أليس عجيبا أن يصدر الرئيس المخلوع حسني مبارك الغاز لإسرائيل بأقل من السعر العالمي, ولم يدعم شيكارة سماد اليوريا للفلاح المصري الشقيان؟ بهذه المفارقة استهل نقيب الفلاحين محمد عبد القادر حواره معنا. مؤكدا أن النظام السابق حطم الفلاحين وتركهم طوال30 عاما يواجهون الفقر والعوز والمرض, بدون دعم أو رعاية صحية أو معاش أو حتي استراتيجية زراعية محددة وواضحة المعالم: * النظام السابق كان يتباهي دوما بانحيازه إلي الفلاحين ومحدودي الدخل أليس كذلك؟ ** غير صحيح بالمرة, فالفلاح رقيق الحال لم تقدم له الحكومة أي دعم والأدلة علي ذلك كثيرة ويكفي أن أقول لك إن سعر شيكارة سماد اليوريا قد قفز إلي200 جنيه, ومخازن معظم ا لجمعيات الزراعية خاوية في الوقت الذي تتكدس فيه الأسمدة بالمحال الخاصة, وتصدر إلي الخارج, والذي لا يعرفه البعض أن بعض الفلاحين يستقطعون من قوت أولادهم لتوفير ثمن الشيكارة, فبغيرها قد تتدني انتاجية المحصول, ولا يمكنه توفير عائد يدفع به قيمة ايجار الأرض, أو يسدد ديون بنك التنمية ومستلزمات الانتاج, دعني أقول لك إحنا اتهلكنا ومفيش حد كان معانا خالص حتي تطهير المصارف الزراعية والمراوي وغيرها كانت ومازالت تتم علي نفقة الفلاح المعدوم رغم كون أغلبها لا ينفذ إلا علي الورق. * ولماذا تأخر تأسيس نقابة الفلاحين؟ ** منذ عام93 وأنا أحاول جاهدا العمل علي إنشاء نقابة الفلاحين, ولم أترك باب أحد من المسئولين إلا وطرقته وبالطبع لم يكن من اليسير علي مقابلة رموز النظام السابق, بل كنت أحضر يوميا من قرية محمد عبد الوهاب الكائنة بالنوبارية, حيث أقطن مع أفراد أسرتي إلي القاهرة وانتظر لساعات طويلة حتي احظي بمقابلة أحدهم. * وماذا كان ردهم علي طلب إنشاء النقابة؟ ** تأخذ كلاما حلوا بلا أي استجابات عملية وذات مرة حاولت تقديم طلب إنشاء النقابة إلي صفوت الشريف أثناء دخوله إلي مبني مجلس الشوري, فوجدت نفسي محمولا فوق أكتاف الحرس الخاص به والذين قاموا بابعادي ظنا منهم أني أحاول الهجوم عليه, كما قابلت الدكتور مفيد شهاب في مجلس الشعب وقلت له: اعملوا حاجة مرة للفلاح فطلب مني الذهاب لعائشة عبد الهادي وزيرة القوي العاملة سابقا والتي رفضت الطلب وقالت انضموا إلي نقابة عمال الزراعة والري واستصلاح الأراضي. * وهل يستطيع الفلاح المصري تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح؟ ** لن يمكننا فعل شيء طالما ظلت وزارة الزراعة وسياستها بمعزل عن الفلاح رغم كونه عصب التنمية الزراعية, فهناك أشياء غريبة لا نعرف تفسيرا لها منها, هل يعقل أن تشتري الحكومة قمح الاكثار من الفلاحين بسعر390 جنيها للأردب الواحد ثم تعيد بيعه له في الجمعيات الزراعية بعد غربلته واضافة بعض المواد إليه يسعر625 جنيها في صورة تقاو, وأين هو الدعم الذي ملأ النظام السابق الدنيا حديثا عنه؟ وأين يذهب هامش الربح في كل أردب؟ والأغرب من ذلك أن تشتري الحكومة كيلو القمح من الفلاح بحوالي جنيهين بينما يشتري الفلاح شيكارة نخالة الردة لتغذية ماشيته عليها بسعر3 جنيهات, وعلي الرغم من كون النخالة هي فضلة عملية الطحن بعد استخراج الدقيق الفاخر ودرجات الدقيق الأخري؟ ولم تقف المشاكل عند هذا الحد بل تمتد إلي ترك الوزارة للفلاح يواجه الهجمات الشرسة للآفات مثل دودة القطن وغيره, فضلا عن التقاوي والمبيدات التي تدخل إلي السوق ولا نعلم مصدرها. * لكن أسعار الخضروات والفاكهة مرتفعة للغاية؟ ** للأسف الجزء الأكبر من عائد المحصول يصب في جيب التاجر, الذي يقوم بشراء المحصول من المزارع بسعر منخفض تماما عن سعر البيع, كما يجب وضع ارتفاع تكاليف مستلزمات الانتاج من أسمدة ومبيدات وعمالة وغيرها. * وكيف يمكن حل هذه المشكلات؟ ** تقدمنا كنقابة مشهرة تحت رقم(466/2) في11 أبريل الماضي بطلب إلي الدكتور عصام شرف لإنشاء مصنعين لانتاج الأسمدة الزراعية بطاقة5 آلاف طن يوميا وتكلفة تقدر بحوالي600 مليون جنيه, بحيث يخصص انتاج أحدهما للوجه البحري والآخر للوجه القبلي, علي أن يساهم الفلاحون بنسبة51% من القيمة بعد فتح اكتتاب علي أسهم المصنع ويفتح الباب للقطاع الخاص بالمشاركة في تمويل باقي التكلفة. وعن الحلول المؤقتة والعاجلة يقول نقيب الفلاحين: يجب وضع ضوابط صارمة في أعمال توزيع الأسمدة عن طريق عمل رقم كودي لكل محافظة وطباعته علي الشيكارة من الخارج لمنع التلاعب في حصة الأسمدة بين المحافظات, ومن ثم تهريبها إلي السوق السوداء, كما يجب وقف التصدير فورا لحين تلبية احتياجات السوق الداخلية, وتشكيل ضبطية قضائية لضبط من يقومون بتهريب حصة الجمعيات الزراعية وعمل خط ساخن يستطيع أي فلاح أو موظف في جمعية زراعية أن يبلغ من خلاله عن أعمال مخالفة للبيع أو نقص في الأسمدة أو توافر مخزون لديه, إلي جانب تحديد نوعية الأسمدة المناسبة لكل منطقة زراعية فالأراضي الصحراوية مثلا تحتاج إلي البوتاسيوم والنترات, بينما تحتاج الأراضي الطينية إلي سماد اليوريا والملح, كما يجب تنظيم حملات إعلامية لتوعية المزارعين بنسب ومعدلات تمكنه من ضبط عملية توزيع الأسمدة التي أرهقت الفلاحين بأسعارها الخيالية. * وماذا عن أراضي الدولة التي تم نهبها؟ ** يجب استرداد جميع أراضي الدولة التي استولي عليها أصحاب النفوذ بوضع اليد والطرق غير القانونية بغرض التسقيع والاتجار فيها لجني المليارات, مع إعادة توزيعها علي الفلاحين وشباب مصر من الخريجين. وعن المشروعات المقترحة التي تسعي النقابة إلي تقديمها, يقول فريد واصل, أمين عام نقابة الفلاحين: تقدمنا بمشروع لاستصلاح10 آلاف فدان من الأراضي الصحراوية بسيناء ويتلخص في إنشاء20 ألف صوبة زراعية, بحيث تكون مساحة الصوبة الواحدة8 قراريط ويحصل كل شاب علي عدد2 صوبة, وقمنا بوضع دراسة وتصور للمشروع بالتعاون مع أ حد أساتذة المركز القومي للبحوث الزراعية. ويوضح أن فكرة الصوب تكتسب أهمية من حيث انخفاض تكلفتها وسرعة عائدها من بيع الخضراوات وغيرها مقارنة بفكرة منح كل شاب5 أفدنة والتي تحتاج جهدا ووقتا طويلا واستثمارات وتمويلا كبيرا. ويضيف بأن النقابة اقترحت أيضا حصول الشباب علي دورات تدريبية قبل بدء المشروع, موضحا أنه يمكن حل هذه المشكلة من خلال تدبير مصادر تمويل بالاشتراك بين وزارة الزراعة والشباب. وعن فوضي المبيدات الزراعية, يؤكد واصل أن الفلاح لا يمكنه تحديد صلاحية المبيد الحشري من عدمه وهو ما يستغله مافيا تصنيع المبيدات في بئر السلم والتي تسبب ضررا جسيما بالزراعات والفلاح معا, وعليه اقترحت النقابة أيضا تشكيل لجنة لكل مديرية من مديريات الزراعة لها سلطة الضبطية القضائية للمرور علي محال الأسمدة ومصادرة المبيدات غير الصالحة.