تشهد منطقتنا العربية اشتعالا للصراعات علي أراضيها, منذ انطلاق ثورات الربيع العربي, وما تعرضت له بعض تلك الدول من سيطرة للجماعات الإرهابية والمتطرفة والتدخل الدولي في شئونها وعدم قدرتها علي إعادة الأوضاع إلي مرحلة الهدوء, الذي يضمن تحقيق الأمان لكل المواطنين. وبالتزامن مع تفاقم الحروب في تلك البلدان, لا يجد مواطنوها سبيلا سوي تركها, بحثا عن الأمان في أي دولة أخري, ووفقا للمفوضية العليا للاجئين, فإنه في الأيام الأخيرة, قام أكثر من45 ألف سوري, بالفرار من منازلهم في الغوطة الشرقية وحدها, ونجد أن المرأة هي أكثر من تأثر بتلك الأزمات, نظرا لكونها تحمل مشكلات أسرتها كاملة علي عاتقها, فالمرأة هي الأم والابنة والأخت والزوجة, بل إن البعض منهن هي من ترأس الأسرة بنفسها. ففي لبنان, أظهرت الدراسات أن العائلات التي تديرها نساء هي أكثر ضعفا وتعرضا لخطر الاستغلال, كما أنها تتلقي قدرا أقل من الغذاء, وتعاني من مستويات فقر مرتفعة, ويتضاعف احتمال عيشها في مخيمات اللاجئين غير الرسمية; وذلك لتعقيد الإجراءات اللازمة للإقامة الشرعية بالبلدان العربية, لارتفاع تكلفتها, بالإضافة إلي احتياجها لوثائق رسمية, قد تكون الأسر اللاجئة قد فقدتها أثناء هروبها من الصراع. ففي بداية عام2016, أعلنت ألمانيا أنه لأول مرة منذ اندلاع أزمة اللاجئين, يفوق عدد النساء والأطفال عدد الرجال ضمن اللاجئين الوافدين إليها, حيث إن نسبة النساء والأطفال ناهزت60% من إجمالي عدد اللاجئين الذين عبروا الحدود بين اليونان ومقدونيا. وفي الفترة من1 يناير حتي31 مارس2018, بلغ إجمالي عدد اللاجئين والمهاجرين16.600 فرد,48 منهم من الرجال, و29% من الأطفال, و23% من النساء أغلبهم من سوريا, والعراق, وإريتريا, وتونس. ولما تعرضت له منازل سوريا من عمليات القصف والمداهمات العسكرية والأمنية التي تقتحم المنازل وتقوم بتصفية الرجال أو اعتقالهم, تبقي النساء بلا حماية معرضات لكافة أنواع الانتهاك والعنف البدني والجنسي, فتبدأ رحلة البحث عن مكان آخر يجدن فيه الأمان ويسلكن مع أسرهن طرق مختلفة للهجرة, أثناء تلك المرحلة تبدأ عملية انتهاكهن, لانعدام القدرة علي العبور من المعابر الرسمية خوفا من الاعتقال, فتلجأ مجبورة إلي الطرق غير الشرعية عبر أراض حدودية تسيطر عليها مجموعات متطرفة, فنتيجة لما يواجهه المهاجرون من مخاطر علي الطريق, توفي أكثر من500 لاجئ في العام الحالي2018 مقارنة ب870 في العام.2017 وبعد أن تستطيع النساء النجاة والوصول إلي بر أمان كما يتخيلن مسبقا, يواجهن مشكلات أخري تتعلق بالمال الذي تستطيع الأسرة من خلاله الحصول علي الطعام, ودفع إيجار للسكن الذي يقطنونه, والحصول علي المستلزمات المنزلية الأساسية, في ظل عدم تمكن أزواجهن من الحصول علي وظيفة بمرتب يفي تحقيق ذلك, نظرا لما يتعرض له اللاجئون من تهميش ومحاولات استغلال داخل المجتمعات التي يلجأن إليها, لذا تقرر المرأة النزول للبحث عن