إنه دليل آخر علي أن الموهبة ليست كل شيء, ان العقل الواعي قد يجلب لصاحبه نجاحا اضعاف اضعاف نجاح أصحاب الكفاءة والإبداع. وكان حظ الفنان فريد شوقي كبيرا في بداية حياته, ليس لأنه التحق بأول دفعة في المعهد العالي للتمثيل, ولا لأنه حصل علي فرصته في وقت مبكر, وإنما لأنه التقي في بداية مشواره بالنجم أنور وجدي. كان أنور وجدي كنزا من الخبرة خصوصا في الانتاج, وكان أول الدروس هو تعامله مع فريد شوقي نفسه, ففي الوقت الذي وصل فيه أجر الملك إلي300 جنيه, كان يعمل مع وجدي بخمسين جنيها فقط, نظير عقد مبرم بينهما لعدة سنوات. في مرحلة أنور وجدي لعب فريد شوقي دور الشرير ذي الحاجب المرتفع, مع قليل من النذالة( الكثير في الواقع) ورغم نجاحه العشريض في هذا الكاراكتر فإ ذكاءه الفني جعله ينتقل للنقيض, ومع بدايات الخمسينيات أصبح هو الطيب الذي يحارب الاشرار( زكي رستم, ومحمود المليجي, وتوفيق الدقن) ومن فرط رغبته في تأكيد التحول من الشرير إلي الطيب اعاد انتاج فيلم أمير الانتقام(1950 إخراج بركات), والذي كان يلعب فيه دور احد الاشرار الثلاثة الذين اوقعوا بحسن الهلالي, فقدمه كما هو باسم أمير الدهاء, وإخراج بركات ايضا, ولكن يلعب هو دور حسن الهلالي. ويدين فريد شوقي لمرحلة الخمسينيات واوائل الستينيات بمجده الفني والأدبي, فهي الفترة التي قدم فيها ملاحمه الأبرز رصيف نمرة خمسة والفتوة وجعلوني مجرما وغيرها من الأفلام التي رشحته لنيل ألقاب ملك الترسو ووحش الشاشة والملك وغيرها من الألقاب. في هذه الفترة كلفه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بانتاج فيلم عن بورسعيد وصدها للعدوان الثلاثي الغاشم( هذا هو اسمه بالكامل) فكان فيلم بورسعيد ولم يحدث في تاريخ السينما العالمية او العربية, ان عرض فيلم روائي عن احدي الحروب القصيرة التي شهدها العالم الحديث, بعد نهاية هذه الحرب بسبعة أشهر فقط غير هذا الفيلم, وهو من إخراج عزالدين ذو الفقار وعرض في8 يوليو عام1957 بسينما ريفولي اي بعد جلاء العدوان الثلاثي عن مصر في23 ديسمبر1956 بأقل من7 أشهر, وقد صورت مشاهد الفيلم الخارجية في اماكنها الطبيعية في مدينة بورسعيد الباسلة سواء في وقت العدوان او عقب الانسحاب كما كانت مشاهده الداخلية في ستوديو مصر, وكان الفيلم سكوب اسود وابيض ومدة عرضه علي الشاشة130 دقيقة, الفيلم تم بإشراف وربما بتكليف مباشر من رأس الدولة حيث اجتمع جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وأنور السادات ب فريد شوقي حيث تم الاتفاق علي صناعة الفيلم, وربما لهذا لم تستطع الضرائب تحصيل ما لديها علي الفيلم.