مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    سعر الدولار اليوم السبت 23-8-2025 في البنوك    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 يقفز 40 جنيهًا ويسجل 4580 للجرام    وزير الزراعة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى    القاهرة الإخبارية: طيران الاحتلال يقصف المناطق الشرقية لمدينة غزة    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتي مع برشلونة    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    فتح باب التسجيل فى الجمعية العمومية العادية للإسماعيلى    الطقس اليوم.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    أحمد جمال وفتحى سلامة ومحمود التهامى يختتمون حفلات مهرجان القلعة اليوم    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة بالحوامدية بالتعاون مع التحالف الوطنى    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بصحراوي قنا    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    شيرين عبد الوهاب تكشف حقيقة عودتها لحسام حبيب    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    لحماية صحتك.. شروط يجب اتباعها عند شراء منتجات الألبان    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    تعرف على أسعار السكر والزيت واللحوم بالمجمعات الإستهلاكية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرواية الأفريقية طموح إلى العالمية
نشر في صوت البلد يوم 24 - 09 - 2017

بين الطموح والمقاومة وإثبات الوجود والغوص في أعماق الذات البشرية بكل أبعاد وجودها الاجتماعي والنفسي والميتافيزيقي والتاريخي والأنثروبولوجي تُعد الرواية الأفريقية حقلًا سرديًا ثريًا يتوازى مع أهمية ما تعطيه القارة الأم التي مازالت بكرًا وقابلة لإثارة الدهشة والعجب من خلال اكتشاف كنوزها وآثارها وتراثها الشفاهي والمقروء دومًا على طريق التنمية البشرية والحضارية التي تتسابق بها الآن نحو المستقبل.
ففي هذا الكتاب المرجعي “الرواية الأفريقية.. إطلالة مشهدية” للناقد والباحث شوقي بدر يوسف، والصادر عن وكالة الصحافة العربية “ناشرون” بالقاهرة 2017، تتجسد إلى حد كبير رؤيته للطموح المتزايد الذي تدخل به الرواية الأفريقية غمار الإبداع العالمي الذي يعبر عن وجود الإنسان أينما كان، ولا شك أن الخصوصية الإبداعية التي تتميز بها الكتابات المعبّرة عن البيئة والتضاريس والتراث والمناخ والمكان الأفريقي، بما يعطي هذا الأدب وهذه الكتابة تذكرة المرور إلى الوعي العام بوجود الإنسان وإشكاليات وجوده، وهو ما يعبّر في الوقت ذاته تعبيرًا توثيقيًا عن القضايا التي يطرحها مفهوم الكتابة الروائية تعانقًا مع التيمات والمفاهيم والعناصر الأساسية التي تعتمد عليها الكتابة الإبداعية من ميثولوجيا وأنثربولوجيا وواقع سياسي واقتصادي واجتماعي متشرّب بكل تلك الظروف المحيطة بالبيئة والمتعلقة بالعالم كله من خلال قنوات الاتصال وسدود الإقصاء والتواري على حدّ سواء ما بين العزلة والتواصل، وهو ما قد يعبر به الكتاب بداية:
"جاءت الرواية الأفريقية كسلاح جديد في يد الأفارقة يعبّرون بها عن قوّتهم وتمرّدهم الدائم، ولا شك أن الروائيين الأفارقة في ظل هذه المجرة الروائية الأفريقية قد حققوا إنجازًا إبداعيًا أدهش العالم بأسره بفضل عدد كبير من كتّاب الرواية الأفارقة الذين أثروا المشهد الروائي في أفريقيا والعالم بهذا المنجز الروائي الذي أصبح علامة مضيئة ومهمة من علامات الرواية المؤثرة في المشهد الروائي في العالم”.