عمل آخر إضافي لها, تتمكن من خلاله مساندة رب الأسرة علي ما يواجهه من عناء, ومن ثم يقابلن مضايقات من أصحاب العمل ومن الأفراد في الشوارع, لكونهن غريبات عن البلد المضيف, واستناد هؤلاء إلي عدم استطاعة اللاجئين اللجوء إلي السلطات, لأن وضعهم القانوني قد لا يكون سليما. كما أن بعض اللاجئات يتم إخفاؤهن ومن ثم استغلالهن في العديد من الأشياء, لعل تلك النقطة يمكن إيضاحها من خلال تسليط الضوء علي فضيحة الاتجار بالبشر في لبنان في بداية شهر أبريل عام2016, فيما عرف بشبكة شي موريس والتي قامت باستغلال ما لا يقل عن75 فتاة أغلبهن سوريات بقوة الترهيب بعد استدراجهن والإيقاع بهن وسجنهن كما العبيد وإجبارهن علي الدعارة القسرية بكفالة مالية قدرها20 مليون ليرة لبنانية. وأشارت العديد من التقارير الميدانية, إلي مدي تفاقم أزمة اللاجئات الحوامل والفتيات المهاجرات, لعدم وجود رعاية صحية, وما ينتج عن ذلك من تدهور حالتهن خاصة أثناء المضاعفات الإنجابية, كما أشار موقع الأممالمتحدة, إلي أن هناك أكثر من40 ألف امرأة حامل من اللاجئات الروهينجا وأن عددا كبيرا من حالات الحمل تلك نجم عن الاغتصاب, وقد حاول بعض الفتيات في الرابعة عشرة من العمر إجهاض أنفسهن عبر محاولات ذاتية, كما أنه لا يتم ممارسة العدالة بين الجنسين داخل المخيمات, فهناك تمييز بين المرأة وبين الرجل في شتي المجالات, فعلي سبيل المثال تقرير صدر في شهر مارس الماضي يشير إلي أن عدد الفتيات اللاجئات في مرحلة التعليم الثانوي لا يتخطي نصف عدد نظرائهن من الذكور من حيث التسجيل في المدارس علي الرغم من أن الفتيات يشكلن نصف عدد اللاجئين في سن الدراسة. أضف إلي ذلك عمليات إجبار الفتيات اللاجئات علي الزواج وهن تحت سن ال18 عاما تحت ظروف قاسية, من خلال عرضهن في مزاد علني أمام الجمهور. ويتولي سماسرة الزواج الذين ينتشرون داخل المخيمات اختيار الفتيات الأجمل والأصغر سنا لأثرياء متقدمين في السن, استنادا إلي حاجة الأسر اللاجئة لتوفير سبل المعيشة, كما أن بعض الأهالي تري أن زواجهن أفضل من تعرضهم للمخاطر داخل المخيمات, إلا أن كثيرا من الفتيات اللاتي تزوجن قسرا تعرضن للعنف الجسدي واللفظي من قبل أزواجهن, لاعتماد هؤلاء الرجال علي عجز تلك الفتيات اللجوء إلي القضاء. ويتضح من خلال ذلك أن المشكلات التي تواجهها المرأة يصعب إيجاد حلول مثالية لها في ظل تعقيدات الواقع الراهن, إلا أنه يمكن الحد منها من خلال نشر ثقافة المشاركة للتجارب داخل المخيمات بين اللاجئات, للارتقاء بمستوي التضامن فيما بينهن, وتوفير أطباء نفسيين بشكل مكثف لمساندتهن علي تجاوز ما عانوه في الفترات السابقة, وأن تتعاون الدول لتسهيل إجراءات الإقامة لهن داخل الدول المضيفة, وتوفير سكن ملائم لهن في الدول التي لا يوجد بها مخيمات رسمية, وإنشاء برامج تأهيل للاجئات بتعليمهن بعض الحرف, كوسيلة لشق مستقبل أفضل من خلال توفير فرص عمل لهن تعتمدن خلالها علي الذات.