تبدو منطقة الشرق الأوسط مقبلة علي تغييرات هيكلية في بنيتها السياسية خلال الأشهر المقبلة فبعيدا عن الثورات التي لا أحد يستطيع أن يتكهن بمآلاتها في سوريا واليمن وليبيا يواجهلبنان تداعيات صدور قرار الاتهام في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابقرفيق الحريري ولاسيما في ظل الموقف المتشدد للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي رفض أي امكانية لتسليم المتهمين إلي المحكمة الدولية الخاصة بلبنانوهوما أثار استياء المعارضة الممثلة في قوي14آذار كما أعاد اصطفاف اللبنانيين إلي معسكرين أحدهما داعم بقوة للمحكمة والآخر معارض لها ويعتبرها نوعا من الوصاية علي لبنان. وغير بعيد عن لبنان يمر العراق بمفترق طرق مع اقتراب انسحاب القوات الأمريكيةالغازية إيذانا بفشل المشروع الأمريكي في العراق مثلما حدث في أفغانستان ورغم أن الوجود العسكري الأمريكي يفترض أن ينتهي بنهاية العام الحالي تطبيقا للاتفاقية الأمنية التي وقعها بوش الإبن مع نوري المالكي إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن الطرفين ذاهبان إلي توقيع اتفاقية جديدة تسمح ببقاء بعض القوات الأمريكية لضمان الأمن بالعراق عقب سحب نحو48 ألف جندي ولاسيما في ظل فشل تقاسم السلطة بين المالكي واياد علاوي رئيس القائمة العراقية وصاحب الأغلبية في الجمعية الوطنية العراقية ويكفي أن مجلس السياسات المفترض أن يرأسه علاوي لايزال حبرا علي ورق كما أن العلاقات بين المالكي وعلاوي في أسوأ حالاتها مما يعني أن الحكومة التي خرجت إلي النور بتأثير الضغوط الأمريكية مهددة بالإنهيار وهو مالايخدم هدف الانسحاب الأمريكي. ومن المؤكد أن واشنطن لاترتاح إلي نهاية مغامرتها العسكرية في العراق وأفغانستان والتي صبت في صالح أعدي أعدائها أعني إيران حيث تخلصت من عدويها طالبان وصدام وباتت تطرح نفسها كقوة إقليمية يتعين أن يحسب حسابها علي مسرح الشرق الأوسط وهو ماعبرت عنه بتحدي قرارات مجلس الأمن بشأن وقف تخصيب اليورانيوم وتمسكها بحيازة برنامج مدني للطاقة النووية وهو ما لا ترتاح له إسرائيل القوة النووية في المنطقة والتي طالما ابتزت جيرانها مستندة علي قوة الردع النووية ولوحت غير مرة بضرب إيران لمنعها من حيازة السلاح النووي ومشاركتها هذه الورقة. وقد أخذ التصعيد بين واشنطن وإسرائيل من جانب وإيران من جانب آخر أشكالا جديدة الأسبوع الماضي فوزير الدفاع الأمريكي الجديد ليون بانيتا هدد خلال زيارته للعراق بالتحرك ضد طهران واتهمها بتسليح جماعات عراقية شيعية أما رئيس أركانه مايكل مولن فقال إن أي اتفاق لإبقاء القوات الأمريكية بعد نهاية العام الحالي في العراق يتعين أن يعالج هذه المشكلة. ولأن إيران تتحسب لضربة عسكرية منذ غزو العراق باعتبارها أحد أضلاع محور الشر للرئيس السابق بوش فإنها تضع يدها علي الزناد وتعكف علي تطوير قدراتها الدفاعية وفي هذا السياق جاءت مناورات الرسول الأعظم التي تجريها سنويا منذ2006 لاستعراض قوتها وترسانتها الصاروخية التي تطال إسرائيل والقوات والقواعد الأمريكية في المنطقة وقد كانت مناورات الرسول الأعظم السادسة التي اختتمت7 يوليو الحالي رسالة شديدة اللهجة لخصوم إيران مفادها أنهاقادرة علي إغلاق مضيق هرمز حيث اختبرت صواريخ أرض بحر لاترصدها الرادارات كما كشفت خلالها عن منصات صواريخ باليستية تحت الأرض جاهزة للإطلاق علي أهداف معدة سلفا وأكثر من هذا أعلنت إيران استعدادها لزيادة حضورها العسكري في المحيط الهندي عند مدخل مضيق هرمز للرد علي أيتهديد من المياه الدولية. وكان قائد القوات الجوية الإيرانية قد كشف عن اطلاق صاروخين باليستيين مدي كل منهما1900كيلومتر في فبراير الماضي من صحراء سمنان علي مشارف المحيط الهندي في المقابل ردت إسرائيل علي مناورات إيران بمناورات مضادة هي الأكبر في تاريخ الدولة العبرية حيث أجرت سلسلة مناورات' تحول'5 تضمنت تدريب قوات الأمن والجمهور علي هجمات عسكرية من كل الجبهات وتأتي هذه المناورات تطبيقا لتقرير لجنة فينوجراد الذي حمل الجيش المسئولية في إخفاق عدوان2006 علي لبنان كما هدفت إلي استعادة قوة الردع التي تراجعت عقب هزيمة2006 بلبنان وهزيمة2009 في غزة والأهم من ذلك أنها شملت اختبارا لخطط ضرب إيران. تري هل تتجه المنطقة نحو التصعيد عقب الانسحاب الأمريكي أم باتجاه التهدئة انتظارا لما ستسفر عنه مفاوضات تسوية أزمة البرنامج النووي الإيراني لأن أحد أسباب عدم ضرب إيران كان ولا يزال الوجود الأمريكي الكثيف في مرمي الأسلحة الإيرانية والمؤسف أن العرب يظل محكوما عليهم أن يكونوا بلا قرا ر في رسم مستقبل منطقتهم بعدما أسلموا قيادهم لأمريكا وإيران رغم أن أي تسوية أو مواجهة ستكون علي حسابهم.