وهو ما يجعل خوض غمار الكتابة عن الرواية في أفريقيا تحديدًا اختيارًا مائزًا وصائبًا لما تحبل به من مناخ وأرض بكر وإشكاليات مغايرة للكتابة وتوجهاتها وطموحاتها، وخصوصياتها وتجلّيات كل هذه الفروض المساعدة على عمليتي الإبداع والنقد من ناحية، في الوقت ذاته الذي يكون فيه محملًا بالمسؤولية التوثيقية والتحليلية لما أفرزته هذه الموجات من الكتابة عبر الحقب المتوالية منذ مطلع القرن العشرين وحتى هذه الأيام التي تشهد فيها الرواية ازدهارها بالمفهوم العام، مع التحام الرواية الأفريقية المواكبة بها ومشاركة العالم الروائي في حصد جوائز التميز والابتكار تعبيرًا عن الكيان الحقيقي البشري لهذه الكتلة من اليابسة التي تمثل خُمس مساحة الكرة الأرضية، وبما عانته في سبيل الثورة والتحرر من الاستعمار وضد التخلف ومحاولات العبور الناجحة بالتنمية إلى الحاضر المواكب والمستقبل الواعد.
ذلك الذي يجعل من الرواية عملًا موسوعيًا يستوعب كافة التأثيرات، وما يحدثه من إثارة لمفاهيم الوعي الثقافي الذي ربما تأسست من جديد من خلال هذا المدّ الأدبي والفني المرتبط بالأرض ومدى الاستفادة منها على جميع المستويات بما تطرحه من إيجابيات وسلبيات ورصد لما يعانيه العنصر البشري على مستويي الزمان والمكان تاريخًا وجغرافيا وحاضرًا يتشبع بكل تلك العناصر للوجود “ولا شك أن دراسة الأدب الأفريقي، خاصة فن الرواية، وتحليل اهتماماته يعكسان إضافة إلى الموقف المضاد للاستعمار والجهد الذي يبذله الكتّاب الأفارقة في سبيل تأكيد أصالة الثقافة الأفريقية من جهة والرغبة في دفع أفريقيا على طريق التقدم من جهة أخرى، ويبدو الأدب في الوقت نفسه بمثابة القاعدة الصلبة للوعي الثقافي والأداة الفعالة في عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي على صعيد القارة السوداء”.
الإصدارات النقدية وتطور الرواية
ربما كانت تلك هي العلاقات التأسيسية أو المرحلة المهمة التي أقام عليها الكاتب بنيانه المتنامي الذي يعرج به على الإصدارات النقدية التي أسهمت في التأريخ للأدب الأفريقي بعامة والرواية بخاصة، والتي شكلت في معظمها جُل المراجع البحثية التي استند إليها الكتاب في توثيق حركة الأدب والرواية في أفريقيا على المستويين المحلي والعالمي المواكبين لها، ولعل أبرزها كتاب “الأدب الأفريقي” للدكتور علي شلش، وكتاب “سبعة كتاب أفريقيين” -كأول كتاب يتناول الأدب الأفريقي بصفة عامة- للكاتب جيرالد مور، وترجمة الدكتور علي شلش أيضًا، بالإضافة إلى كتاب “نافذة على أفريقيا الصديقة” 1974 لعبد العزيز صادق.
كذلك يعبر كتاب “المنفى المزدوج.. الكتابة الأفريقية والهند الغربية بين ثقافتين” للكاتب كاريث كريفتس، وكتاب “التابع ينهض.. الرواية في غرب أفريقيا” للدكتورة رضوى عاشور، و”ما الأدب الأفريقي؟” دراسة تحليلية لدافيد كوك ترجمة هدى الكيلاني، و”رحلات في الرواية الأفريقية الفرنسية” للكاتبة ملدرد موتيمير عن هذا الزخم النقدي والتعريفي بالرواية الأفريقية خاصة.
وهو التوغل الذي ربما وضع تصورًا عامًا لتصنيف مراحل تطور الرواية في أفريقيا في ثلاث مراحل (بحسب الكتاب):
مرحلة اكتشاف الذات والتمسك بالموروث الشفاهي واستعارة الحكاية الشعبية وتقديمها في إطار حكائي بحت.
مرحلة الاحتكاك بالغرب والشعور بالذلة والمهانة والندم حيث كان المثقف الأفريقي في تلك المرحلة هو الخادم الذي يلحق بمؤسسات الإرساليات الأجنبية بغير هوية حقيقية.
المرحلة النقدية، وهي التي تلت الاستعمار المباشر، حيث وجد المثقف (الروائي) نفسه أمام العجز المطلق، وهي المرحلة التي يبدأ فيها الكاتب التحرر من القمع الداخلي ومن ثم تبدأ مغامرته مع الكتابة الفنية الإبداعية والبحث عن أشكال التعبير الأدبي.
