لم نتصور يوما نحن الذين نجوب الريف منذ سنوات طويلة أن تتنكر الدولة لتعهداتها وتفتح الطريق لأبناء سادة مصر القدامي( من ورثة الإقطاعيين) لاسترداد أراضي الإصلاح الزراعي بعد نصف قرن من توزيعها علي الفلاحين واستقرار حياتهم علي إنتاجها. وحيث تصدر هؤلاء الورثة مقدمة المشهد الدرامي للصراع في الريف لبعض الوقت.. إذا بعصابات السطو المنظمة علي الأراضي تتسلل لتحتل صدارة المشهد وتنتزعها باقتدار وبعد أن كان الطرف المجني عليه عادة هوفقراء الفلاحين وصغارهم إذا بعمليات السطو تلحق بأبناء الطبقة الوسطي من المزارعين والمهندسين وخريجي الجامعات وغيرهم من السيدات والأرامل والقصر وهذا هو الجديد في الموضوع الذي نبدؤه بهذه القصة: في عام1994 أصدر وزير الزراعة الأسبق القرار344 بتخصيص4280 فدانا للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وتفويضها في بيعها لجمعية رابطة المستقبل لضباط شرطة مطروح. وقعت الهيئة عقد البيع مع جميعة الشرطة في1 ابريل1995 وسلمتها أغلب المساحة(4110 أفدنة) فورا, بينما تبقت مساحة صغيرة170 فدانا لم يتم تسليمها. وحيث كانت هيئة التعمير تبيعها للزراع في وقت سابق بعدة آلاف وتبيعها للمستثمرين بثلاثمائه جنيه لفدان, بلغت قيمة الفدان بعد سنوات قليلة في هذه المنطقة ما بين50 60 ألف جنيه نظرا لقربها من مصدر مياه الري الدائم( ترعة الحمام). ولأن هذه المساحة الصغيرة مجاورة لمساحة اخري شاسعة تخص مشروع مبارك القومي لشباب الخريجين, فقد أصبحت مطمعا للكثيرين خصوصا وأن رئيس مشروع الخريجين هو في نفس الوقت أكبر مسئولي هيئة التعمير في المنطقة وهو أحد المتنفذين في محافظة مطروح بحكم المنصبين. وفي فترة لاحقة تبادلت جمعية الشرطة وهيئة التعمير المكاتبات إلي أن تم تسليم ال170 فدانا للجمعية التي دفع ثمنها بالشيك رقم41498365/ البنك الأهلي مطروح, وباعتها بدورها لعدد من الأسر حصلت إحداها علي50 فدانا( القطع5/92,91,90,89) واستخرجت بطاقات زراعية من الجمعية الزراعية المختصة( بأرقام854,853,852,851) حصلت بموجبها علي مستلزمات الإنتاج( أسمدة, تقاوي, مبيدات) وزرعتها منذ شرائها عام2003. كما استخرجت رخصتي بناء منزلين ومسجد وحظيرة( في2007/6/19) وتم بناؤها جميعا. واتبع بقية الزراع في الحقول المجاورة نفس الطريق حيث قاموا بزراعتها والإقامة فيها وحراستها. وقد توصلت عصابات السطو المنظمة علي الأراضي بالمنطقة إلي أن هذه المساحة هي أفضل الحالات التي يمكن السطو عليها نظرا: لوقوعها جغرافيا بين أرض مشروع مبارك للخرجين أرض جمعية رابطة المستقبل لشرطة مطروح(4110 أفدنة) وهناك إمكانية لافتعال خلاف في التخصيص بين الجمعيتين ولقربها الشديد من مصدر ري دائم ولحداثة عهد ملاكها بالمنطقة.. ولضعف قدرتهم علي المقاومة العنيفة وقامت بتنفيذ الخطة التالية: تزوير خريطة المنطقة( بمد خطين في الخريطة الأصلية) أحدهما يتعلق بمسار ترعة الحمام( التي تحد ال170 فدانا من الجنوب), وآخر يتصل بمسار طريق مبارك( الذي يحد المساحة من الغرب). الادعاء بأن ال170 فدانا تقع ضمن زمام مشروع مبارك لشباب الخريجين.. خصوصا وأن رئيسه هو في نفس الوقت أكبر مسئول في هيئة التعمير بالمنطقة, ويحتفظ بالخرائط والمستندات الخاصة بالأرض.. وينحاز لمشروع مبارك ضد جمعية الشرطة استخدام العنف في مواجهة زراع هذه المساحة بواسطة عدد من المتنفذين في المنطقة ورجالهم من الخارجين علي القانون والبلطجية. وفي عام2004 بدأت عمليات التحرش بهم حيث استولوا علي أرض الحاجة إجلال وآخرين بينما لم يتمكنوا من طرد( ش.