تسيطر القضايا الإنسانية علي موضوعات أفلام الدورة الثانية من مهرجان الجونة السينمائي, والتي تختتم يوم الجمعة المقبل, خاصة الأفلام المعروضة في قسم الاختيار الرسمي خارج المسابقة, ومنها الفيلم الدنماركي البديع المذنب, الحاصل علي جائزة الجمهور في الدورة الأخيرة لكل من مهرجاني صندانس وروتردام, ويقوم ببطولته جاكوب سيدرجرين, وجيسيكا ديناج, من إخراج جوستاف موللر, وهو يتمتع ببناء سينمائي فريد. حيث يركز طوال مدة عرضه علي شخصية واحدة فقط هي ضابط شرطة يتلقي اتصالات النجدة في ليلة عمل عادية, ولا يكترث كثيرا بالمكالمات التي يتلقاها, حتي تنقلب الأمور ويتلقي اتصالا من امرأة تتعرض للخطف.. واللافت أنه لا يتعاطف معها- بمرور الوقت- فقط, بل يكتشف من خلال اتصالاته بها أنه كان مذنبا في واقعة معينة في حياته, ويضطر للاعتراف بما كان ينكره. ومنها أيضا الفيلم البولندي الجميل حرب باردة, الفائز بجائزة أفضل إخراج من كان لباول باولكوسكي, وتدور أحداثه في أوروبا منتصف القرن الماضي, حيث يتتبع العلاقة العاصفة بين عازف البيانو فيكتور( توماز كوت) والمغنية والراقصة زولا( جوانا كوليج), وهما بولنديان يتنقلان ذهابا وإيابا من وإلي باريس عبر الستار الحديدي, في قصيدة شجية عن عاشقين لا يستطيعان البقاء متباعدين, ولكن في بعض الأحيان لا يمكن أن يتحمل أحدهما الآخر. ومن إيطاليا فيلم دوجمان, الذي فاز بطله مارشيلو فونتي بجائزة أفضل ممثل في كان, وحضر عرض الفيلم في الجونة, وهو من إخراج الكبير ماتيو جاروني, ويستند إلي وقائع حقيقية حول مربي كلاب ضعيف ورقيق الحال يجد نفسه متورطا في عالم الجريمة بسبب سيموني البلطجي الذي يدعي صداقته, ويدخل السجن, ويتحول من إنسان مسالم إلي شخص تملؤه مشاعر الانتقام من أجل استعادة كرامته.. والفيلم الإيطالي أيضا سعداء مثل لازارو, الحاصل علي جائزة أفضل سيناريو في كان, وتدور أحداثه حول شاب ساذج طيب القلب يدعي لازارو يتعرض للاستغلال من قبل المحيطين به, الذين بدورهم يتعرضون للاستغلال والعبودية من سيدة تمتلك مزرعة. وهناك بالطبع الفيلم الياباني سارقو المتاجر, الفائز بسعفة مهرجان كان الذهبية في دورته لهذا العام, وهو من إخراج وتأليف هيروكازو كوريدا, وبطولة ليلي فرانكي, وكيرين كيكي, وسوزوكي اكيماستو. ويدور حول ازدواجية أن تكون لصا وأن تتمتع- في الوقت نفسه- بمشاعر إنسانية مثل العطف والحنان والإحساس بالمسئولية من خلال عائلة فقيرة تعيش في أحد أحياء مدينة طوكيو ويسرق أفرادها المحال التجارية من أجل توفير الطعام والبقاء علي قيد الحياة, وفجأة يعثرون علي طفلة في الشارع يتعاطفون معها ويتعهدون برعايتها رغم فقرهم. وحول قضية الهوية عرض خارج المسابقة الفيلم الكوميدي البولندي وجه, الفائز بالدب الفضي( جائزة لجنة التحكيم الخاصة) من مهرجان برلين الأخير, وهو من إخراج مالجورزاتا سزوموسكا التي شاركت في تأليفه أيضا, ويدور حول رجل يتعرض لإصابة أثناء عمله ويخضع لعملية زرع وجه, لكنه يمر بالعديد من الأزمات التي تتعلق بهويته عقب العملية الجراحية.. ومن المتوجين في برلين أيضا: فيلم الوريثتان, من إخراج مارشيلو مارتنيزي, والذي فازت بطلته آنا براون بجائزة أفضل ممثلة في المهرجان العريق, عن دور تشيلا المسنة المثلية التي تعيش مع صديقتها تشيكويتا في منزل فخم تديره الصديقة منذ30 عاما, والاثنتان تنحدران من عائلات ثرية في باراجواي, لكنهما تتعرضان لأزمة مالية شديدة, وتضطران لبيع ما تمتلكانه.