ذلك التأسيس الذي يفتح الباب أمام الروايات الأفريقية وإشكالياتها، ومن خلال المحاور التي تشير إلى ارتباط فن الرواية بحركة “إحياء الأدب الأفريقي” في بداية القرن العشرين برواية لرينيه مارون عام 1921 وفوزها بجائزة غونكور، انتقالا إلى “الرواية الأفريقية والتراث الشفاهي”، “يعتبر الأدب الأفريقي من أهم الآداب وأبرزها في احتوائه على الموروث الشعبي وآدابه المكتوبة بلغات بعض الشعوب الأفريقية كالسواحلية والباتنو والتيلو وغيرها من الشعوب التي تعيش في بعض أجزاء القارة السوداء، ولا سيما في الجنوب من الصحراء الكبرى”.
سوسيولوجيا الحياة وهوية السرد
من المحطات المهمة في الكتاب ارتباط الرواية الأفريقية ارتباطًا وثيقًا بمصطلح سوسيولوجيا الحياة من خلال صياغة تراكمات الحياة ومراحل تطورها وارتباطها الوثيق بحركة المجتمع والحراك الناجم عن ممارسات الشخوص بتركيباتهم المتباينة (الحالة الاجتماعية المتشابكة) وإبراز القضايا الاجتماعية والإشكاليات والأحداث المرتبطة بحركة هذا المجتمع الذي يكون مادة خصبة للروائي يتفاعل معها وبها من أجل تقديم عمل روائي زخم بكل المفردات والظواهر والملامح التي تؤسس لشكل المجتمعات الخارجة (والتي مازالت) من قبليتها وبداوتها إلى حيز التلاقح والمسايرة والاندماج مع العالم الخارجي الجديد عليهم، وهو ما يقرنه الكتاب بالبناء الفني للرواية “ولا شك أن الرواية في أفريقيا قد شهدت تطورًا كبيرًا طال البناء الفني لنصوصها، كما طال سوسيولوجيا مجتمعاتها المختلفة بسيل متراكم ولافت من النصوص، عبّرت وجسّدت ملامح هذه المجتمعات، وما يحدث فيها من ممارسات وأحوال تمس الفرد والمجتمع على حدّ سواء، ومن ثم فإن الفن الروائي في أفريقيا بمضامينه وأشكاله المختلفة هو لون أدبي يمثل الإنسان الأفريقي بقضاياه وإشكاليات حياته المختلفة”.
ويستعرض الكتاب ويتعرض بالتحليل لعدد من النماذج الروائية التي تحمل هذا المضمون الاجتماعي المهم كرواية “رحلة العم ما” للكاتب الجابوني جان ديفاسا نياما التي تجسد أعماق المجتمع الأفريقي بأساطيره وموروث خرافاته، ورواية “ميمونة” للكاتب السنغالي عبدالله ساجي، ورواية “عامل الميناء الأسود” للسنغالي عثمان سمبيني كنموذج لمجتمع الطبقة العاملة بقسوته المادية والمعنوية والواقع الأكثر قسوة للعمال الأفارقة، إلى جانب رواية “ابن امرأة” للكيني تشارلز مانجوا، و”حلم ليلة أفريقية” للنيجيري سيريان إكوينسي، ورواية “الصوت” للسيراليوني غابرييل أوكارا ومعالجة الأفكار الجديدة لقضية صراع الأجيال بقوة من خلال الصدام الحاصل بين الشباب المتفتح الآمل في الحياة والشيوخ الذين عفا عليهم الدهر ومازالوا يتمسكون بالطقوس البالية. وهي روايات تحمل مضامين لا شك تضرب في عمق الإشكالية الاجتماعية بتنوع دروبها واتجاهاتها وتشابكاتها التي تنم عن الطبيعة السوسيولوجية الباحثة في قضايا المجتمع والبيئة والصراع بين المتناقضات سواء الطبيعية أو البشرية التي تنازع النفس، كما تبرز تلك المظاهر في صورها المختلفة الأنثروبولوجية والاجتماعية والسياسية المرتبطة بملامح ومظاهر الهوية الأفريقية الحقيقية من واقع سرديات الأفارقة وخاصة في فن الرواية.
