أكد الدكتور عبد الله محيى عزب أستاذ العقيدة والفلسفة، وكيل كلية أصول الدين بالقاهرة، أن شهر رمضان، شهر تربية وتهذيب للجوارح وتعليم للنفس، وهو شهر انقياد وتسليم، فهو كالمدرسة التى يتعلم منها الصائم الأخلاق الحميدة فيتخلى عن الرذائل، وأضاف فى حواره أن الصلاة فى مسجد الحسين أو أى مسجد فيه ضريح يتجه المصلى فى صلاته لله تعالى لا لصاحب الضريح، ومن هنا لا يصح أن نقول بأن الصلاة باطلة أو أن نتهم من يصلى فى المساجد التى بها أضرحة. وقال إن الدين ينقسم إلى عقيدة وشريعة، والعقيدة هى الأصول وهذه الأصول ثابتة سواء كانت فى الدين الإسلامى أو حتى فى الديانات السماوية السابقة للإسلام. ما فضل شهر رمضان؟ شهر رمضان، شهر تربية وتهذيب للجوارح وتعليم للنفس، وهو شهر انقياد وتسليم، فهو كالمدرسة التى يتعلم منها الصائم الأخلاق الحميدة فيتخلى عن الرذائل التى اعتادها لأنه يرجو قبول صومه، ويتعلم الصدق والإخلاص ومن كان شهر رمضان له كذلك، فإنه يكون ممن أصبح للصيام أثره الفعال فيهم، فتراه يعمل لربه ولنفسه ولجميع الناس من حوله، واحذر أيها الصائم من أن يكون صيامك، عبارة عن الامتناع لفترة زمنية محددة عن تناول ما لذ وطاب من الطعام والشراب والجماع فقط، بل يجب أن يتجاوز الصيام هذا المعنى الحرفى، ليتعلم الإنسان الصائم التحكم فى برغباته وشهواته، والتحلى بالإرادة الجيدة الهادفة إلى تغيير العادات السيئة التى اعتادها الشخص فى حياته، كما أن رمضان فضلًا عن ذلك موسم للطاعات وتذكّر المسرات، ويتم فيه تذكر الفقراء والمحتاجين من خلال الصدقات والتبرعات، واختص الصوم باحتفاليات وتقاليد ومظاهر فى حياة الجماعة، لكونه شهرًا فى كل عام، فصارت معالمه لا يكاد أحد مسلم يتخلى عنها كالتراويح والسحور وصدقة الفطر والاعتكاف. لماذا يأتى الخلاف والتناحر والتكفير فى الدين فى مسائل العقيدة أكثر من الشريعة؟ الدين ينقسم إلى عقيدة وشريعة، والعقيدة هى الأصول وهذه الأصول ثابتة سواء كانت فى الدين الإسلامى أو حتى فى الديانات السماوية السابقة للإسلام ومعنى ذلك أن جانب العقيدة ثابت من لدن سيدنا آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فكل الأنبياء والمرسلين بعثوا بعقيدة التوحيد «لا اله الإ الله» والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله» هذا هو الأساس. أما جانب التشريع فهو ما يقع فيه الخلاف بين الأنبياء والمرسلين على حسب ظروف البشر فى كل زمان ومكان، مع ملاحظة أن كل رسول كان يأتى مكملا لمن كان قبله ومبشرا بمن يأتى بعده إلى أن اكتمل التشريع ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى ختمت به الشرائع، والحكم بالإيمان أو الكفر هو من خصائص علم العقيدة، أما علم الشريعة فهو يعتنى بالحلال والحرام والمستحب والمكروه والمباح، وجمهور علماء أهل السنة المتمثل فى الأشاعرة و الماتريدية لا يكفرون أحدًا من أهل القبلة على الإطلاق إلا من أنكر ركنا من أركان الإيمان أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، وقد حذر العلماء الثقات من التسرع فى التكفير ووضعوا قيودا وضوابط لهذا الأمر، لا يتسع المقام لذكرها هنا. ويشدد حجة الإسلام الغزالى على ضرورة التأنى والتثبُّت فى حكم التكفير، حيث يقول: (والذى ينبغي: الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلا؛ فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرِّحين بقول «لا إلا الله محمد رسول الله» خطأٌ، والخطأ فى ترك ألف كافر، أهون من الخطأ فى سفك دم مسلم» وكأن الغزالى رحمه يعيش أحداث العصر الذى نعيش فيه الآن. لقد أدرك أهل العلم قديما وحديثا خطورة التكفير، يقول الإمام أبو حنيفة: «وَلَا نكفر مُسلما بذنب من الذُّنُوب وَإِن كَانَت كَبِيرَة إِذا لم يستحلها، وَلَا نزيل عَنهُ اسْم الْإِيمَان ونسميه مُؤمنا حَقِيقَة، وَيجوز أن يكون مُؤمنا فَاسِقًا غير كَافِر». وقال الإمام البخارى: «لم يكونوا يكفرون أحدا من أهل القبلة بالذنب لقوله