»، فكان أهم شىء يشغل بالها هو «المعايرة بزواجها المتأخر» وهذا أمر صعب ليس فى الصعيد فقط ولكن فى مجتمعنا بشكل عام، وهو ما كان سببا لكى تشعر «صفية» بالنقص طوال الوقت. مررت بمشهدين صعبين حتى الآن وهما وفاة والدتك وشقيقتك.. كيف قمت بالتحضير لهما؟ مشهد وفاة الأم كان صعبا ومؤلما كثيرا، لأنها توفت فى اليوم التالى لزواجها ولم تكتمل فرحتها، خاصة أن أمها كانت طيبة وحنونة عليها وأشقائها، وتتمتع بقوة تحمل كبيرة، ولهذا فإن كل الأشقاء كانوا مرتبطين بالأم مهما اختلفت وجهات نظرهم، «عيسي» و«صفية»، وحتى «حمزة» و«صديق» اللذان شعر البعض أنهما قاسيان كانا منهارين أيضا، كما أن هناك تبعات بعد الوفاة لنرى ماذا سيحدث بينهم، أما وفاة «قمر» شقيقتها كانت صدمة لها، وهناك مشاهد كثيرة صعبة مثل مشهد المواجهة بينى وبين أحمد السقا على عمله فى تجارة المخدرات. ما أوجه التشابه بينك وبين «صفية»؟ فى البداية أريد إيضاح أن «صفية» الشقيقة الكبرى بعد «عيسي» وتكون فى الصعيد بعد وفاة الأم السند والظهر والتى تتحمل المسئوليات المنزلية، وشخصيتها قوية ومسموعة، ومن قبل وفاة أمها كانت معها خلال مرضها، كما أنها حرصت على استكمال تعليمها ثم عملت فى وزارة الشباب والرياضة، ولهذا فإن شخصية مثل هذه لابد أن تكون قوية وحادة وعنيدة، لكنها فى الوقت نفسه حنونة، وهو ما يتضح لنا من خلال مشهدها مع «قمر» شقيقتها عندما ضربتها بالقلم لكنها حنونة عليها لصغر سنها، ولهذا فهى مليئة بالعديد من التناقضات، أما بالنسبة لأوجه التشابه بيننا فأنا أبحث دائما فى كل شخصية أقدمها عن شىء يشبهنى فيها، وفى شخصية «صفية» يربطنا معًا العند، وأنها دءوبة بمعنى أنها عندما تضع شيئًا فى عقلها لابد وأن تنفذه. هل تقديم شخصية «صفية» كان محاولة للتغلب والخروج من شخصية «صوفيا» التى قدمتيها العام الماضي؟ بالفعل كنت حريصة على التغلب على شخصية «صوفيا» الأرستقراطية الثرية ومحاولة الابتعاد عنها هذا العام، من خلال تقديم شخصية مختلفة عنها، هذا إلى جانب حبى لأدوار الصعيد التى لم أقدمها من قبل، ولذلك كان الأمر بالنسبة لى بمثابة تحد لنفسي. كيف كانت كواليس العمل مع الفنان أحمد السقا؟ هو صديقى من قبل العمل، حيث قدمنا معًا مسلسل «ذهاب وعودة»، وهو إنسان شهم، وطيب، ويخاف على عمله جيدا، ودائما ما يعطينا مساحتنا فى المشاهد التى بيننا، ويمنحنا وقتنا فى التحضير ويخاف علينا. هل ترين أن العمل من الممكن أن يسهم فى تغير وجهة النظر تجاه المرأة فى الصعيد؟ لا أظن ذلك، خاصة أنه غير موجه، ولكننا نعرض قصة اجتماعية تدور أحداثها فى الصعيد. لماذا تحرصين خلال الفترة الأخيرة على الظهور فى عمل واحد فى العام؟ بالفعل اتخذت هذا القرار منذ العام الماضى، لأننى وجدت نفسى أركز بشكل أكبر وأعطى الشخصية مساحتها، وأستمتع بها، وقد قررت أن استمر فى هذا القرار خلال السنوات المقبلة، لأن عملا واحدا أفضل من عدة أعمال، وهو ما فرق معى كثيرا فى التركيز والتحضير والأداء. كيف ترين انخفاض عدد المسلسلات هذا العام؟ على الرغم من تراجع العدد لكننى أراها متنوعة وتضم أعمالًا مميزة مثل: «زى الشمسى و«قابيل» وأخرى مختلفة، وبالطبع «ولد الغلابة» الذى يعتبر شهادتى مجروحة فيه، لكنه الأفضل طبقا لمشاهدة الجمهور. ماذا عن السينما وهل انتهت أزمة فيلم «رأس السنة»؟ الفيلم من المقرر أن يعرض فى شهر سبتمبر فى مهرجان الجونة السينمائي، على أن يطرح بعدها فى دور العرض، وسأجهز خلال الفترة المقبلة لفيلم جديد.