تلك الهوية التي تفرض ذاتها على معظم ما يُكتب من أعمال تبحث في إيجاد الرابط النفسي والقيمي للعلاقة بتلك البيئة الوافدة على الوعي الإنساني العالمي تحاول فكّ رموزها ومن ثم عرضها بالصورة التي تتكامل مع الواقعي بعدما تستقي منه الدوافع الأصيلة للوجود، كي تعرض تراثها وتعبر عن كينوتها جيدا اتكاء على مخزون من الوعي والمعرفة والتاريخ والتراث الشفاهي والمكتوب والمتناقل عبر الأجيال من عمق التاريخ أو من التدوينات.
“فلكل شعب خزينه المعرفي المنظم لرموزه الفكرية، ومرجعيته التأريخية يستمدها من علامات وأيقونات موغلة في القدم”، ذلك مما يعطي الهوية تلك المسحة من المصداقية للمعرفة اللصيقة والمرتبطة بالأرض والوعي والفكر معًا، فالمعرفة وإن كانت بدائية فطرية فهي هنا المفتاح الرئيس لحل شيفرة التعامل والواقع من خلال آليات جديدة للتحرر والثورة على الظلم والاستعمار من خلال استنهاض الهوية “كما تتجلى هوية السرد الأفريقي فيما كتبه منجزوه من الروائيين والكتاب الأفارقة من خلال الاحتفاء بالروح الإنسانية الأفريقية والاتكاء على هويتها الذاتية، وأهمية الأرض والقبيلة والوطن في حياة الإنسان”.
اللغة واتساع دائرة التأثير
في محطة أخرى تمثل اللغات التي تتعامل بها الرواية الأفريقية بوتقة بالغة الأهمية وركنًا فاعلًا في إيجاد العلاقة المباشرة بين ما تنتجه الروايات وبين شيوعها واتساع نطاق تأثيرها فتلعب اللغات واللهجات الأفريقية الدور الأول في ذلك، حيث تحل المجموعة الكردفانية المنسوبة إلى كردفان في السودان في المقام الأول تليها المجموعة الماندية في مالي وخليج غينيا، ومجموعة البمبرا في النيجر، والسواحلية في في كينيا وتنزانيا وأوغندا، وغيرها من اللهجات واللغات المحلية. فضلا عن أن ما يصل الرواية الأفريقية بالعالم الخارجي هو الروايات المكتوبة باللغات الأخرى الأكثر شيوعًا، ولكل منها كتابها الأفارقة المشهورون والمتميزون، وهي على التوالي: الفرنسية، والإنكليزية، والبرتغالية.
كما يبرز الكتاب تنوع لغات الكتابة والترجمات التي ينسب إلى البرتغاليين تأسيس اتصالاتها الأولى بين أوروبا وأفريقيا السوداء من خلال التوغل الاستعماري والوجود القسري منذ منتصف القرن الخامس عشر، والتي عملت على مد جسور التواصل بين أفريقيا واللغة الأوروبية كأول لغة أوروبية تقتحم القارة السوداء، لتتوالى المحطات التوثيقية للكتّاب التي تعرج على أهم الارتباطات بين الرواية وإشكاليات التعامل مع الواقع كتجسيد لموازنات الوجود وظواهره، وكنمط للتعامل بين البشر الذين يميزهم نسيج متشابك يحمل في أطيافه سمات التنوع والتمايز والتعبير عن البيئة شديدة الخصوصية بلهجاتها وعرقياتها وإثنيتها.
كما تجدر الإشارة إلى ظاهرة الكتّاب الأفارقة الزنوج الذين بدأت بواكير إبداعاتهم في الظهور خارج أفريقيا وداخل المجتمع الأميركي والذي كان وقتها يحاول طمس معالم تلك الفئة من الكتاب والمواطنين الزنوج الذين كانوا يعيشون منذ فترة طويلة داخل هذا المجتمع مستخدما التفرقة العنصرية البغيضة، ليمتد تأثير القارة الشابة -ولا تزال- إلى خارجها بالتأثير في القوى المستعمرة والحاكمة على مستوى العالم بما يعني قوة تأثير ثقافتها الإنسانية الشامخة، ولتشكل رافدًا مهمًا من روافد تأثير الرواية والروح الأفريقية التي تعيش حالة من حالات الطموح المتزايد والرغبة المستمرة في كسر الطوق والخروج الدائم نحو النور والحرية من خلال كلّ تلك العوامل والإحداثيات المتغايرة التي تسير معها العملية الإبداعية المرتبطة بكيان كبير يجمع بين موسوعية الرواية ومرجعيتها الوثيقة الحافظة للتاريخ بحسّ إبداعي، وبين إحدى الركائز الضخمة للحضارة والوعي الإنساني والبيئي متمثلا في القارة السمراء التي مازالت بكرا وقادرة على إحداث الدهشة والعطاء.
