رواية موغلة في القروية الأسيوطية الصعيدية خلال سنوات القرن الماضي تعرج علي جواب مهمة في حياة أرياف يعود أصول أهلها إلي الجزيرة العربية وتبدا أسماؤها بكلمتي عرب أو بني بكل رموز ثقافتها من أحاجي وأساطير وأمثال وأغان, كما تتطرق إلي جوانب سياسية مهمة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, وتجسد تألم بطل الرواية حامد محمود سعداوي بسبب هزيمة1967 التي شكلت نقطة تحول في حياته لا تقل وجعا وتأثيرا عن مقتل أخيه منصور قبلها بأعوام. وتدور أحداث رواية دفاتر الطين والدم للزميل عبد الحليم غزالي الصحفي بالأهرام حول صراع عميق ومتشعب علي الأراضي الزراعية والنفوذ في أحد مراكز محافظة أسيوط علي مدار ما يقرب من سبعين عاما في القرن الماضي. وتفسح المجال لاستبصارات اجتماعية وثقافية مهمة خاصة بصعيد مصر وترصد تطور المجتمعات القروية الأسيوطية الصعيدية في عهود مختلفة. كما تنطوي الرواية علي مرآة كاشفة لصراع نفسي عميق في شخصية البطل الذي قرر تكريس حياته لمحاربة ظاهرة الثأر, لكنه يتورط فيه أكثر من مرة, ولعل مشهد مباركته لحادث أخذ ابن أخيه بالثأر من قاتل أبيه كاشفا عن ازدواجية مريرة عكست تناقضات عنصري التكوين والتنوير في شخصية البطل الذي انحاز في آخر المطاف لقيم العائلة القبيلة, علي حساب قناعاته الإصلاحية المعادية لكل القيم التقليدية المهيمنة وأبرزها الثأر. تنتهي الرواية التي أبدع الفنان حسين جبيل في تصميم غلافها باختفاء مثير للبطل حامد بعد أن ترك قريته وأقام في مدينة أسيوط متحررا من ضغوط الدم والطين, ليترك الكاتب الأفق مفتوحا لخيالات القراء في نهاية مفتوحة. تعد الرواية الكتاب الخامس لعبد الحليم غزالي بعد ديوانين شعريين بالعامية المصرية هما ندهة حنين وضل السكوت وكتابين سياسيين هما طالبان العمائم والمدافع والأفيون والإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية في تركيا.. ظلال الثورة الصامتة.