تعالي: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، وممن أدرك خطورة التكفير: الإمام القرطبي؛ حيث يقول: (وباب التكفير باب خطير، أقدم عليه كثير من الناس، فسقطوا، وتوقَّف فيه الفحول، فسلموا، ولا نعدل بالسلامة شيئا. وبهذا لا يجوز لمن ليس لديه علم أن يحكم على الناس بالكفر إلا على مَنْ حكم الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – بالكفر عليه، وقد حذر النبى صلى الله عليه وسلم الأمة من التكفير ففى صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر – رضى الله عنهمايَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ». يتهم علم العقيدة فى الأزهر بأنه جدلى ولا فائدة منه؟ دراسة العقيدة فى الأزهر تعتمد علي منهجين، الأول: برهانى وهو لبناء العقيدة الصحيحة فى قلوب المدعوين، والمنهج الثاني: جدلى وهو لحراسة العقيدة والدفاع عنها وذلك لبيان العقائد الفاسدة وبيان زيفها وهدمها والرد عليها. وقد استفاد علماء الأزهر فى هذين المنهجين أى فى بناء العقيدة والدفاع عنها بالقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وذلك فى البرهنة والاستدلال، ومجادلة الخصوم، وهدم عقائد الضالين الخ، ثم استفادوا فى مناهجهم بالعقل بعد النقل، والقرآن الكريم قد اتخذ فى تقرير العقائد منهجًا يقوم على التكامل الشامل، بالدليل العقلى القائم على الحوار والمناظرة من أجل الوصول إلى الحق فى القضايا التى تتعلق بالقلب وإبطال ما عداها من شبه الضالين، وهذا ما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم فى دعوته فبين له المنهج الذى ينهجه بأن يدعو الخصوم بالحكمة، وهذا هو الجانب البرهانى البنائى والموعظة الحسنة، وأن يجادلهم بالتى هى أحسن وهذا هو الجانب الجدلى الدفاعي، قال تعالي: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ) وهكذا نجد نصوص الوحى وفهم العلماء المعتبرين لها يقوم على الحوار وقبول الرأى والرأى الآخر دون تعصب أو تحيز لفكر بعينه. لماذا نتهم فى أغلب سلوكيتنا بأنها بدع، وما حكم الصلاة فى المسجد الذى به ضريح؟ فكرة البدع فيها لغط وكلام كثير لا علاقة له بصحيح الدين أو حتى الفكر الدينى والتبديع والتفسيق دائما يكون من الذين ينتمون إلى الفكر السلفى المعاصر أو الفكر الذى يدعى السلفية فما يحدث مثلاً من أقوالهم فى الصلاة بمساجد بها أضرحة أنها صلاة باطلة فمثل هذا القول غير صحيح لأن الصلاة فى مسجد الحسين مثلا يجب التفريق فيها بين أمرين هما هل الصلاة لله تعالى أم أنها للحسين، وأرى أن الصلاة فى مسجد الحسين أو أى مسجد فيه ضريح يتجه المصلى فى صلاته لله تعالى لا لصاحب الضريح، ومن هنا لا يصح أن نقول بأن الصلاة باطلة أو أن نتهم من يصلى فى المساجد التى بها أضرحة أنه مبتدع، أو مشرك. الدليل على هذا أن المسجد النبوى فيه ثلاثة قبور ومع ذلك كل مسلم يتمنى أن يصلى فيه ولم يحكم أحد من العلماء قديما وحديثا على من يصلى فى الحرم النبوى أن صلاته باطلة. وأين هو الطريق الثالث وما هو منهجه؟ الطريق الثالث هو المنهج الوسطى ولا أكون مبالغًا عندما أقول إنه يتمثل فى الأزهر الشريف الذى يتبنى منهج الإمام أبو الحسن الأشعرى وهو منهج الأزهر فى التعليم فى المراحل التعليمية المختلفة وهذا المنهج منهج عقلانى أى أنه يزاوج بين العقل والنقل، والعقل هو مناط التكليف، فبه نعرف الله تبارك وتعالي، وبه كُلف الإنسان وغير العاقل غير مكلف ونحن نفهم الشرع بالعقل والمنهج الأشعرى يزاوج بين الشرع والعقل لكنه يقدم الشرع لأنه وحى من عند الله تعالي، ونعنى بالشرع الكتاب والسنة، ولا نعنى به الفكر الإسلامي، لأن هناك فرقًا بين الإسلام ككتاب وسنة، وبين الفكر الإسلامى الذى هو اجتهاد العلماء وهؤلاء المجتهدون يختلفون فمنهم من يصيب ومنهم من يخطئ أما الإسلام ككتاب وسنة فهما مصدران معصومان من الخطأ والزلل، أما الفكر الإسلامى المستفاد من نصوص الوحى فيأخذ منه ويرد عليه ونحن لا ندعى العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.