تعكس أزمة الديون الأمريكية بشأن رفع سقف الدين لإتاحة الفرصة لمزيد من الاقتراض عدم استفادة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من دروس الرؤساء السابقين كما تعكس مدي فشل الطبقة الحاكمة في اقرار قوانين او تشريعات مثيرة للجدل وخاصة إذا لم يكن هناك حزب واحد جمهوريين وديمقراطيين يسيطر علي الحكم والكونجرس معا ففيما ترقب المستثمرون المرعوبون نتائج المعركة الحامية الوطيس بين الجمهوريين والديمقراطيين علي صعيد الانقسام الأيديولوجي بدون التوقف ولو لحظة من نتيجة السيناريو المؤلم والمفجع للجميع. وأكد الجمهوريون تشريعا لرفع سقف الدين الأمريكي بشرط خفض الانفاق وعدم فرض ضرائب جديدة وصوت الديمقراطيون بدورهم ضد اجراءات جون بونهير رافعين مطالبهم بزيادة الايرادات رغبة في تحفيز الاقتصاد وقد جاءت أزمة الديون الأمريكية صادمة ومفزعة حيث التداعيات سلبية وخطيرة. الجمهوريون لم يؤيدوا مشروع قانون الرعاية الصحية واجراءات اصلاح النظام المالي والمحفزات الاقتصادية وقعه الرئيس أوباما في عام2009 وقد واجه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش نفس الانشقاقات عام2005 عندما انقض علي نظام الضمان الاجتماعي مما قاده إلي الفشل حيث توحد الديمقراطيون علي استراتيجية عدم مناقشة الأمر ولم يستطع الجمهوريون حسم الأمر إلا بعد سيطرتهم علي أغلبية مجلس الشيوخ لكن بفارق ضيق للأصوات وعجز الميزانية ليس سوي البداية لكن مايتردد عن مواجهة الولاياتالمتحدة للإفلاس يهدد صورة أمريكا والأمريكيين انفسهم فقد خاض بوش حربيين كبدتا أمريكا حوالي2.4 تريليون دولار وحتي الآن لم يبرز البنتاجون في الرد علي مسألة خفض النفقات الكاتب والمحلل الأمريكي بول كروجمان وصف الرئيس اوباما بالمستسلم فيما وصفه محللون آخرون مايعني نهاية سياسية له. فكروجمان اعتبر صفقة رفع سقف الديون بأنها كارثة لأوباما وللديمقراطيين كما أنها ستلحق أضرارا بالاقتصاد الأمريكي الذي يمر بمرحلة انكماش كما أن الاتفاق سيجعل امريكا تواجه أكبر عجز مالي علي المدي البعيد كما أنه يقود أمريكا الي ان تخطو خطوات نحو التحول لاحدي جمهوريات الموز فخفض الانفاق سوف لن يساعد الاقتصاد الأمريكي في تخطي أزمته الحالية فخفض الانفاق مع انخفاض أسعار الفائدة لن يقلل كثيرا من التكاليف الكبيرة التي يتحملها الأمريكيون لانخفاض سعر الفائدة. فالكساد الاقتصادي الذي تعرضت له الولاياتالمتحدة منذ3 عقود والذي جاء عقب ازمة طاحنة ينذر بالعودة مرة اخري مكررا الأزمة العالمية التي شهدها العالم عام2007 فالتهديدات التي تعرضت له امريكا بالافلاس منذ أسبوعين بعد التعثر في التوصل لاتفاق الديون ورفع السقف قد قوض الآمال في حدوث انتعاش أكثر مما يعتقده المحللون. وأصبح الكساد المضاعف هو التفسير الأمثل لما تشهده اقتصاديات الدول الكبري ومنها أمريكا. وقالت صحيفة الجارديان إن مايعرف بالكساد العظيم والكبير قد هز الولاياتالمتحدة ولم يؤد الاتفاق السياسي والذي توصل اليه الجمهوريون والديموقراطيون مدفوعا بالحوافز الاقتصادية في وقف مسيرة هذا الكساد ووضع نهاية له. لكن الكساد الكبير الثاني الذي بدأ العالم ينغمس فيه منذ أيام قد أثار ردود فعل كبيرة بشكل مختلف عن كل أزمة اقتصادية أو مختلف عن الكساد الكبير الأول والآن يخوض الزعماء السياسيون الأمريكيون صراعا حامي الوطيس لخفض الانفاق العام بعد شهور طويلة من الصراع توصلوا الي قانون لرفع سقف الدين وضغط الانفاق بشكل كبير خلال السنوات العشر المقبلة.. وقالت الجارديان ان هذه بداية الكساد الجديد حيث يحمل مؤشرات ونذر كساد1980 و1981 1982. وقد بدأ الكساد الكبير الأول بسحب كبير ومفاجئ للقروض ويتوازي الانتعاش مع استعادة الزخم الائتماني وعودة هذه القروض لتضخ مرة أخري في الاقتصاد. وبرز الكساد الثاني مع ضعف السياسات الحكومية وفشلها في مواجهة التدهور والتراجع الاقتصادي ثم جاءت الحاجة بمكافحة التضخم كطريق سهل ومستحيل لنجاح السياسات النقدية واليوم تبدو الحاجة لخفض الانفاق العام كسياسة مستحيلة لتحقيق النجاح النقدي. ثم كان الانهيار الائتماني في عام2008 والذي تحول لرعب عالمي بعد فشل بنك ليهام براذر في سبتمبر2008 في مواجهة طلبات المقترضين مما قاد لانهيار كبير وافلاس البنك وبنوك أمريكية وأوروبية مثل البريطاني نورثون روكس ودفع الدول الكبري لسياسات تحفيز وانقاذ وتعرضت حركة التجارة العالمية لأكبر تراجع منذ كساد الثلاثينيات في القرن الماضي.