التواصل والتنوع سمة أصيلة في الفن المصري الذي يفتح أبوابه دائما لكل الأشكال الفنية الغنائية من كل بلدان العالم, لذلك فإن هناك فرقا تجد لها مكانا دائما بمصر لما تقدمه من موسيقي مختلفة. في مقدمتها فرقة الرانجو, وهو اسم لآلة موسيقية أصلها جنوب السودان, وتعد نوعا من أنواع آلة الماريمبا, لكنها أكثر بدائية, حيث تصنع يدويا من الخشب الموجود في الطبيعة.عرفت مصر آلة الرانجو منذ عام1820 عندما أدخلها السودانيون الذين جاءوا إليها كمجندين في الجيش المصري, في عهد محمد علي باشا, ثم عندما جلبوا للعمل في مزارع القطن عام1860, إذ مع ازدهار زراعة وتجارة القطن المصري في منتصف القرن التاسع عشر, أتت أفواج سودانية أخري للعمل في مزارع القطن. وتجمعت في مصر في تلك الفترة أعداد كبيرة من ذوي البشرة السمراء الذين سعوا للتجمع في أحياء سكنية مشتركة مثل عرايشة العبيد في الإسماعيلية, وكرموز في الإسكندرية, وفي الإمام الشافعي بالقاهرة حيث مارسوا في هذه الأحياء فنونهم المختلطة. استفاد المصريون من هذا المناخ الموسيقي الذي أشاعه فنانو الرانجو السودانيون, وأسسوا بالتعاون مع عدد منهم فرقة خاصة لهذه الموسيقي الشعبية, منها فرقة الرانجو الشعبية التراثية. بدأ تكوين الفرقة في بداية1996 عندما توصل الباحث زكريا إبراهيم إلي آخر عازف علي قيد الحياة لآلة الرانجو وهو حسن برجمون, الذي كان قد ترك الرانجو الذي مارسه في الصغر وبداية عمر الشباب ثم تفرغ لعزف الطنبورة في الزار, ولم يكن يحتفظ لديه بأي آلة رانجو, فقاما معا بالبحث عن الآلات لدي أرامل وورثة المعلمين الكبار, وبالفعل تم تجميع3 آلاف رانجو, مما سمح بإحياء هذا الفن مرة أخري, الذي يعتمد علي الرقص أساسا, وتم تكوين فرقة من فناني الرانجو تقدم موسيقي الرانجو والرقصات والأغاني المصاحبة لها, وكذلك عزف وغناء من الزار السوداني والمصري. تصاحب العزف علي آلة الرانجو رقصة خاصة بحزام المنجور مع قرع الطبول الإفريقية, والمنجور هو حزام عريض من القماش مثبت عليه عشرات من حوافر أو أظلاف الغنم الجافة وبعض الحيوانات الأخري, وأصداف البحر, يتم ربطه حول الوسط كنطاق, ويقوم الراقص بالهز وعمل حركات بوسطه وقدميه فيصدر من المنجور صوت إيقاعي عبارة عن( خشخشة). وقدمت الفرقة عروضها الناجحة في بعض المراكز الثقافية مثل بيت الهراوي, ومعرض الكتاب, ومركز الهناجر, ومهرجان الموسيقي ببورسعيد, ومسرح روابط, ومكتبة الإسكندرية, والمركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية والقاهرة, وفرنسا والمغرب, وقامت بجولة في بريطانيا في عام2009, واشتركت في أبريل2010 في مهرجان ووماد في أبوظبي, وقامت بجولتها الثانية في يوليو الماضي في مهرجانwayout بالسويد. وتوجه نجاح الفرقة حين تم اختيار آخر ألبوم لها من ضمن ألبومين صدرا للفرقة بعنوان رانجو عروس الزار ضمن أفضل عشرة ألبومات غنائية شعبية لعام2010 في القائمة التي تنشرها سنويا المجلة اللندنية الواسععة الانتشار سونج لاينز. وآلة الرانجو تشبه آلة الاكسيلوفون, وهي مكونة من مفاتيح ومضخات صوت خشبية مصنوعة من نبات القرع السوداني, وكان يعزف عليها تقليديا إلي جانب آلة الطنبورة خلال طقوس الزار, ولأغراض التطهير الروحاني والاستشفاء من بعض الأمراض, لكن دور هذه الآلة القديمة تحول تدريجيا مع التطور الموسيقي الذي طرأ علي معظم آلات الموسيقي في العالم, حتي أصبحت تعزف في حفلات الأعراس الشعبية وغيرها من المناسبات الاجتماعية, إلا أن الكثيرين لم ينسوا أنها آلة كانت تستخدم لتحضير الأرواح.