أربعون عاما مضت من عمري نظرت فيها إلي ما مضي من شريط حياتي فوجدت فيها سنوات ضائعات, ووجدت عمري قد ذهب ولن يعود, وتذكرت أياما مضت من حياتي كنت فيها بالجهالة مجرما, فوقفت لحظات مع نفسي أحاسبها, فحاسبتها وأدبتها وأجبرتها أن تعود إلي الله تعالي وتتوب توبة حقيقية, فقد هزت كياني ومشاعري آية من آيات الله تقول(.... حتي إذآ بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين) الاحقاف الاية15 فقررت أن أحاسبها قبل أن يحاسبها الرحمن, أحاسبها أنا قبل أن توزن أعمالي في الميزان, وقد ذكرت الرحمن دون بقية أسمائه الحسني لأنه سبحانه أرحم بي من نفسي, نعم أحاسبها لأني تذكرت قول الله تعالي عندما أستلم كتابي يوم القيامة, أني سأقرأه وحدي بل وسيجعلني الله حسيبا علي نفسي كما قال سبحانه(..... وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا....(الاسراء الايه13 وإني لأعلم يقينا أن كل إنسان مسئول وحده عن تصرفاته وسيحاسب هو فقط عليها, بل إن الإنسان هو من يؤلف صحائف كتابه دون مساعدة من أحد فهو الذي يملي علي الكتبة رقيب وعتيد ما يريد أن يدونوه في كتابه الذي سيقرأه يوم القيامة, نعم أيها القاريء فأنت المؤلف, فهل ستحسن تأليف كتابك أم ستخرج أسوأ ما عندك, عند ذلك الحين علمت أني أسوء مؤلف فوقفت وقفة صدق مع نفسي استطعت من خلالها أن أري ما مضي من حياتي من خلال شريط الذكريات التي مر أمامي, وبدأت أتطلع إليها بدقة بالغة, أتدرون لماذا ؟ لأني ما أن تبت إلي الله تعالي التوبة الحقيقية, إلا وعفي الله عما مضي من حياتي, فإستطعت أن أري بريق الأمل وطوق النجاة, لذا أنا الآن أدعوكم ونفسي أن نفتح جميعا صفحة جديدة مع الله, نتصالح فيها مع أنفسنا ونعاهد الله فيها أن نفعل كل ما يرضيه عنا وما فيه الخير لنا, فقد قال عبد الله بن عمر( إن من ذكر خطيئة آلم بها فوجل منها قلبه محيت عنه في أم الكتاب) وإذا بي بعد هذا الحديث أجد دمعة قد انحدرت من عيني فقلت لها ما الذي أخرجك يا دمعتي, فقالت لي حرارة قلبك وشدة ندمك, فقلت لها أنا عبد نادم, أنا عبد تائب, أنا عبد راجع إلي الله, فقالت لي: لا تخاف يا عبد الله, آلم تسمع قوله تعالي( إنما التوبة علي الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب)النساء الآية.17 فاستبشر بعهدك مع الله فلقد عاهدت أن تفتح صفحة جديدة تؤلف فيها أحسن ما عندك وهذا عند الله مقبول, لأنه يا عبد الله(لتائب من الذنب كمن لا ذنب له