من رحم أزمة العجز الشديد للأسمدة الزراعية, تفجرت مفاجآت من العيار الثقيل بعد أن تبين أن هناك كارثة من المتوقع أن تلحق أحد صروح الصناعة الوطنية, وهو مصنع كيما للأسمدة, التابع للشركة القابضة للصناعات الكيماوية بسبب انخفاض إنتاجه من الأسمدة إلي مايقرب من50% نتيجة لفصل التيار الكهربائي عنه بشكل شبه يومي لفترات طويلة, حسبما قال نائب رئيس الشركة ورئيس قطاعات المصانع. وتبادل المسئولون في كل من المصنع وشركة نقل التيار الاتهامات, ففي الوقت الذي أكد فيه الدكتور جمال إسماعيل نائب رئيس شركة الصناعات الكيماوية( كيما) أن مركز التحكم الرئيسي للشبكة القومية, يقوم بإخطار محطة خزان أسوان التي تقوم بدورها بإرسال إشارة لوحدة التحكم بالمصنع, بفصل التيار بشكل شبه يومي لفترات تتراوح ما بين ساعة وثلاث ساعات, فإن النفي جاء سريعا علي لسان المهندس محمد يوسف رئيس قطاع أسوان لنقل التيار, حيث قال: إن هذه الاتهامات مرفوضة تماما لأن ما يحدث هو خفض للأحمال في بعض الأحيان وقت الذروة, وليس بشكل يومي. وأضاف أنه كشركة يهمه أن يبيع التيار, متسائلا: كيف نفصله ونحن نستفيد من بيعه لمصنع استراتيجي بهذا الحجم؟ وأضاف قائلا: علي مسئولي كيما أن يبحثوا عن مبرر آخر لتبرير تدهور الإنتاج. وردا علي ذلك عاد رئيس قطاع المصانع ليوضح أن فصل التيار لمدة5 دقائق يتساوي مع فصله لمدة10 ساعات, حيث يحتاج المصنع إلي ما يقرب من21 ساعة لإعادة تشغيل الأفران والضواغط مرة أخري, نظرا لاعتماده علي التحليل الكهربائي, كما أن أي اخطار يعني توقف المعامل قبلها بساعات. وأضاف أن هناك4 خطوط إنتاج يعمل منها خطان في الظروف الطبيعية, نظرا لتهالك المصنع الذي يصل عمره إلي50 عاما, أما حاليا والكلام علي مسئولية نائب رئيس الشركة ورئيس قطاعات المصانع فلا يعمل سوي خط واحد في أغلب الأوقات, بسبب تخفيف الأحمال, لافتا إلي أن الإنتاج اليومي الآن120 طنا فقط بدلا من300 طن, وهو لا يكفي علي الإطلاق للوفاء باحتياجات المزارعين في الصعيد. ووجه الدكتور جمال إسماعيل استغاثة لجميع المسئولين وعلي رأسهم الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء لإنقاذ كيما وحماية3 آلاف عامل ومهندس للعودة إلي الإنتاج الطبيعي الذي يصدر جزء منه إلي الخارج. في سياق متصل ألقت أزمة الأسمدة بظلالها علي مزارعي أسوان الذين باتوا مهددين بضياع موسم زراعة محصول القصب الاستراتيجي بسبب العجز في الأسمدة, وطالب أسامة هلالي أبوكرورة بتشكيل لجنة من الزراعة والمساحة وبنك التنمية والائتمان الزراعي لمراجعة الحيازات الزراعية التي أغلبها وهمية, وتذهب بحصص الأسمدة إلي تجار السوق السوداء, وتساءل متعجبا: كيف يكون في أسوان مصنع أسمدة بحجم كيما ويكون هناك عجز في الأسمدة؟! وقال إبراهيم البرنس من قرية( بنيان): إن الأسمدة ارتفعت رسميا من55 إلي70 جنيها للشيكارة, وهو السعر الرسمي, وتصل إلي90 جنيها وأكثر في السوق السوداء, وقال: يبدو أن شركة كيما قد رفعت رواتب موظفيها علي حساب المزارعين بعد الثورة. ومن جانبها أشارت المهندسة مفيدة الخولي مدير عام الزراعة بأسوان إلي أن بنك التنمية الزراعي هو المسئول عن توزيع حصص الأسمدة وليس الجمعيات الزراعية كما هو شائع, فهي تختص فقط بتوزيع الحصص علي أراضي الإصلاح والاستصلاح الزراعي, وقالت: إن إنتاج مصانع كيما غير مدرج في الحصص المدعمة, حيث تحصل المبيعات علي الإنتاج الساقط من سيور التعبئة, وهي حصص غير ثابتة, وتخضع لإجراءات المزادات العلنية, ويصرح لجميع التجار بدخولها. وأوضحت أن حصة أسوان الواردة من مصنعي سماد طلخا وأبوقير لم تصل بالكامل إلي أسوان حتي الآن, بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد بعد الثورة, لافتة إلي أن مساحة الأراضي الزراعية في المحافظة تصل إلي135 ألف فدان, منها نحو80 ألف فدان لمحصول القصب, وتحتاج هذه المساحات إلي15 ألف طن من الأسمدة شهريا في فترة الزراعة الصيفية التي تبدأ في شهر أبريل وتنتهي في أغسطس من كل عام.