دون الشاب حمادة اسمه في سجل العاطلين بعد أن دفع فاتورة تسربه من التعليم, علي عكس أولاد قريته الصغيرة في مركز كوم أمبو بأسوان التي خرج منها رجال وشباب تقلدوا مناصب مرموقة; فكان نبتا شيطانيا لا بد من اقتلاعه من جذوره. يقول دفتر أحوال حياة حمادة إنه عاش مرحلة طفولة مدللة من أسرته, إلا أن جينات الطفل كانت مختلفة تمام الاختلاف عن أشقائه وأقاربه, فكان دائما ما يختلق المشاكل والمشاجرات مع أقرانه حتي عندما أصر أبوه العامل البسيط علي أن يلحقه بالمدرسة الابتدائية القريبة من قريته هجرها وأصر علي أن يمضي في طريق الشقاوة التي اعتبرها أبوه مرحلة وستنتهي. ظل حمادة بعيدا عن أسرته وهو في مرحلة المراهقة فتلقفته شلة من أصدقاء السوء وضعته علي طريق التدخين الذي سرعان ما تحول من تبغ عادي إلي سجائر محشوة بطلقات البانجو, فغاب حمادة كثيرا عن الوعي وفشلت محاولات أبيه المجددة في تقويمه. استمرت الظروف تعاند حمادة الذي ضاقت به الدنيا بما رحبت, فلم يجد أمامه سوي التنوع في جرائمه حتي سقط ذات مرة بين قبضة رجال المباحث الذين وضعوه في خانة المسجلين, ورغم سقوطه إلا أنه لم يتعلم الدرس القاسي ولم يحمد ربه علي نجاته من هذه القضية واختفي تماما عن الأنظار لفترة ثم عاد مجددا لنشاطه الذي لم يكن بعيدا عن رقابة أعن رجال الأمن. ومع تعدد البلاغات التي تلقاها مأمور مركز نصر النوبة بشأن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في بعض القري, بسبب قيام بعض الأشرار بسرقة كابلات الكهرباء من أبراج الضغط العالي بمنطقة مشروع وادي النقرة ومحيطه بصحراء مدينة كوم أمبو الشرقية, تم إخطار اللواء فتح الله حسني مساعد وزير الداخلية لأمن أسوان الذي وجه العميد أسامة حلمي مدير المباحث الجنائية بالمديرية إلي سرعة الكشف عن غموض هذه البلاغات وضبط مرتكبي سرقة الكابلات. أجري رجال مباحث مركز كوم أمبو التحريات التي أكدت أن هناك شخصا يدعي حمادة وراء سرقة هذه الأسلاك تمهيدا لبيعها خردة لأحد التجار, ومن خلال خطة محكمة استهدفته وعقب تقنين الإجراءات تم ضبطه وبحيازته زوايا حديدية وكمية كبيرة من الأسلاك والتوصيلات والمسامير بلغ وزنها نحو200 كيلو جرام, وبمواجهته اعترف بسرقة المضبوطات من أحد أبراج كهرباء الضغط العالي, حيث تحرر المحضر اللازم, وسط فرحة شديدة من أهالي قري المركز.