لا ننكر أننا نعيش أزمة حقيقية في القيم, وهي واضحة السمات, وتعمل كل المؤسسات التربوية والإعلامية علي توجيه الناس إلي منظومة القيم التي تعد أساس التعايش بين الناس, فكثرة متطلبات الحياة, وطغيان المادة علي ما حولها أدي إلي مشاكل اجتماعية خطيرة , ولن يتجاوز الإنسان هذه المشاكل ويعيش في وئام مع مجتمعه إلا بالتربية علي التسامح والسلام الاجتماعي.إن ثقافة التسامح فضيلة إنسانية إسلامية حث عليها الدين الإسلامي وغرسها في نفوس وضمائر البشر من أجل التخلي عن المشاكل الاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية كالكراهية والحقد والضرب والعنف والقلق التي تترك آثارا مهمه في حياة الأفراد داخل المجتمع. لقوله تعالي خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين( سور الأعراف199), ويعد خلق التسامح من أهم القيم الإنسانية الحياتية إذ يعزز احترام الفرد لذاته وارتباطه بالآخرين, كما ينظر إلي التسامح مجتمعيا علي أنه تشريع ذاتي مستحق; يضمن تحصيل الحقوق وأداء الواجبات ليخلق مجتمعا متراحما ملتحما. وقد تميز الإسلام بقيمة التسامح حتي جعلها سمته البارزة, ونظم هذه القيمة بما يتوافق مع معناها الإنساني الشمولي, فقضي بضمان الحقوق أولا, ثم عمم العدل, ودعا إلي التراحم والتنازل عن الحقوق, والعفو عند القدرة, والعدل بما يملك كل فرد من قدرته وسلطته.ليرسخ الإسلام من خلال التسامح مبادئ الإخاء الإنساني, وينظم تعاملات الناس وتعايشهم بما يتناسب مع تنوع دياناتهم وأعراقهم وانتماءاتهم وألوانهم. فإن الإنسان لابد أن يكون صدره رحبا في قبول ثقافة وأفكار الآخر من أجل التوصل إلي الحقائق الفكرية والثقافية. والتخلي عن التعصب الديني والتميز العنصري الديني وذلك لأن الإسلام دين التسامح في العدل والمساواة. وتنمية روح المواطنة والديمقراطية بين الأفراد من أجل خلق وعي سالم بعيد عن مظاهر التخلف الاجتماعي الذي يرتكز علي ترسخ مبادئ الحقد والكراهية. ونبذ التعصب والتشدد في القرار والإجراءات الاجتماعيةوالسلام يبدأ في داخل كل الإنسان قبل أن يصبح ممارسة مع الآخرين. وبالتالي لا يمكن أن تنشأ حضارة سلام وتقدم ورقي إلا بتربية الأجيال وتنشئتهم علي قيم كونية وروحية تتمثل في ثقافة السلام والتسامح ونبذ ثقافة العنف بكافة أشكاله.وعليه نجد أن قيم ثقافة التسامح والسلام تعمل علي مساعدة الفرد في تحمله للمسئولية من أجل الوقوف في وجه مشاكل الحياة إذ إنها تنمي مشاعر الإحساس الاجتماعي بالمجتمع.