رغم أن الفنان محمد رياض أثبت مرارا قدرته علي تقديم أدوار متنوعة خلال مشواره الفني بين التاريخي والاجتماعي, فإن دوره هذا العام من خلال مسلسل رحيم كان بمثابة مفاجأة لجمهوره بعد أن غير جلده تماما ليقدم شخصية حلمي العجاتي وهي خليط من الشعبي والفساد والبلطجة والأكشن. الأمر الذي جعل البعض يصف الشخصية بالمحيرة, ليثبت وجوده من المشهد الأول له بالعمل, وفي هذا الحوار يتحدث محمد رياض حول تفاصيل الدور والاستعداد له والأبعاد الاجتماعية والنفسية التي حملتها الشخصية, ودخوله بوابة الأكشن التي قرر أن يستمر فيها, وكواليس علاقته بياسر جلال, وصعوبة تنفيذ مشاهد الحركة, وتفاصيل أخري في هذا الحوار: ما الذي جذبك إلي شخصية حلمي العجاتي التي جاءت مختلفة عن طبيعة أدوارك السابقة؟ ما جذبني هو الدور الجديد علي, حيث لم يسبق لي أن قدمت هذه التركيبة من قبل وهذا سر جمالها, كما أنني لم أقدم أيضا أدوار الأكشن قبل ذلك, بالإضافة إلي أن الدور يحمل تركيبات اجتماعية ونفسية جديدة جذبتني بكل تفاصيلها. كيف كان استعدادك لتقديم مشاهد الحركة بالمسلسل؟ بدأت الاستعدادات للدور قبل التصوير بفترة لأن مشاهد الأكشن تحتاج إلي لياقة خاصة, وذكرت هذا في الحلقة الأولي علي سبيل الدعابة في مشهد هروبي من الشرطة, أهم حاجة في الشغلانة بتاعتنا دي أن يكون عندك لياقة بدنية!, كما مارست الرياضة في الجيم لمدة ثلاثة أشهر قبل التصوير لتأهيل نفسي جسمانيا مع متخصص وهو الكابتن محمد أبو النجا, ثم بدأت في الركض, وذلك لاقتناعي أن مشاهد الاكشن تحتاج إلي لياقة وأي حركة يجب أن تكون مدروسة جيدا حتي لا تتسبب في إصابة كما أنه يجب أن أقدم التعبير المضبوط أثناء تمثيل مشاهد الأكشن وكأنني أضرب أحدا حتي يظهر هذا بشكل حقيقي, وكذلك الأمر عندما أتلقي ضربة يجب أن يكون رد الفعل حقيقيا, وهذا كله يحتاج إلي تدريب علي التوافق العضلي والعصبي بشكل كبير, ويجب أن تكون كل عضلات الجسم مؤهلة لهذه المهمة, وأري أن تقديم أدوار الأكشن سهل رغم أن تصويره متعب, ومع ذلك قررت أن أقدمه مرة أخري إذا وجدت العمل الجيد الذي يستحق. لكن حلمي شخصية محيرة وأفعالها في ظاهرها متناقضة هل وجدت صعوبة في تقديم هذه التركيبة؟ دراسة الشخصية قبل التصوير مهمة جدا, وصعوبة شخصية حلمي في أنه يجب أن يظهر حبه الكبير لصديقه وفي الوقت نفسه يشكك المشاهد في هذا الحب ويشعره أنه من الممكن أن يكون خائنا, فالممثل لابد أن يركز في تناول الشخصية وكل أبعادها فهناك شعرة بسيطة بين الأمرين وهو أن ينجح في إقناع الجمهور أو لا, وحلمي تركيبة خاصة وشخصية صعبة ومحيرة تقدم كل المشاعر في وقت واحد وكلها مشاعر متضاربة, وأحمد الله علي تعليقات الجمهور التي أكدت لي أن هذا التضارب في المشاعر وصل إليهم. ذكرت أن للشخصية تركيبة نفسية خاصة فما هي؟ كل شخصية لها أبعاد نفسية يجب الأخذ بها لكي يستطيع الفنان أن يبرز انفعالاتها بناء علي هذه التركيبة, وحلمي لديه بيت وأسرة لكنه في الوقت نفسه شديد التعلق بصديقه حتي أنه في أحد المشاهد يقول له أنه دخل السجن من أجله, كما أنه علي استعداد للقيام بأي شيء لدرجة أنه خسر كل شيء لكي يحافظ له علي مصالحه ويحميه, حتي أنه أصبح غير قادر علي دفع مصاريف ابنته في الجامعة, لذلك كل هذا له تأثير نفسي كبير عليه, خاصة أنهما مرتبطان ببعضهما البعض كأصدقاء منذ الصغر, وعلي الجانب الآخر حنان زوجة حلمي تحاول طوال الوقت أن تجعله يتخذ موقفا معاديا من صديقه بحجة أنه أضاع حياته بسبب رحيم وكل هذا يجب أن يكون في خلفيتي وأنا أقدم الدور. كيف اخترت الشكل الذي تظهر به شخصية حلمي؟ كان من السهل أن أرتدي سلسلة وأتحدث بطريقة سوقية, لكن الشخصيات هنا في أواخر الأربعينيات من العمر ورغم ذلك كانوا يستردون حقهم بأيديهم قبل أن يصبح معهم فلوس وسلطة فاختلف مظهرهم, وكلها تفاصيل تفرق كثيرا, وكل هذا تم بناء علي دراسة مع المؤلف والمخرج والمنتج الذين اهتموا بكل التفاصيل والموضوع نفسه مشهدا فمشهد, والشكل الذي ظهرت به كان اقتراح ريمون مقار, فمن الطبيعي أن شخصا في هذا السن يكون شعره أبيض وأن ينخفض مستوي بصره فيرتدي نظارة, وكان اختيار اللوك علي أساس أن يكون هناك توافق في المظهر بين حلمي ورحيم. كيف تصف شخصية حلمي؟ هي شخصية إنسانية تحمل أبعادا كثيرة لهذا تعلق المشاهد بها وبالرغم من أنها شخصية محيرة لكن الجمهور ارتبط بها خاصة بسبب بعدها الإنساني, والذي يحمل تفاصيل كثيرة في علاقته بصديقه وعلاقته ببيته وخاصة ابنته التي تربطه بها علاقة قوية جدا ومتحضرة وهي ابنته الوحيدة فالشخصية إنسانية حية. هل كان لصداقتك بياسر جلال تأثير علي علاقة رحيم وحلمي؟ نحن أصدقاء عمر وتقريبا لم نمثل أو نصطنع, فما رآه الجمهور علي الشاشة هو ما يحدث بالفعل فطوال الوقت نحن معا لذلك هناك تناغم بيننا, والجمهور تعلق بعلاقة حلمي ورحيم, وتفاعل معهما لدرجة أنه كان لديه قلق من أن يخون حلمي صديقه, وفي رأيي أن السبب وراء ذلك هو أن الناس يبحثون عن مثل هذه العلاقات القوية خاصة الصداقة, حتي وإن كانوا يعملون في أعمال غير مشروعة, لذلك صداقتنا الحقيقية أثرت في الناس, كما أن هناك رابطا قويا بين الصديقين بالمسلسل لمسه المشاهد في تصرفاتهما عندما خرج رحيم من السجن وعاش مع حلمي في منزله, وعندما استعاد قصره أخذ صديقه معه وعائلته, فهم أكثر من أصدقاء, والصداقة تيمة رائعة من أكثر العلاقات تميزا. ألا تري أن هناك تناقضا بين القيم الموجودة عند الصديقين وبين ممارستهما لأعمال غير مشروعة؟ البشر من هذه النوعية يكون لديهم بعض العادات والتقاليد التي يتمسكون بها رغم كل شيء منها الشهامة والنخوة علي أهل بيتهم, وعدم خيانة الصديق وهذه أشياء مهمة لهم رغم أعمالهم غير المشروعة. رغم هذه الأعمال غير المشروعة إلا أن المشاهد وقع في حبهما فما السبب؟ في رأيي أن المشاهدين قد يرفضون طريقة عملهم, لكنهم أحبوا التيمة الإنسانية من الصداقة والعلاقة الأسرية لحلمي, وحب رحيم واحتوائه لعائلته وأن يعيدهم تحت مظلته, كما أحبوا الخط الرومانسي بين رحيم وداليا, فكل هذه الجوانب الإنسانية الجميلة كانت سببا في أن يحب الجمهور العمل, وعلي رأس كل ذلك فكرة الصداقة فأكثر تعليقات وصلتني كانت حول هذه العلاقة. رغم ما بالعمل من بلطجة لم يكن هناك ألفاظ خارجة هل كنتم حريصين علي ذلك؟ رحيم نجح في أن يحقق المعادلة بأن يجمع بين الأكشن والاجتماعي, فالعمل ليس كله ضربا وحركة وكنا حريصين ألا يكون هناك أي لفظ خارج أو خادش وان نقدم مسلسلا يستطيع جميع أفراد البيت المصري مشاهدته ويحترم تقاليده, دون أن يكون هناك شيء يخدش حياءهم, والحرص كان مشتركا من الممثلين وشركة الإنتاج, كما أنني مع قرار المجلس الأعلي للإعلام بخصوص تغريم الألفاظ الخادشة التي يجب ألا نراها علي الشاشة, لأننا نستطيع تحقيق معادلة أن نقدم الواقع دون إيحاءات أو ألفاظ خارجة. هل وجدتم صعوبات خلال التصوير في الأماكن الشعبية؟ بالفعل صورنا في حارة المعز بمنطقة الجمالية فترة طويلة وينبغي هنا أن أشكر أهالي الجمالية علي تعاونهم لأنه كانت هناك صعوبة شديدة في التصوير في مكان مزدحم جدا, لكنهم تعاونوا معنا لنستطيع أن نصور وتخرج المشاهد كما عرضت علي الشاشة, وأيضا صورنا في منطقة بولاق وأشكر أيضا سكانها لتعاونهم معنا أثناء التصوير. انتقد البعض ظهوركما بمظهر أنيق في الوقت الذي تقدمان فيه أدوارا أقرب للبلطجة.. ما تعليقك؟ من يقول هذا لم يشاهد العمل بتركيز, لأنهم شخصيات تحولت أو انتقلت من بيئة ومستوي اجتماعي لمستوي آخر, ومن خلال عملهم في غسيل الأموال تعاملوا مع رجال أعمال وأشخاص أصحاب نفوذ, وتعلموا منهم حتي أننا نشاهد في الحلقة الأولي رحيم وهو يتحدث لغات, وبالتالي احتكاكهم بالطبقة التي اختلطوا بها, أثرت علي ملابسهم وشكلهم وطريقة حديثهم, وكانت الصعوبة هنا أن يكون بلطجي أنيقا يرتدي بدلة, قبل عودتهم للحارة مرة أخري بعد ما تعرضوا له من خسارة, حتي أن حلمي عندما أفلس لم يعمل بشيء عادي لكنه حاول أن يتاجر في العقاقير الممنوعة وتعامل مع أطباء وكان يستخدم سيارة باهظة الثمن, وعندما عاد لمنزله بالجمالية جعله أنيقا ومختلف عن طبيعة البيوت بالمنطقة حتي لا تشعر ابنته بالفارق الاجتماعي بعد أن كانت تسكن قصرا وتدرس في جامعة ألمانية. ألم تقلق من العمل مع المخرج محمد سلامة لأن هذا أول مسلسل له؟ بالعكس فمنذ جلسات العمل قبل دخل التصوير كان من الواضح أنه مخرج فاهم جدا يمتلك أدواته وواثق من نفسه وهذا طمأنني كثيرا, وبعد أن بدأنا التصوير أثبت أنه شاطر ولديه حماس كبير وتركيز في التفاصيل, وسعيد بالعمل معه, ونجاح العمل بهذا الإيقاع وشخصياته المختلفة يؤكد استطاعة سلامة السيطرة علي سير العمل.