....
كاتب من مصر
بين الطموح والمقاومة وإثبات الوجود والغوص في أعماق الذات البشرية بكل أبعاد وجودها الاجتماعي والنفسي والميتافيزيقي والتاريخي والأنثروبولوجي تُعد الرواية الأفريقية حقلًا سرديًا ثريًا يتوازى مع أهمية ما تعطيه القارة الأم التي مازالت بكرًا وقابلة لإثارة الدهشة والعجب من خلال اكتشاف كنوزها وآثارها وتراثها الشفاهي والمقروء دومًا على طريق التنمية البشرية والحضارية التي تتسابق بها الآن نحو المستقبل.
ففي هذا الكتاب المرجعي “الرواية الأفريقية.. إطلالة مشهدية” للناقد والباحث شوقي بدر يوسف، والصادر عن وكالة الصحافة العربية “ناشرون” بالقاهرة 2017، تتجسد إلى حد كبير رؤيته للطموح المتزايد الذي تدخل به الرواية الأفريقية غمار الإبداع العالمي الذي يعبر عن وجود الإنسان أينما كان، ولا شك أن الخصوصية الإبداعية التي تتميز بها الكتابات المعبّرة عن البيئة والتضاريس والتراث والمناخ والمكان الأفريقي، بما يعطي هذا الأدب وهذه الكتابة تذكرة المرور إلى الوعي العام بوجود الإنسان وإشكاليات وجوده، وهو ما يعبّر في الوقت ذاته تعبيرًا توثيقيًا عن القضايا التي يطرحها مفهوم الكتابة الروائية تعانقًا مع التيمات والمفاهيم والعناصر الأساسية التي تعتمد عليها الكتابة الإبداعية من ميثولوجيا وأنثربولوجيا وواقع سياسي واقتصادي واجتماعي متشرّب بكل تلك الظروف المحيطة بالبيئة والمتعلقة بالعالم كله من خلال قنوات الاتصال وسدود الإقصاء والتواري على حدّ سواء ما بين العزلة والتواصل، وهو ما قد يعبر به الكتاب بداية:
"جاءت الرواية الأفريقية كسلاح جديد في يد الأفارقة يعبّرون بها عن قوّتهم وتمرّدهم الدائم، ولا شك أن الروائيين الأفارقة في ظل هذه المجرة الروائية الأفريقية قد حققوا إنجازًا إبداعيًا أدهش العالم بأسره بفضل عدد كبير من كتّاب الرواية الأفارقة الذين أثروا المشهد الروائي في أفريقيا والعالم بهذا المنجز الروائي الذي أصبح علامة مضيئة ومهمة من علامات الرواية المؤثرة في المشهد الروائي في العالم”.
وهو ما يجعل خوض غمار الكتابة عن الرواية في أفريقيا تحديدًا اختيارًا مائزًا وصائبًا لما تحبل به من مناخ وأرض بكر وإشكاليات مغايرة للكتابة وتوجهاتها وطموحاتها، وخصوصياتها وتجلّيات كل هذه الفروض المساعدة على عمليتي الإبداع والنقد من ناحية، في الوقت ذاته الذي يكون فيه محملًا بالمسؤولية التوثيقية والتحليلية لما أفرزته هذه الموجات من الكتابة عبر الحقب المتوالية منذ مطلع القرن العشرين وحتى هذه الأيام التي تشهد فيها الرواية ازدهارها بالمفهوم العام، مع التحام الرواية الأفريقية المواكبة بها ومشاركة العالم الروائي في حصد جوائز التميز والابتكار تعبيرًا عن الكيان الحقيقي البشري لهذه الكتلة من اليابسة التي تمثل خُمس مساحة الكرة الأرضية، وبما عانته في سبيل الثورة والتحرر من الاستعمار وضد التخلف ومحاولات العبور الناجحة بالتنمية إلى الحاضر المواكب والمستقبل الواعد.
