يعاني أهالي الغربية تلوث مياه الشرب في معظم مراكز المحافظة الثمانية, خاصة في المدن الكبري مثل المحلة وطنطا وكفر الزيات وسمنود.. ويوجد علي أرضها المئات من المصانع والشركات المختلفة والتي تلقي بمخلفاتها في مياه النيل وروافده ومصادر مياه الشرب, فضلا عن استمرار التقصير من القائمين علي إجراء عمليات الصيانة الفورية بانتظام لمحطات مياه الشرب, إما للإهمال أو ضعف الإمكانيات وحرمان قري كثيرة من الصرف الصحي, ما يدفع الأهالي لإلقاء مخلفاتهم الصحية في الترع. وأمام استمرار هذه الأزمة الخطيرة جاءت تحركات المسئولين للنهوض بتطوير مستوي خدمات مياه الشرب والصرف الصحي, وإقامة مشروعات عملاقة لإنهاء معاناة الاهالي بمدن وقري المحافظة الثماني لمواجهة المشكلة, وحتي لا تتعرض حياة المواطنين للإصابة بالأمراض المزمنة التي يسببها تلوث مياه الشرب. المخلفات الكيماوية ويقول اشرف العيسوي عضو مجلس محلي سابق إن مدينة كفر الزيات من أكثر مدن المحافظة التي يعاني معظم سكانها سوء حالة مياه الشرب وبشكل دائم ومستمر نتيجة انتشار العديد من المصانع والشركات المختلفة والمتخصصة في صناعة المبيدات والملح والصودا والزيوت وصناعة الورق, حيث تلقي معظم هذه الشركات والمصانع مخلفاتها الكيماوية في ترعة الباجوريه المتفرعة من فرع رشيد, والتي تعتبر إحدي المصادر الرئيسية لتغذية محطات مياه الشرب في أنحاء المدينة والقري والنجوع التابعة لها, بل إنها تصل إلي تغذية محطات مدينة بسيون ومراكزها, ورغم اللجان العديدة التي قامت بمعاينة وفحص المياه وأكدت من خلال تقاريرها المتعددة تلوثها وعدم صلاحياتها, فإن المشكلة لا تزال قائمة حيث تصل مياه الشرب للمواطنين في جميع المنازل ملوثة. وأضاف رضا موافي- موظف- أن المشكلة بمدينة المحلة الكبري لا تقل خطورة عن المدن الأخري, خاصة أنها مدينة صناعية كبري تضم المئات من الشركات والمصانع الكبيرة العملاقة حيث تعاني هي الأخري قيام عدد كبير من هذه الشركات بتصريف مخلفاتها السامة في الترع والمصارف, وان استمرار هذه الأزمة انعكس بالسلب علي مياه الشرب داخل المنازل وتحولت لكارثة تهدد صحة الاهالي, حيث إن المياه تنزل في مناطق عديدة من الحنفيات في حي أول وثاني المحلة ورائحتها كريهة تزكم الأنوف مثل رائحة مياه الصرف الصحي لاختلاطها بالعديد من الشوائب والبكتيريا التي نراها بالعين المجردة وواضحة ولا يوجد هناك أي تفرقة بينها وبين مياه الصرف الصحي. مقبرة للحيوانات ويقول فتحي غالي تاجر من مدينة سمنود إن فرع دمياط المار من أمام المدينة أصبح مقبرة للحيوانات النافقة التي يتم التخلص منها بإلقاء جثثها في مياهه بشكل يومي ودائم, وخاصة ببحر شبين, بالإضافة إلي نزول المواشي والأبقار والحمير والخيول للاستحمام فيه والتخلص من الروث في مياه البحر, كما أقام البعض مباني علي طرح فرع النيل خاصة في الفترة الأخيرة التي أعقبت الثورة وأدت للبناء بدون تصاريح, حيث أصبحت هذه المباني تقوم بتصريف مياه الصرف الصحي مباشرة إلي فرع نهر النيل, بالإضافة إلي إلقاء القمامة بكل أنواعها وهو ما يؤدي إلي تلوث المياه, وطالب بسرعة تدخل الجهات المعنية لحماية صحة اهالي المدن والقري التي تعتمد في مصادر مياه الشرب علي هذا الشريان الحيوي. يأتي ذلك في وقت كشفت فيه تقارير رقابية رسمية أخيرا منها هيئة الرقابة الإدارية بمحافظة الغربية أن محطة مياه الشرب الرئيسية( المرشحة) بمنطقة الجلاء والتي تغذي مدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية وبعض القري تحتاج لإجراء عملية إحلال وتجديد لعدد كبير من مواسير المحطة العمومية والفرعية ومعظم معدات المحطة المتهالكة والتي عفي عليها الزمن نتيجة أن يد التطوير لم تمتد للمحطة منذ إنشائها في عام1926 ما أثر علي جودة مياه الشرب وعدم مطابقتها للمواصفات القياسية بعد قيام مراقبي الصحة بالحصول علي عينات من مآخذ مياه ترعة القاصد ومياه المحطة والحصول علي عينات أيضا من بعض المنازل التي تغذيها المحطة وتبين لها عدم مطابقتها المواصفات الفنية وارتفاع نسبة الكلور للتغطية علي التلوث الموجود في المياه. تطهير الترع وأوضح المهندس محمد ابوالرجال رئيس فرع مياه الشرب والصرف الصحي السابق بالغربية أن أسباب تلوث مياه الشرب ووصولها للمنازل غير صالحة يعود لتعرض المجاري المائية لكل أنواع التجاوزات والمخالفات من إلقاء القمامة وصرف الأهالي ومخلفات المصانع, وأيضا بسبب عجز محطات مياه الشرب عن القيام بدورها في معالجة المياه بالشكل الذي يضمن مطابقتها للمواصفات الفنية المطلوبة, حيث تعتمد فقط علي استخدام الكلور وهذا لا يكون كافيا لمعالجة المياه المحملة بالمخلفات الصلبة والشوائب الثقيلة القادمة من مصادر ملوثة, بالإضافة للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والذي يؤثر علي عمليات تشغيل محطات التنقية الفنية, مشيرا إلي أن الحل يكمن في تطهير الترع ورفع كفاءة محطات مياه الشرب وإدخال الصرف الصحي للقري المحرومة للتخلص من الطرق البدائية التي تلوث المياه. إقامة محطات تنقية من جانبه أكد المهندس إبراهيم الأشقر رئيس الجهاز التنفيذي لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي بالغربية أن هناك جهودا كبيرة لحل المشكلة بشكل جذري ونهائي من خلال تنفيذ خطة شاملة بدأت منذ أربعة أعوام تستهدف تغطية المحافظة بالكامل بمشروعات عملاقة لمياه الشرب سوف تحقق فوائدها خلال الفترة المقبلة, جاء منها استكمال شبكة مياه محطة دمرو وشبكة مياه المحلة الكبري بتكلفة210 ملايين جنيه وشبكة مياه سمنود بتكلفة55 مليون جنيه وإنشاء محطة مياه بسيون والمأخذ الجديد بتكلفة287 مليون جنيه واستكمال شبكات محطة مياه طنطا الجديدة بتكلفة432 مليون جنيه واستكمال شبكة محطة مياه زفتي بتكلفة223 مليون جنيه وشبكة محطة مياه السنطة بتكلفة80 مليون جنيه وإجراء توسعات بمحطة مياه كفر الزيات بقيمة140 مليون جنية ومحطة مياه قطور التي سوف يتم افتتاحها قريبا بتكلفة300 مليون جنيه كما يتم المرور علي المنشآت الصناعية المخالفة والتي تقوم بالصرف المباشر علي المصارف المائية وإجبارها علي توفيق أوضاعها وإقامة محطات تنقية ووحدات معالجة للصرف طبقا للمواصفات القياسية واتخاذ الإجراءات القانونية المشددة بتنفيذ عقوبة غلق المنشأة الصناعية المخالفة ووضع حراسة أمنية عليها وقطع الكهرباء والمياه عنها. مشروعات ضخمة وأعلن اللواء أحمد ضيف صقر محافظ الغربية أن اجمالي استثمارات مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي علي مستوي المحافظة بلغت حتي الآن أكثر من7 مليارات جنيه, مشيرا إلي ان الدولة تولي اهتماما كبيرا بهذا القطاع لخدمة المواطنين وأن الأولوية لتنفيذ المشروعات المتوقفة والمعطلة منذ11 عاما من اجل استكمالها والاستفادة من تشغيلها حيث يجري حاليا تنفيذ مشروعات ضخمة بإنشاء محطات لمياه الشرب جديدة بمعظم مدن المحافظة الثماني لدعم مياه الشرب المنتجة كما جار تغطية جميع قري المحافظة بخدمة الصرف الصحي بنهاية عام2018 وتغطية جميع التوابع بالخدمة مع نهاية عام2020 للقضاء علي تلوث المياه وتشديد الرقابة علي عملية تغطية غرف محابس مياه الشرب لمنع العبث بها وتكثيف عمليات غسيل شبكات وخزانات مياه الشرب بالقري وتشكيل فرق مراقبة لمياه الشرب وتحليلها وتنفيذ حملات مكبرة لإزالة المخلفات من المجاري المائية خاصة أمام مأخذ محطات مياه الشرب للتخلص من مخلفات تطهير الترع للحفاظ علي جودة ونقاء مياه الشرب وصحة المواطنين.