ضرب رقما قياسيا في عدد الجرائم التي ارتكبها ربما كانت تؤهله لدخول موسوعة جينيس للإجرام إذ مثل أمام جهات التحقيق بأسوان في أكثر من39 قضية رغم أنه لم يتجاوز الثامنة والعشرين من العمر! في إحدي قري القطاع الأوسط; هناك في مركز كوم أمبو الذي يضم أجناسا شتي من كافة محافظات الصعيد الذين جاءوا إلي المدينة للإقامة والعمل في زراعات القصب ومصنع السكر العتيق, خرج إبراهيم إلي الحياة حاملا صك الإجرام فمنذ نعومة أظافره كانت جيناته الوراثية توحي بأن قريته الهادئة علي موعد مع ميلاد نجم جديد في عالم الإجرام حيث كان دائم التعدي علي أقرانه الصغار الأبرياء بلا سبب, وعلي الرغم من المشكلات التي كان يسببها لأبيه إلا أن الأخير دائما ما كان يصبر نفسه قائلا بأنها مرحلة شقاوة أطفال وسرعان ما ستنتهي دون أن يدري بأن من شب علي شيء حتما سيشيب عليه. ومع بلوغ الطفل سن التعليم الإلزامي ألحقه أبوه بإحدي المدارس الابتدائية, وكأنه أراد أن يصدر لها شقي كل همه هو الإيذاء والضرر بزملائه حتي ضاق أساتذته من المعلمين من أفعاله وقاموا باستدعاء ولي أمره في أكثر من مناسبة كانت نتيجتها صفرا كبيرا وجاءت أول البشائر لوالده بعد أن حصل إبراهيم علي الشهادة الابتدائية حيث اكتفي بهذا القدر من التعليم مفضلا أن يعمل في أي حرفة حرة تحقق طموحه في الثراء; ليصطدم الأب المكلوم بواقع مرير لم يستطع تحمله بمفرده فلجأ إلي أشقائه وأصدقائه لعلهم يفلحون في تقويمه وتصحيح أفكاره لكنه رفض كل النصائح. ومع مرور السنوات دخل إبراهيم في مرحلة المراهقة وعنفوان الشباب ولم يصن النعمة التي منحها الله له من بسطة في الجسد وقوة في العضلات المفتولة, إلا أنه وضع دستور الشيطان مبدأ له حتي إنه من شدة ولعه وعشقه لفيلم المشبوه الشهير أطلق علي نفسه لقب أفيونة, الشخصية التي جسدها في الفيلم الفنان الراحل فؤاد أحمد. بعد أن ذاع صيت أفيونة وأثناء فترة الانفلات الأمني التي مرت بها البلاد بسبب ظروف وتوابع ثورة يناير, توهج إبراهيم شرا في عالم الإجرام ومع تولي اللواء نائل رشاد مساعد وزير الداخلية مهمته كمدير لأمن أسوان كانت أهم توجيهاته لمساعديه تشدد علي ضبط جميع الخارجين علي القانون في مراكز المحافظة وخاصة مركز كوم أمبو الذي دائما ما يسجل أعلي نسبة في عدد المطلوبين ومن هذا المنطلق تولي اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية بالمديرية دراسة هذا الملف الذي من شأنه أن يعيد الانضباط والسلم الاجتماعي إلي الشارع الأسواني. كان ملف هذا الشاب السابق ضبطه في39 قضية متنوعة علي رأس أجندة مهام الحملات المشددة التي يشنها رجال المباحث علي بؤر المجرمين كل يوم في أسوان, حيث تعهد المقدم صالح عبد الحليم رئيس مباحث مركز كوم أمبو بسرعة ضبطه ومثوله أمام القضاء من خلال تضيق الخناق علي الزراعات والأماكن التي يلجأ للاختفاء داخلها هربا من الملاحقات الأمنية وبعد التحريات المكثفة التي أجراها الرائد محمد الجزار معاون مباحث المركز, توصلت معلومات رجال الشرطة السريين إلي عزم إبراهيم أفيونة علي ترويج صفقة أفيون أبرزها مؤخرا بمحيط المركز تأهبا منه لترويجها علي عملائه من مدمني السموم البيضاء. وفي التوقيت المحدد بناء علي خطة محكمة ودقيقة وضعها مدير المباحث الجنائية, تحركت قوة من مباحث مركز كوم أمبو بمشاركة رجال مباحث المديرية, وفوجئ أفيونة برجال الأمن وهم يلقون القبض عليه وبحيازته الأفيون وبندقية آلية لزوم الدفاع عن النفس, حيث تم اقتياده إلي ديوان مركز كوم أمبو لتحرير المحضر اللازم ودموع الندم تزرف من عينيه وسط فرحة شديدة من الأهالي الذين عاد لهم الأمن والأمان مجددا في القرية الهادئة.