ذلك الذي يجعل من الرواية عملًا موسوعيًا يستوعب كافة التأثيرات، وما يحدثه من إثارة لمفاهيم الوعي الثقافي الذي ربما تأسست من جديد من خلال هذا المدّ الأدبي والفني المرتبط بالأرض ومدى الاستفادة منها على جميع المستويات بما تطرحه من إيجابيات وسلبيات ورصد لما يعانيه العنصر البشري على مستويي الزمان والمكان تاريخًا وجغرافيا وحاضرًا يتشبع بكل تلك العناصر للوجود “ولا شك أن دراسة الأدب الأفريقي، خاصة فن الرواية، وتحليل اهتماماته يعكسان إضافة إلى الموقف المضاد للاستعمار والجهد الذي يبذله الكتّاب الأفارقة في سبيل تأكيد أصالة الثقافة الأفريقية من جهة والرغبة في دفع أفريقيا على طريق التقدم من جهة أخرى، ويبدو الأدب في الوقت نفسه بمثابة القاعدة الصلبة للوعي الثقافي والأداة الفعالة في عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي على صعيد القارة السوداء”.
الإصدارات النقدية وتطور الرواية
ربما كانت تلك هي العلاقات التأسيسية أو المرحلة المهمة التي أقام عليها الكاتب بنيانه المتنامي الذي يعرج به على الإصدارات النقدية التي أسهمت في التأريخ للأدب الأفريقي بعامة والرواية بخاصة، والتي شكلت في معظمها جُل المراجع البحثية التي استند إليها الكتاب في توثيق حركة الأدب والرواية في أفريقيا على المستويين المحلي والعالمي المواكبين لها، ولعل أبرزها كتاب “الأدب الأفريقي” للدكتور علي شلش، وكتاب “سبعة كتاب أفريقيين” -كأول كتاب يتناول الأدب الأفريقي بصفة عامة- للكاتب جيرالد مور، وترجمة الدكتور علي شلش أيضًا، بالإضافة إلى كتاب “نافذة على أفريقيا الصديقة” 1974 لعبد العزيز صادق.
كذلك يعبر كتاب “المنفى المزدوج.. الكتابة الأفريقية والهند الغربية بين ثقافتين” للكاتب كاريث كريفتس، وكتاب “التابع ينهض.. الرواية في غرب أفريقيا” للدكتورة رضوى عاشور، و”ما الأدب الأفريقي؟” دراسة تحليلية لدافيد كوك ترجمة هدى الكيلاني، و”رحلات في الرواية الأفريقية الفرنسية” للكاتبة ملدرد موتيمير عن هذا الزخم النقدي والتعريفي بالرواية الأفريقية خاصة.
وهو التوغل الذي ربما وضع تصورًا عامًا لتصنيف مراحل تطور الرواية في أفريقيا في ثلاث مراحل (بحسب الكتاب):
مرحلة اكتشاف الذات والتمسك بالموروث الشفاهي واستعارة الحكاية الشعبية وتقديمها في إطار حكائي بحت.
مرحلة الاحتكاك بالغرب والشعور بالذلة والمهانة والندم حيث كان المثقف الأفريقي في تلك المرحلة هو الخادم الذي يلحق بمؤسسات الإرساليات الأجنبية بغير هوية حقيقية.
المرحلة النقدية، وهي التي تلت الاستعمار المباشر، حيث وجد المثقف (الروائي) نفسه أمام العجز المطلق، وهي المرحلة التي يبدأ فيها الكاتب التحرر من القمع الداخلي ومن ثم تبدأ مغامرته مع الكتابة الفنية الإبداعية والبحث عن أشكال التعبير الأدبي.
ذلك التأسيس الذي يفتح الباب أمام الروايات الأفريقية وإشكالياتها، ومن خلال المحاور التي تشير إلى ارتباط فن الرواية بحركة “إحياء الأدب الأفريقي” في بداية القرن العشرين برواية لرينيه مارون عام 1921 وفوزها بجائزة غونكور، انتقالا إلى “الرواية الأفريقية والتراث الشفاهي”، “يعتبر الأدب الأفريقي من أهم الآداب وأبرزها في احتوائه على الموروث الشعبي وآدابه المكتوبة بلغات بعض الشعوب الأفريقية كالسواحلية والباتنو والتيلو وغيرها من الشعوب التي تعيش في بعض أجزاء القارة السوداء، ولا سيما في الجنوب من الصحراء الكبرى”.
