يضم مؤتمر ميونيخ سنويا عشرات القادة السياسيين والعسكريين والخبراء الأمنيين من كافة أنحاء العالم لمناقشة التحديات التي تهدد الأمن والاستقرار الدوليين. وقد ناقش المؤتمر هذا العام الكثير من القضايا الأمنية العالمية من أبرزها: مستقبل الإرهاب بعد انتهاء دولة الخلافة لتنظيم داعش الإرهابي, والتعاون الأمني بين الحلفاء وداخل المنظمات الأمنية الدولية, والتهديدات التي تواجه النظام الدولي, بعد تخلي الولاياتالمتحدة عن قيادته في مقابل صعود قوي تعديلية( روسيا والصين) ترغب في إحداث تغييرات فيه لصالحها, وكذلك قضية الأمن النووي. وقد شهدت جلسات المؤتمر علي مدار أيامه الثلاثة حضورا أمريكيا مميزا حيث شارك في أولي أيامه( الجمعة16 فبراير) السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام عضو لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي في حلقة نقاشية التعاون الدفاعي في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو: مزيد من الأوروبية, تواصل أكثر, قدرة أكثر؟, ونائب الرئيس الأمريكي السابق جوزيف بايدن الذي تحدث عن أن التهديدات التي تواجهه النظام الليبرالي الدولي الذي أسسته الولاياتالمتحدة في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي اليوم الثاني تحدث مستشار الرئيس للأمن القومي, هربرت ريموند ماكماستر, عن رؤية الإدارة الأمريكية للتحديات الأمنية التي تواجهها الولاياتالمتحدة عالميا, ونائب وزير الخارجية جون سوليفان الذي تحدث عن الأمن النووي خارج السيطرة, ومدير المخابرات الوطنية دان كوتس الذي تحدث في حلقة نقاشية عن مستقبل الجهاد بعد انتهاء دولة خلافة تنظيم داعش الإرهابي. وفي اليوم الثالث شارك ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في حلقة نقاشية عن مناقشات الكونجرس الأمريكي وصنع السياسة الخارجية الأمريكية. وتنبع أهمية كلمة ماكماستر من أنها أكدت ملامح السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران, والأزمة السورية, حيث تحدث عن أن طهران ودمشق دولتان مارقتان بجانب بيونج يانج, وأنهم يسعون إلي تهدد الأمن الدولي في الشرق الأوسط وشمال شرق آسيا. ولهذا فقد حذر من الدور الإيراني المزعزع للاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط مع خلال وكلائها والميليشيات التي تدعهما في دول الصراعات. ودعا إلي تحرك دولي ضد طهران لوقف بناء وتسليح لما سماه شبكة جيوش بالوكالة في كل من العراقوسوريا علي غرار حزب الله اللبناني, بهدف تأليب تلك الجيوش ضد الدول التي تتبني سياسات تعارض المصالح الإيرانية. وتأتي تصريحات ماكماستر بشأن إيران متفقة مع النهج الذي تتبناه الإدارة الأمريكية الذي لا يركز علي كبح الطموح النووي الإيراني فقط مثل الإدارة السابقة( إدارة باراك أوباما), لكن مواجهة النفوذ الإقليمي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط الذي يعمل ضد المصلحة الأمريكية من خلال الدعم المالي والعسكري لوكلائها بمنطقة الشرق الأوسط. واتساقا مع إستراتيجية الأمن القومي الذي أعلن عنها في ديسمبر من العام الماضي والتي تتحدث عن أن طهران استغلت حالة عدم الاستقرار بالمنطقة لتوسيع نفوذها من خلال وكلائها وشركائها, فهي تواصل زعزعة استقرار المنطقة وإدامة العنف فيها. فضلا عن استمرارها في تطوير برنامج صواريخها الباليستية, وتعزيز قدراتها الاستخباراتية, وشن الهجمات الإلكترونية. وكشفت تصريحاته عن أن إستراتيجية الإدارة تجاه إيران علي ثلاثة محاور رئيسية, يمثل أولها في مواجهة النفوذ الإقليمي الإيراني بوقف دعم طهران المالي والعسكري لوكلائها بمنطقة الشرق الأوسط. ويتعلق ثانيها بالتصدي لبرنامج الصواريخ الإيرانية الذي يهدد حلفاء الولاياتالمتحدة بالمنطقة, والتجارة العالمية, وحرية الملاحة. في حين يتعلق ثالثها بمنع طهران من امتلاك سلاح نووي, لكنه لم يتطرق إلي الاتفاق النووي الإيراني رغم تحدث الرئيس في منتصف يناير من العام الجاري أن أمام الأوروبيين والكونجرس021 يوما لتعديل الاتفاق النووي, وفي حال إخفاقهم فإنه سيعلن انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي. وعن سوريا تحدث عن أن الشواهد تشير إلي تحمل الرئيس السوري مسئولية استخدام الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه, ما يهدد بمزيد من الضربات الانتقامية ضده ردا علي استخدام الأسلحة الكيميائية في الصراع السوري, وهو الأمر الذي يعيد إلي الأذهان الهجوم الأمريكي بصواريخ موجهة علي قاعدة الشعيرات الجوية, قرب حمص, في أبريل2017, ردا علي انطلاق طائرات النظام منها لقصف مدينة خان شيخون بالأسلحة الكيمياوية.