أيام قليلة مرت علي الذكري الثامنة لوفاة المخرج القدير محمد خان والذي تزامن معه صدور كتاب عن خطاباته التي ارسلها لصديق ورفيق عمره المصور الكبير سعيد الشيمي, والذي تحدث في حواره لالأهرام المسائي عن كواليس هذه الخطابات ورحلته مع صديق عمره ولماذا رفض نشر بعض هذه المراسلات, كما تحدث عن كواليس العلاقة بينهما, واللحظات الأخيرة في حياة خان والوصية التي أوصاها له لعملها بعد وفاته وغيرها من التفاصيل في الحوار التالي: أوصاني صديق عمري بعمل كتاب عن هذه المراسلات وتأخر صدورها لهذه الأسباب هناك خطابات لم أستطع نشرها لأنها شخصية.. وكان يأمل أن تخرج إلي النور انفصلت عنه فنيا لأن عملنا معا أضرنا.. والحريف بداية عمله الاحترافي بداية ما الذي دفعك لتقديم كتاب عن خطابات محمد خان لك؟ الحقيقة أن فكرة تقديم كتاب عن صديق عمري ليست صدفة, فكل واحد منا اختار طريقة, حيث درس خان في لندن, بينما درست في مصر, وهذه الخطابات استمرت فيما بيننا علي مدار20 عاما, كما أنها ليست خطابات عادية ولكن سينمائية يروي لي فيها تطورات السينما في لندن وما يشاهده والتقنيات المستخدمة وأراسله أيضا بما أشاهده في السينما, ويرسل لي مقالات أنشرها له, فهذه الصداقة ممتدة علي مدار عمرنا كله ومازالت محتفظا بمراسلاته, وقبل أن يتوفي بعام طلب مني أن يطلع علي المراسلات وكان حجمها كبيرا جدا لأنه كان يرسل في الشهر الواحد من3 إلي4 خطابات حيث كانت وسيلتنا للتواصل في فترة صعبة وكنا نستخدم أيضا شرائط الكاسيت ولذلك بعد وفاته بعام قمت بتفريغ كاسيت وقدمت كتابا صغيرا يحمل اسم قميص محمد خان الحريري حيث كان يرغب في عمل فيلم يحمل اسم قميص حرير وجمعية النقاد نشرت لي هذا الكتاب في ذكري ميلاده في26 أكتوبر أي بعد ذكري وفاته بثلاثة أشهر. وعندما أعطيت محمد خان المراسلات قالي لي ما تيجي نشوف من يكتب هذه المراسلات وكلمت الناقد محمود عبد الشكور وأخبرته أن بهذه المراسلات أشياء شخصية خاصة أن عمرنا كان وقتها16 عاما واستمرت معنا حتي20 عاما في عام1977, وبالفعل كنا متحمسين ولكن محمد خان انشغل ثم توفي بعد طلب المراسلات بسنة وقبل أن ننفذ أي شيء, وكان يأمل أن تخرج هذه المراسلات إلي النور لأنه تعب في حياته كثيرا. ما السبب في تأخر ظهور الكتاب حتي الذكري الثانية؟ لأنه كان من صعب أن يخرج إلي النور في الذكري الأولي, خاصة أن الكتاب استغرق وقتا كبيرا في الكتابة وهو من المفروض أن يكون جزءان إلا أننا قسمناه فيما بعد إلي3 أجزاء: الأول حمل اسم مشوار حياة والثاني' انتصار للسينما' والثالث' مصر للنخاع' وكلها الخطابات والتطورات التي حدثت حتي جاء إلي مصر وعمل بها والأحداث التي مر بها. وما الخطابات التي لم تستطع أن تدونها في خطابات محمد خان؟ بالتأكيد هناك أشياء لم أستطع تدوينها في الكتاب, وهي الخطابات الخاصة في حياة محمد خان وخاصة أن عمره كان صغيرا وكان يحكي عن تجاربه الشخصية في لندن لنستفيد منها وعلاقته بمن حوله حتي علاقة الحب مع البنات خاصة أن المجتمع في لندن مختلف عن المجتمع في مصر وأوقات كان يدخل تجارب حتي يتعلم منها, ولكن ما يهم في هذه الخطابات أن نذكر أن خان قاسي كثيرا في حياته حتي يصل لما يريد. كيف كانت عودة خان إلي مصر؟ في عام1959 قرروا إنشاء معهد السينما وكانت فرصة لنا, وبعدها حدث تأميم للسينما وأنشأوا شركتين للإنتاج المحلي إحداهما لصلاح أبو سيف والثانية إنتاج مشترك وقرأت إعلانا في الأهرام يطلبون شبابا من دارسي السينما للعمل فأرسلت له خطابا مسجلا بعلم الوصول أخبره بالوظيفة وأطلب منه العودة لمصر وبالفعل عين في الشركة بلجنة القراءة وكان زملاؤه رأفت الميهي, ومصطفي محرم, وهاشم النحاس, وأحمد راشد وغيرهم من جيل العظماء, ووقتها كان محمد خان يشعر بسعادة غامرة نتيجة لعمله في السينما وبدأ يحقق أحلامه بدخول المجال ولكن بعد6 أشهر أصيب والده بأزمة قلبية ونقل للمستشفي فسافر للوقوف مع والده في أزمته الصحية والمادية ايضا وبعد استقرار الوضع عاد لمصر, ولكن فوجئ بقرار عمل الأجنبي في القطاع العام بشرط أن يكون خبيرا عام1946 ولكن خان كان عمره وقتها كان22 سنة وهو ما أحزنه للغاية ولذلك محمد تعرض للكثير من الأزمات الصعبة في حياته. ماذا حدث بعد ذلك؟ اقترح عليه صلاح أبو سيف الذهاب إلي بيروت بعد سفر عدد من المصريين للعمل هناك وأعطاه أرقام عدد من المصريين هناك ولكن محمد خان تعب كثيرا في بيروت ماديا وفنيا ومعنويا وكانت أسوأ أيام حياته, وبعدها عاد إلي لندن وعاش فيها وفي1972 قدم فيلم البطيخة مدته10 دقائق وكان الدافع لعمله هو ضرورة عمل خان في السينما أنا كنت ممانعا من عودة محمد خان لمصر لأن الظروف وقتها لم تكن سهلة ورغم أنني وأصدقائي من خريجي معهد سينما ولكن الظروف كانت صعبة علينا عام1977 ولكن محمد أصر علي عودته لمصر وأرسل لي خطابا قال لي فيه مازحا سيادتك قاعد تأكل في الخروف المشوي وأعطيتني رغيف أشم ريحته من بعيد, فقلت له المغامرة غير محسوبة وكانت نادية شكري تقنعه بالعودة لمصر, بينما كان اعتراضي أنه لن يجد منتجين ينفذون أفكاره التي أعتبرها لا تصلح إلا في أوروبا فقط, وعاد ليقدم قميص حرير وهو يحكي عن صراع بين صحفي وماسح أحذية فقلت له مستحيل أن يقبل أي منتج تقديم هذا الفيلم الذي يصلح فقط في أوروبا, واقترحت أن يقدم القصة التي أرسلها لي عن صحفي يدعي شمس ويتعرض للكثير من المواقف والفيلم فيه أكشن وأعرف أن الأكشن يمشي في مصر, وكان من المفترض أن يكتبه رأفت الميهي ولكنه اعتذر ورشح فايز غالي وكانت إمكانياتنا المادية محدودة واقترحنا أن يقوم بطل بتقديم الفيلم وينتجه لأن الفيلم تجاري ولابد أن نعترف أننا نقدم أفلاما للسينما التجارية, وفكرت في نور الشريف لأنه يشجع المواهب الجديدة وقابلناه وبالفعل تحمس للفيلم رغم أننا أخبرناه بجرأة شديدة أننا سننتج الفيلم من فلوسنا ووقتها لم نكن نمتلك شيئا من الأموال فقال لنا اسمحوا لي أن أنتجه فوافقنا علي الفور, وكان أول فيلم يصور كله في الشارع, وبعدها بفترة عرفت من محمد خان أن نور الشريف كان معترضا علي تصويري الفيلم لأنه لم يكن يعرفني جيدا واقترح علي خان مدير تصوير آخر, ولكن خان تمسك بي, وأفصح لي عن هذا السر بعدها بفترة طويلة وصرنا أنا ونور الشريف بعدها أصدقاء. ما الوصية التي أخبرك بها محمد خان قبل وفاته؟ هناك وصية لم يقلها لي وهي أن أقدم كتابا يخلد اسمه عن هذه المراسلات ولذلك طلبت الخطابات من أبنائه وعندما قرأتها شعرت أن محمد لم يمت ومازال حيا فكانت مرحلة نفسية صعبة جدا تذكرت فيها كل الذكريات التي عشناها, وبدأت احذف الأشياء العائلية والخاصة الموجودة في هذه الخطابات وأعرف أن خروج هذا الكتاب تأخر كثيرا. قدمت مع خان الكثير من الأفلام ولكن انفصلتما بعد ذلك فما السبب؟ يعتبر فيلم' الحريف' بداية انفصالي الفني مع محمد خان وكان لصالحنا سويا واعتبر أن هذا الانفصال إيجابي لأن عملنا سويا أضرنا فأنا من وجهه نظري أن أول أفلام محمد خان هو الحريف لينطلق بعدها في السينما ويقدم عددا من الأفلام الجميلة, كانت نقطة الخلاف بيني وبينه أنني واقعي وهو خيالي وكنت أقول له أنت مجنون وأنا لا أحب جنانك, وبدأ الناس يرددون أننا لابد أن نعمل سويا ووقتها محمد خان دخل فيلم مشوار عمر لفاروق الفيشاوي ولم يعجبني هذا الفيلم وكنت غير راض عنه وكنت أتحدث معه بصراحة عن الأعمال التي لا تعجبني وقلت له لابد ألا نعمل سويا مع بعض رغم أننا قدمنا سويا6 أفلام. كيف كانت اللحظات الأخيرة في حياته؟ للأسف تعب كثيرا في الفترة الأخيرة من حياته وكانت المشكلة الرئيسية بيني وبينه أنه شره في التدخين والأكل وهو ما أثر علي صحته كثيرا وتعرض لأزمة علي إثرها وقع وحدث له ضرر في عظام الحوض استدعت العلاج الطبيعي وكنت اذهب معه باستمرار إلي الطبيب. والمثير للدهشة أنني شعرت بأنه يودعنا قبل وفاته بعام عندما أصيب بأزمة صحية, ووجدته يوم20 يوليو قبل وفاته ب6 أيام يقول لي' عاوز أخرج زهقت من قعدة البيت' وبالفعل ذهبت إليه وخرجنا وفي نفس اليوم ليلا عرفته من بيته أنه تعب للغاية ولكنه رفض الذهاب لأي طبيب لأنه يتابع مع طبيب بعينه وانتظر حتي عودته وفي هذا التوقبت تدهورت صحته, وفي يوم25 كنت أجلس معه وأثناء خروجي قال لي جملة لم اسمعها ولكن أخبرتني بها زوجته بعد وفاته حيث وافته المنية في اليوم التالي في فجر يوم26 يوليو وكانت هذه الجملة هي الوداع يا سعيد, وأيضا هو كان يشعر بقرب أجله لأنه قال لي قبلها بيوم في24 يوليو أنا بروح في منطقة مظلمة وأعود للحياة مرة أخري ووقتها قلت له مازحا أنت هتألف زي ما كنت بتألف كتب زمان. قال البعض إنهم كانوا علي تواصل معه قبل وفاته ما صحة ذلك؟ لم يكن يزوره أحد في أيامه الأخيرة سوي أربعة هم أنا وزوجته وابناه, وكنت حزينا أنه لم يحضر أحد لحظة تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومع ذلك أهدت إدارة المهرجان الدورة لروحه.