سوسيولوجيا الحياة وهوية السرد
من المحطات المهمة في الكتاب ارتباط الرواية الأفريقية ارتباطًا وثيقًا بمصطلح سوسيولوجيا الحياة من خلال صياغة تراكمات الحياة ومراحل تطورها وارتباطها الوثيق بحركة المجتمع والحراك الناجم عن ممارسات الشخوص بتركيباتهم المتباينة (الحالة الاجتماعية المتشابكة) وإبراز القضايا الاجتماعية والإشكاليات والأحداث المرتبطة بحركة هذا المجتمع الذي يكون مادة خصبة للروائي يتفاعل معها وبها من أجل تقديم عمل روائي زخم بكل المفردات والظواهر والملامح التي تؤسس لشكل المجتمعات الخارجة (والتي مازالت) من قبليتها وبداوتها إلى حيز التلاقح والمسايرة والاندماج مع العالم الخارجي الجديد عليهم، وهو ما يقرنه الكتاب بالبناء الفني للرواية “ولا شك أن الرواية في أفريقيا قد شهدت تطورًا كبيرًا طال البناء الفني لنصوصها، كما طال سوسيولوجيا مجتمعاتها المختلفة بسيل متراكم ولافت من النصوص، عبّرت وجسّدت ملامح هذه المجتمعات، وما يحدث فيها من ممارسات وأحوال تمس الفرد والمجتمع على حدّ سواء، ومن ثم فإن الفن الروائي في أفريقيا بمضامينه وأشكاله المختلفة هو لون أدبي يمثل الإنسان الأفريقي بقضاياه وإشكاليات حياته المختلفة”.
ويستعرض الكتاب ويتعرض بالتحليل لعدد من النماذج الروائية التي تحمل هذا المضمون الاجتماعي المهم كرواية “رحلة العم ما” للكاتب الجابوني جان ديفاسا نياما التي تجسد أعماق المجتمع الأفريقي بأساطيره وموروث خرافاته، ورواية “ميمونة” للكاتب السنغالي عبدالله ساجي، ورواية “عامل الميناء الأسود” للسنغالي عثمان سمبيني كنموذج لمجتمع الطبقة العاملة بقسوته المادية والمعنوية والواقع الأكثر قسوة للعمال الأفارقة، إلى جانب رواية “ابن امرأة” للكيني تشارلز مانجوا، و”حلم ليلة أفريقية” للنيجيري سيريان إكوينسي، ورواية “الصوت” للسيراليوني غابرييل أوكارا ومعالجة الأفكار الجديدة لقضية صراع الأجيال بقوة من خلال الصدام الحاصل بين الشباب المتفتح الآمل في الحياة والشيوخ الذين عفا عليهم الدهر ومازالوا يتمسكون بالطقوس البالية. وهي روايات تحمل مضامين لا شك تضرب في عمق الإشكالية الاجتماعية بتنوع دروبها واتجاهاتها وتشابكاتها التي تنم عن الطبيعة السوسيولوجية الباحثة في قضايا المجتمع والبيئة والصراع بين المتناقضات سواء الطبيعية أو البشرية التي تنازع النفس، كما تبرز تلك المظاهر في صورها المختلفة الأنثروبولوجية والاجتماعية والسياسية المرتبطة بملامح ومظاهر الهوية الأفريقية الحقيقية من واقع سرديات الأفارقة وخاصة في فن الرواية.
تلك الهوية التي تفرض ذاتها على معظم ما يُكتب من أعمال تبحث في إيجاد الرابط النفسي والقيمي للعلاقة بتلك البيئة الوافدة على الوعي الإنساني العالمي تحاول فكّ رموزها ومن ثم عرضها بالصورة التي تتكامل مع الواقعي بعدما تستقي منه الدوافع الأصيلة للوجود، كي تعرض تراثها وتعبر عن كينوتها جيدا اتكاء على مخزون من الوعي والمعرفة والتاريخ والتراث الشفاهي والمكتوب والمتناقل عبر الأجيال من عمق التاريخ أو من التدوينات.
