لم تكن القضايا الخمس التي سقط فيها سليمان رادعة له حتي يكف عن ممارساته الإجرامية التي كانت حديث أهل قريته بمركز إدفو في أسوان, ولكن علي العكس أصر علي مواصلة طريقه بحثا عن ثراء سريع يحلم به. كان تفكير سليمان هو جمع أكبر قدر من المال الحرام حتي يثبت لأهله وأقرانه الذين نبذوه واستنكروا أفعاله أن لغة المال والثراء قادرة علي أن تكون سببا في أن يعمل له الجميع ألف حساب, فسار علي درب الشيطان بعد أن كان هو الطفل المدلل وسط عائلته. وكعادة أهل القري, نشأ سليمان في بيئة طيبة خصبة لأب بسيط يعمل في مجال الزراعة, فكان أبوه يصطحبه كل صباح إلي المزارع لعله يتقن فنون هذه المهنة التي ورثها أبا عن جد, وعندما بلغ الطفل الصغير سن السادسة من عمره التحق بإحدي المدارس الابتدائية ولكن لم يكن مغرما بالتعليم مما دفع والده إلي الاستجابة لرغبته علي أمل أن يخلفه في مهنته كمزارع محترف لدي كبار ملاك الأراضي الزراعية, وبمرور السنوات كبر الطفل الصغير وأصبح شابا يافعا تغلغلت فيه نار الغيرة كلما رأي أقرانه من أبناء الأثرياء يرتدون أفخر الثياب بينما هو محلك سر لا يملك شيئا. ظل حلم الثراء السريع يداعب جفون سليمان كل ليلة, وعاش فترة من الزمن ناقما علي الحياة, حتي جلس ذات يوم مع أحد أصدقائه شاركه الرأي والعقيدة الراسخة في ذهنه بأن مشوار المليون جنيه يبدأ بسيجارة بانجو, وبالفعل استجاب الشاب الصغير لنصيحة هذا الشيطان ولبي نداءه سريعا بلا تردد, فكانت هذه السيجارة المحشوة بالدخان الأزرق بداية الانحراف الحقيقي لسليمان بعد أن أدمن المخدرات وأصبح لزاما عليه أن ينضم إلي مملكة أباليس البانجو حتي يدبر ملذاته من الكيف. عمل سليمان مع تجار الكيف كوجه جديد غير مألوف لدي رجال المباحث لتوصيل طلبات المدمنين ديلفري وبعدما عرف أصول هذه التجارة المحرمة ودهاليزها وبدأ في التحرر من قيود شياطين البانجو واتجه نحو الاستقلال بنفسه معتمدا علي علاقاته التي اكتسبها في عالم الإدمان, حتي ذاع صيته جعلته في دائرة المطلوبين أمنيا. ومع جهود رجال مباحث مركز إدفو, سقط سليمان في براثن5 قضايا ما بين نشل ومخدرات قضي بسببها أياما خلف القضبان قبل إخلاء سبيله علي ذمة محاكمته قضائيا فيما بعد, ورغم أن هذه القضايا كانت جرس إنذار له, إلا أنه وبعد فترة من الهدوء والمهادنة, عاد مجددا لتجارة البانجو, وهو ما دلت عليه التحريات المكثفة التي أكدت أن سليمان لا يزال يمضي في طريق الإجرام, خاصة وأن العيون كانت ترقب خطوات المدمنين الذين يقصدونه كل ليلة من خلال الاتصالات الهاتفية التي كان يحدد من خلالها مكانه في سرية تامة خوفا من رجال المباحث. وبعد تتبع خطواته والوصول إلي المعلومات المؤكدة التي دلت علي اتخاذه أحد نجوع القري القريبة من محيط مدينة إدفو وكرا لممارسة نشاطه المجرم, قام رجال المباحث بوضع المعلومات أمام اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية الذي رفعها بدوره إلي اللواء نائل رشاد مساعد وزير الداخلية ومدير الأمن, حيث أمر سرعة ضبطه. وفي كمين سري أعده ضباط مباحث المركز, تمت مداهمة وكر نجع سليمان, ليسقط الواهم في حلم الثراء متلبسا بسلاح ناري عبارة عن بندقية خرطوش وكمية من البانجو كان يتأهب لتوزيعها علي المدمنين, وتم اقتياده إلي ديوان المركز وتحريز المضبوطات وتحرير المحضر اللازم وإحالة المتهم إلي النيابة العامة التي تولت التحقيق.