تهل علينا مواسم النفحات والطاعات والرحمات فبعد رمضان تأتي فريضة الحج هو الركن الخامس من اركان الإسلام فرضه علي كل مسلم حر بالغ عاقل مستطيع مرة في العمر ولذلك حضت الشريعة الإسلامية بان يسارع المستطيع الي أداء هذه الفريضة إبراء لذمته فإنه لا يدري ما يكون في مستقبله لقوله صلي الله عليه وسلم حجوا قبل ألا تحجوا. لكن المسلم اذا اراد ان يؤدي هذه الفريضة فينبغي عليه ان يتجهز لها وان يستعد لها الاستعداد الأمثل لحسن وقوعها حتي يحصل علي الثواب الجزيل الذي اخبر به النبي صلوات الله عليه حين قال والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. في البداية يقول الشيخ فكري اسماعيل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق يجب علي كل مسلم ومسلمة شاءت ارادة الله أن يكتب له حج بيته الحرام هذا العام أن يبدأ بالتوبة والعودة إلي الله وأن يرد المظالم لأهلها وأن يستعد للحج كأنه مقبل إلي ربه كما يجب عليه أن يهتم بتطهير نفسه من الذنوب والآثام كما كان يفعل السلف الصالح فقد كان الواحد منهم قبل ان يحج يذهب للمسجد ويطلب من المصلين العفو والمسامحة كما يجب ايضا علي من كتب له الحج أن يكون علي دراية بأحكام الحج حتي يستطيع أن يؤدي الفريضة في يسر وسهولة كما يجب ان يعلم الجميع أن موسم الحج هو موسم النقاء والصفاء فيبتعد كل حاج وحاجة عن القيل والقال والغيبة والنميمة وأن يستغلوا وجودهم في كثرة الصلاة في مسجد رسول الله والبيت الحرام كما يجب أن يعقد العزم حين يعود لوطنه علي ألا يعود إلي ماكان عليه ومن السنة أن يتسابق في فعل الخيرات قبل الحج وفي اثناء الحج. ويوضح اسماعيل ان من العادات السيئة التي لايقرها الدين في اثناء الوقوف بعرفة في الغيبة والاكل والشرب وتنعكس سلبيا علي قبول الحج لقوله صلي الله عليه وسلم من حج فلم يرفث ولم يفسق عاد من حجه كيوم ولدته أمه هذا بالنسبة لحق الله اما بالنسبة لحقوق العباد فلاتسقط إلا بعفو صاحب الحق عنها أو ردها ولايوجد في الاسلام سقوط الحقوق بالتقادم بل إن حق العباد مرهون إما برده أو بعفو صاحبه. ويضيف الدكتور حذيفة المسير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر ان الحج هو الركن الخامس من اركان الإسلام وهو فرض علي كل مسلم حر بالغ عاقل مستطيع فمن لم يكن قادرا علي اداء الحج ماليا او بدنيا او لسبب آخر فليس بواجب عليه وهذا الوجوب إنما يتأتي للمسلم القيام به اذا ادي الحج مرة واحدة في عمره وجاء توجيه الرسول صلي الله علية وسلم بان يسارع المستطيع الي اداء هذه الفريضة ابراء لذمته فإنه لا يدري ما يكون في مستقبله لقوله صلي الله عليه وسلم حجوا قبل ألا تحجوا يكون الفقر والمرض وتعرض الحاجة لكن المسلم اذا اراد ان يؤدي هذه الفريضة فينبغي عليه ان يتجهز لها وان يستعد الاستعداد الأمثل لحسن وقوعها حتي يحصل علي الثواب الجزيل الذي اخبر به النبي صلوات الله عليه حين قال والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ولو تأملنا توجيه القرآن الكريم لوجدنا ان الله تبارك وتعالي يطالب المسلم بالتزود بالتقوي قبل اداء الحج لقولة تعالي وتزودوا فإن خير الزاد التقوي والزاد هنا هو ما يأخذه المسافر قبل سفره ليستعين به علي قضاء حاجته ومعني ان الله يطالب المسلم بالتزود بالتقوي ان الواجب علي المسلم أن يسعي للوصول لهذه الدرجة قبل الشروع في اداء الحج لان الحج مرحلة ومرتبة بعد التقوي والتي هي ان يجعل المسلم بينه وبين عذاب الله وقاية بأن يستقيم علي الطاعة وأن يتجنب المعصية وان يراقب الله في حياته ومن هنا ينبغي علي كل من أراد ان يؤدي هذه الفريضة ان يلزم نفسه الطاعة وان يشرح صدره لما يحبه الله ورسوله وأن يطهر صحيفته من الذنوب والخطايا فلا يعقل ان يطلب الانسان مرتبة الحج وهو مصر علي المعصية ومجاهر بالمخالفة لأمر الله عز وجل. ويشدد المسير علي ضرورة التزود من المال الحلال فثواب الطاعة لا ينالها المسلم بطريق المعصية ابدا لماورد ان الرجل اذا خرج للحج ووضع رجله في الغرز أي في راحلته ونادي لبيك اللهم لبيك ولم يكن ماله من حلال ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام وراحلتك حرام وحجك مأزور غير مأجور وقوله صلي الله عليه وسلم ان الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده للسماء يارب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام وقد غزي بالحرام فأني يستجاب لذلك؟ فكل مال جمع من الحرام من غش وتدليس ورشوة وظلم واكل مال اليتامي وغير ذلك من المال الحرام فصاحبة لا ثواب له فإذا طهر كل مسلم ماله لقل بين المسلمين الظلم فينبغي علي الحاج ان يقلع عن المعصية ويندم عليها ويجأر إلي الله طالبا منه المغفرة فالمتأمل في شعائر الحج الذي يناجي به ربه لبيك اللهم لبيك يجد ان معني لبيك أي تلبية بعد تلبية وإجابة بعد اجابة وهو يعلم انما يستجيب لله عز وجل ولا يتصور ذلك من مصرعلي معصية أو مكابر في التوبة فإذا تأمل في دروس الحج لوجدها تشير إلي ان المسلم يتعلم ان علاقته بربه أسمي وأعلي من كل مافي هذه الدنيا فلايترك المال والولد والوطن والجاه والسلطان وتمايز الملابس إلا طمعا في ثواب الله عزوجل وبالتالي يتعلم أن حسن علاقته بربه والوصول إلي محبته عزوجل أمر ينبغي ان يسعي إليه فلا يوقفه أمر من لقوله تعاليما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون صدق الله العظيم ويوضح الدكتور عبدالله محيي الدين عزب وكيل كلية اصول الدين بجامعة الأزهر أنه يجب علي من قصد الحج أن يراعي عدة أمور أولها إخلاص النية لله تعالي في أداء الفريضة فلا يكون الحج حجه من أجل السمعة أو الشهرة فيدخل فيه الرياء فيرد عليه, روي ابن ماجه بسنده أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: أنا أغني الشركاء عن الشرك, فمن عمل لي عملا أشرك فيه غيري, فأنا منه بريء, وهو للذي أشرك. فالحج رحلة روحية ونفسية تسمو بنفس المؤمن وتعلمه الأخلاق الحميدة فيصبح مواطنا صالحا بأخلاقه ولذلك يجب علي من نوي الحج قبل خروجه أن يتخلي عن كل الأخلاق الذميمة كالأقوال المرذولة والفسق والفحش وقول الزور وكل ما يغضب الله تعالي ويتحلي بالأخلاق الكريمة قال تعالي{ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة لقوله صلي الله عليه وسلم من حج فلم يرفث, ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه أي عاد بلا ذنوب قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة, والعمرة إلي العمرة تكفر ما بينهما. ثانيا يجب علي الحاج أن يتحري المال الذي يحج به أن يكون حلالا لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب. ثالثا يجب علي الحاج قبل خروجه أن يتعلم فقه الحج فيعلم أنواع النسك وهي ثلاثة الإفراد والتمتع بالحج والعمرة, والقران بالحج والعمرة, وأفضلها التمتع, وكلها يجب فيها الهدي ما عدا الحج المفرد, ويعلم أن الهدي نوعان هدي شكران أي يشكر الله تعالي أن وفقه للتمتع بنسكين في سفر واحد وهذا يجب في حج التمتع والقران, وهدي جبران وهو لجبر من خالف وارتكب محذورا من محذورات الإحرام كلبس المخيط أو قص الشعر أو الأظافر قبل التحلل الأصغر وهذا في الأنواع الثلاثة, ويجب علي الحاج كذلك أن يعرف ميقات بلده وأن يتعلم محذورات الإحرام حتي يتجنبها لأن الوقوع فيها أو في بعضها يلزم منه هدي الجبران. والمتأمل في رحلة الحج يجد أنها رحلة ذكر وطاعة من أولها إلي آخرها وامتثال لأمره تعالي حتي ولو لم يفهم الحكمة من بعض المناسك فحجر يقبل وهو الحجر الأسود, وحجر يرمي وهي الجمرات الثلاث, والعبرة أن نقول سمعنا وأطعنا. أما أن الحج رحلة ذكر فالحاج يبدأ سفره بدعاء السفر فإذا أحرم من الميقات بدأ في التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك, وفي التلبية قمة الذكر لله تعالي لاشتمالها علي توحيد الله عز وجل ونفي الشرك والاعتراف بالحمد والنعمة, وهكذا يذكر الحاج ربه في جميع مناسك الحج في طوافه وسعيه وفي وقوفه بعرفة ومبيته بمزذلفة ومني كما قال تعالي( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين). وإذا أتم الحج حجه بهذه الطريقة وبهذا المنهج وهو ذكر الله والتضرع إليه وكان دائما بين مقامي الخوف والرجاء أي الخوف من عدم القبول والرجاء من الله تعالي القبول عاد من حجه مغفورا له ولمن دعا له