“فلكل شعب خزينه المعرفي المنظم لرموزه الفكرية، ومرجعيته التأريخية يستمدها من علامات وأيقونات موغلة في القدم”، ذلك مما يعطي الهوية تلك المسحة من المصداقية للمعرفة اللصيقة والمرتبطة بالأرض والوعي والفكر معًا، فالمعرفة وإن كانت بدائية فطرية فهي هنا المفتاح الرئيس لحل شيفرة التعامل والواقع من خلال آليات جديدة للتحرر والثورة على الظلم والاستعمار من خلال استنهاض الهوية “كما تتجلى هوية السرد الأفريقي فيما كتبه منجزوه من الروائيين والكتاب الأفارقة من خلال الاحتفاء بالروح الإنسانية الأفريقية والاتكاء على هويتها الذاتية، وأهمية الأرض والقبيلة والوطن في حياة الإنسان”.
اللغة واتساع دائرة التأثير
في محطة أخرى تمثل اللغات التي تتعامل بها الرواية الأفريقية بوتقة بالغة الأهمية وركنًا فاعلًا في إيجاد العلاقة المباشرة بين ما تنتجه الروايات وبين شيوعها واتساع نطاق تأثيرها فتلعب اللغات واللهجات الأفريقية الدور الأول في ذلك، حيث تحل المجموعة الكردفانية المنسوبة إلى كردفان في السودان في المقام الأول تليها المجموعة الماندية في مالي وخليج غينيا، ومجموعة البمبرا في النيجر، والسواحلية في في كينيا وتنزانيا وأوغندا، وغيرها من اللهجات واللغات المحلية. فضلا عن أن ما يصل الرواية الأفريقية بالعالم الخارجي هو الروايات المكتوبة باللغات الأخرى الأكثر شيوعًا، ولكل منها كتابها الأفارقة المشهورون والمتميزون، وهي على التوالي: الفرنسية، والإنكليزية، والبرتغالية.
كما يبرز الكتاب تنوع لغات الكتابة والترجمات التي ينسب إلى البرتغاليين تأسيس اتصالاتها الأولى بين أوروبا وأفريقيا السوداء من خلال التوغل الاستعماري والوجود القسري منذ منتصف القرن الخامس عشر، والتي عملت على مد جسور التواصل بين أفريقيا واللغة الأوروبية كأول لغة أوروبية تقتحم القارة السوداء، لتتوالى المحطات التوثيقية للكتّاب التي تعرج على أهم الارتباطات بين الرواية وإشكاليات التعامل مع الواقع كتجسيد لموازنات الوجود وظواهره، وكنمط للتعامل بين البشر الذين يميزهم نسيج متشابك يحمل في أطيافه سمات التنوع والتمايز والتعبير عن البيئة شديدة الخصوصية بلهجاتها وعرقياتها وإثنيتها.
كما تجدر الإشارة إلى ظاهرة الكتّاب الأفارقة الزنوج الذين بدأت بواكير إبداعاتهم في الظهور خارج أفريقيا وداخل المجتمع الأميركي والذي كان وقتها يحاول طمس معالم تلك الفئة من الكتاب والمواطنين الزنوج الذين كانوا يعيشون منذ فترة طويلة داخل هذا المجتمع مستخدما التفرقة العنصرية البغيضة، ليمتد تأثير القارة الشابة -ولا تزال- إلى خارجها بالتأثير في القوى المستعمرة والحاكمة على مستوى العالم بما يعني قوة تأثير ثقافتها الإنسانية الشامخة، ولتشكل رافدًا مهمًا من روافد تأثير الرواية والروح الأفريقية التي تعيش حالة من حالات الطموح المتزايد والرغبة المستمرة في كسر الطوق والخروج الدائم نحو النور والحرية من خلال كلّ تلك العوامل والإحداثيات المتغايرة التي تسير معها العملية الإبداعية المرتبطة بكيان كبير يجمع بين موسوعية الرواية ومرجعيتها الوثيقة الحافظة للتاريخ بحسّ إبداعي، وبين إحدى الركائز الضخمة للحضارة والوعي الإنساني والبيئي متمثلا في القارة السمراء التي مازالت بكرا وقادرة على إحداث الدهشة والعطاء.
....
كاتب من مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.