ف) لأنه واجههم بعنف مضاد وبوسيلة رادعة, وفشلوا في إزاحة من استولوا علي الأراضي ولجأوا نيابة عن بقية المزراعين لكل الهيئات المعنية لإثبات حقهم في الأرض وقدموا كل ما استطاعوا من مستندات( عقود شراء أحكام قضائية بطاقات زراعية رخص بناء علي الأرض.. الخ). وعلي مدي أكثر من عام شكلت اربع لجان لبحث الموضوع وهي:3 لجان شكلتها النيابة في2004/8/6 من مندوبي المساحة, والإدارة الزراعية, وإدارة حماية الأملاك, وفي2004/12/18 من مندوبي إدارة الملكية والتصرف بقطاع غرب النوبارية ومريوط التابعة لهيئة التعمير, وفي إبريل2007( من مندوبي هيئة التعمير ومراقبة التنمية والتعاون بمطروح) استنادا لمحضر الشرطة( رقم2007/692 إداري الحمام) لفصل الحدود بين مشروع أرض مبارك للخريجين وأرض جمعية رابطة المستقبل لضباط الشرطة, ولجنة أخري شكلها وزير الزراعة الأسبق م/أحمد الليثي. وقد أجمعت تقارير اللجان الأربع علي أن الأرض محل الاعتداء أو النزاع( ال170 فدانا) تقع خارج نطاق أرض مشروع مبارك للخريجين وتقع ضمن أرض جمعية رابطة المستقبل لضباط شرطة مطروح وضمنها مساحة ال50 فدانا التي تم الحصول عليها2003 كما قدمت الأسرة محضر نيابة يتضمن شهادة المدير الأسبق لقطاع المشروعات في الشركةالتي نفذت مشروعات المنطقة وبنت قرية الرويسات, وتنص تلك الشهادة علي تزوير الخريطة الأصلية التي تتضمن أرض مشروع الخريجين وأرض جمعية الشرطة. ولكن وفي عام2007 ومن خلال شقيق أحد المتنفذين وبدعم شخصية معروفة بمجلس الشعب تمكن المعتدون في26 يوليو2007 من استصدار قرار وزير الزراعة رقم1063 بطرد من اعتبروا في حكم المتعدين من مساحة ال170 فدانا وبعد أيام تم الاستيلاء علي الأرض بكل ما فيها من آلات ومنافع ومبان.. الخ وطرد ملاكها منها. وهكذا بعد ان دفعت تلك الأسر كل مدخراتها في شراء الأرض وأنفقت الكثير لإعدادها للزراعة وعولت علي إنتاجها لتسيير حياتها وتلافي مأزق الركود الشديد الذي اصاب الاقتصاد المصري, وخاضت معارك متتالية في أروقة الهيئات الحكومية المختلفة لإثبات حقها... وجدت نفسها مطرودة من الأرض التي اشترتها من هيئة ذات صلة وثيقة بوزارة الداخلية ولعبت وزارة الزراعة دور المحلل القانوني لرغبة تلك العصابات بإصدار قرار غير مبرر دون التريث في بحث القضية أو استكشاف تفاصيلها ومجاملة لبعض ذوي النفوذ وتحقيقا لأطماع عصابات السطو المنظمة علي الأراضي التي تعشش في كل ركن من أركان المجتمع مما اضطر تلك الأسر للجوء إلي القضاء الإداري الذي أصدر حكمه في الدعوي رقم61/26197 ق بتاريخ8 مايو2008 بإلغاء قرار وزير الزراعة رقم2007/1063. وبعد اخطار ثماني جهات رسمية بالحكم الذي يعني الحق في العودة للأرض التي طردت منها.. لم تتم الاستحابة الحقيقية لها واقتصر الأمر علي عدد من الخطابات المتبادلة بين بعض تلك الجهات التي لها صلة بالموضوع دون استرداد الأرض رغم مرور الشهور علي إعلانهم بصورة الحكم التنفيذية بينما طردهم من الأرض بقرار وزير الزراعة لم يستغرق سوي ايام معدودة. لذلك لجأت الأسر لرئيس مباحث مركز الحمام وناشدته تنفيذ الحكم فكان رده وما الفائدة إذا سلمناكم الأرض اليوم.. وتم أخذها منكم غدا؟ الا تخافون علي حياتكم من هؤلاء؟! استدارت الأسر عائدة لمنازلها ولسان حالها يقول: هل وصل الحال في بلدنا إلي هذا الحد؟ وقد استأنفت الأسر مالكة ال170 فدانا بعد الثورة تقديم شكاواها للمجلس العسكري وبعض المسئولين لكن الوضع لم يتحرك. وهكذا لم تترك تلك العصابات ركنا في مصر إلا وعاثت فيه فسادا, ولم تعبأ بالأحكام القضائية النهائية والباتة.. حيث كل المعنيين بالأمر يرون ويسمعون ولا يتحركون فهل يعني ذلك دعوة عملية ومفتوحة للشعب المصري لأن يبحث عن وطن بديل؟ أم انه دعوة عملية لمواجهة العدوان بالعدوان والبادئ أظلم؟!!