الثورات العربية المستمرة في شمال افريقيا والشرق الأوسط كشفت وجه الامبريالية الغربية المدعومة من جانب أنظمة ديكتاتورية في المنطقة ومع اتساع الثورات وامتدادها للخليج مطالبة باصلاحات اجتماعية واقتصادية وليست سياسية فقط تحولت المواجهات بين فريق يدعم الامبريالية الغربية في الداخل وبين القوي الثورية الوطنية المطالبة بالديمقراطية كتاب الثورات العربية والهجوم الإمبريالي المضاد للمؤلف جيمس بيترس إنما يكشف اتجاه سياسة الولاياتالمتحدة وحلفائها للعسكرة سواء في شمال افريقيا والشرق الأوسط أو في الخليج حيث إن لواشنطن تاريخا طويلا من تمويل وتسليح ودعم الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة والتي تدعم سياستها الامبريالية ومصالحها واستطاعت أمريكا ان تحقق ذلك من خلال مسارين الأول تنتقد من خلاله حقوق الانسان وانتهاكاتها وتطالب باصلاحات ديمقراطية وفي نفس الوقت تدعم الحكام الديكتاتوريين من خلال المسار الثاني الذي لا يحدث في العلن بالطبع. التدخل العسكري الأمريكي في افريقيا له تاريخ طويل فقد تدخلت ادارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في ليبيريا والجابون والكونغو وسيراليون كما دفع بقوات لكينيا وأثيوبيا لدعمهما في الحرب ضد الصومال وتحت قيادة بوش استمر التدخل العسكري في وسط وشرق افريقيا وغزو أوباما لليبيا ما هو إلا استمرار للسياسة الإمبريالية الأمريكية في افريقيا من أجل بناء قواعد عسكرية لتأكيد الهيمنة والقوة الأمريكية والتدخل في تدريب القوات الافريقية حيث تعد علاقة واشنطن بالقادة العسكريين في53 دولة افريقية أكبر دليل علي الإمبريالية الامريكية في افريقيا. جهود أمريكا لتسليح افريقيا بدأت بعد هجمات11 سبتمبر للقضاء علي الثورات المناهضة للامبريالية الامريكية وفي عام2002 أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ان افريقيا أولوية استراتيجية في الحرب علي الارهاب. الحرب علي الصومال أسفرت عن مقتل الملايين واستمرت12 عاما دون أن تسفر عن فوز أحد وتعتقد واشنطن انه من خلال عملائها المتمردين في افريقيا تستطيع ان تقيم مقارا لها وقواعد عسكرية والحصول علي بترول رخيص حيث تعتمد اليوم علي بترول افريقيا أكثر من الشرق الأوسط. الموقف يؤكد انه كلما كان هناك انتظار واعطاء فرصة للأنظمة الديكتاتورية في المنطق أسفر ذلك عن تقويض الثورات العربية وتحويل الانتفاضة السياسية إلي مجرد ثورة اجتماعية. في الثورة الكوبية عام1959 اتجهت واشنطن لدعم باتستا ولم تنجح في ائتلاف يدعمها بالداخل ثم تكرر ذلك في نيكاراجوا حيث دمرت القوي الثورية الجيش الذي تلقي تدريبه علي يد اسرائيل والولاياتالمتحدة كما قضت علي الشرطة السرية والتواطؤ المخابراتي وسعت كوبا لتكوين سياسة خارجية خاصة بها ونجحت في تحقيق ذلك. فالثورات هي قوة لا يمكن ان تقمعها واشنطن ولكن حكومة الولاياتالمتحدة تفتقر لكل من الذكاء والنزاهة بحيث انها لا تكف عن فعل الشيء الخطأ مهما كان ثمنه باهظا ومكروها. ويقول المؤلف بتيرس أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنجمتون بنيويورك ان الرئيس الامريكي باراك أوباما كان مترددا في الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك لأسباب عديدة من بينها ان عملاء الامبريالية الامريكية في جميع أنحاء العالم كانوا سيفقدون ثقتهم في واشنطن لتخليها عن مبارك ومن ثم تأثر علاقتها بهؤلاء العملاء واهتزاز علاقتهم الاستراتيجية بها إلي جانب دعم مبارك لاسرائيل وضغط اللوبي اليهودي علي أوباما لدعم مبارك حتي اللحظة الأخيرة. ودعا المؤلف الشعب الامريكي للاستيقاظ لادراك ان امريكا تععني طغيان الحزبين السياسيين الديمقراطي والجمهوري وسعيهما لخدمة اسرائيل والمصارف الأوروبية بينما تساوي صفرا في الالتزام بالمصلحة العامة في الداخل والخارج.. النتائج الأساسية التي يركزعليها الكتاب جهل المخابرات الامريكية( سي آي إيه) فيما يتعلق بقادة المعارضة في الدول العربية والشروط الأساسية للثورة بكل أبعادها. وقال المؤلف ان الولاياتالمتحدة ترتكب جرائم انسانية باسم الامريكيين وبدون سلطة دستورية ويشكك الكاتب في نوايا واشنطن ويقول اذا أردنا ان نفهم اسباب فشل العديد من الثورات العربية يجب ان نفهم دور الولاياتالمتحدة في تقويض هذه الثورات بينما كانت تدعي دائما دعمها للكرامة والديمقراطية من أجل الجميع. كتاب آخر تحت عنوان تجدد: كيف يمكن للدستور ان يحمي امريكا للمؤلف كيني بلاكويل الذي يؤكد ان الابتعاد عن الدستور أدي لالحاق المآسي بأمريكا ودعا للحرص علي تطبيق قانون سلطات الحرب لحرمان الرئيس من القدرة علي استخدام القوة المسلحة بدون الحصول علي موافقة الكونجرس. وقال المؤلف اذا كنا انتظرنا صدور قرار الحرب من الكونجرس ما كان التدخل العسكري الامريكي في ليبيا. وأكد المؤلف الذي كان سفيرا للولايات المتحدة في الأممالمتحدة ان تراجع الدستور أدي لتآكل شعور أمريكا الأخلاقي وتعاظم القدرة علي شن الحرب في أي وقت. وقال اننا كمواطنين أمريكيين علينا ان نختار بين الاستمرار في المسار الحالي للسياسات التي تهدد حرياتنا ومواردنا المالية أو نلحق بعصر جديد من المبادئ القديمة التي تشكل دستور الولاياتالمتحدةالامريكية والذي يحدد الابيض والأسود ولا مكان فيه للرمادي. وشدد المؤلف الامريكي بلاكويل علي ان النظام السياسي الحالي في الولاياتالمتحدة عبارة عن حقل الغام حيث أوقع الديمقراطيون والجمهوريون البلاد في الضلال. وبموجب قانون سلطات الحرب فانه يجب علي الرئيس الذي يدخل القوات المسلحة في الأعمال الحربية دون اعلان حرب من الكونجرس ان يبدأ في سحبها خلال60 يوما اذا لم يأذن الكونجرس بنشرها. لقد فضل أوباما نصيحة البيت الابيض والمستشار القانوني للخارجية هارولد كوه الذي أكد ان تدخل واشنطن في ليبيا والذي يضم الدفاعات الجوية والقصف واطلاق الصواريخ من طائرات بدون طيار وكذلك تقديم المعلومات الاستخباراتية والتزود بالوقود لا يرقي للأعمال العدائية!