تنطلق الحسابات المصرية الراهنة تجاه الأزمة اليمنية المتفاقمة من أساسين الأول تقليدي يتعلق بحسابات الأمن القومي المصري في دائرته المركزية علي المستوي الجيوسياسي الخاص بالأمن في البحر الأحمر وبالدرجة نفسها أمن الخليج وأيضا اليمن ذاتها نظرا لاعتبارات عديدة تتعلق بتهديد كيان الدولة ونظام الجمهورية في ظل حالة الملشنة التي تفرضها ميليشيا التمرد الحوثي منذ إسقاطها العاصمة صنعاء في21 سبتمبر2014 وتمدد تداعياتها وانطوائها علي سياقات تتعلق بتشابكات مع الصراعات الإقليمية الأخري. ربما القراءة السطحية لهذا المشهد تفرض علي مصر انخراط واسع هذا السياق, في حين أن تقييم الدور المصري يشير إلي اانخراط حذر, فمصر عضو في تحالف استعادة الشرعية لاستعادة الشرعية وهو ما يحمل في مضمونه البعد السياسي إلي جانب البعد الأمني بدرجة ما. لكن القراءة الموضوعية تشير إلي أن تبني مصر نهج االانخراط الحذرب ينطوي علي أكثر من بعد, وهو أن مصر تنظر إلي الأزمة اليمنية بحسابات الانخراط في معادلة ااستعادةب الاستقرار الشامل إلي اليمن وهو ما يجب التفرقة بينه وبين الانخراط في المعركة العسكرية, فمعادلة استعادة الاستقرار تقضي الانخراط في عملية التسوية السياسية انطلاق من أن الحسم العسكري لا يحقق معادلة الاستقرار. ولكن علي مستوي تقييم مسار التسوية يمكن القول إنه كان هناك مساران كلاهما تعثر, مسار سياسي- أمني أدارته الأممالمتحدة, ومسار آخر مباشر ومحدود يتعلق بالمفاوضات المباشرة مع السعودية, ويعزي التعثر فيهما بسبب مواقف قوي التمرد آنذاك( الحوثي ذ صالح) وارتهان الموقف الحوثي بالسياسية الإيرانية, وهو ما أفشل هذا مسار المفاوضات التي جرت في الكويت في اللحظة الأخيرة علي الرغم من أنها كانت وصلت نتائج مقبوله إلي حد ما, وذلك بتعنتها في تقديم الشق السياسي قبل الأمني ورفضها تسليم السلاح الثقيل قبل أن تحسم موقعها السياسيي, وهو كان يعني حال الاستمرار فيه استنساخ تجربة حزب الله في لبنان, وهو السلوك ذاته الذي انتهجته الحركة مع المسار الثاني المباشر مع السعودية في لقاءات في أبها والرياض. وقطعا هذا السلوك الحوثي تجاه مفاوضات التسوية لم يكن مشجعا أيضا لانخراط القاهرة في مسار التسوية أيضا, فثمة خبرات مشابهة متراكمة في الحالة المصرية إزاء المفاوضات مع حركة حماس, بالإضافة إلي المشهد الأخير الذي واكب تفكك تحالف االحوثي ذ صالحب والذي أعقبه علي الفور قيام الحركة باغتيال الرئيس السابق وهو ما زاد الأمور تعقيدا. من المتصور أيضا أن هناك هامشا آخر يتعلق بالحسبات المصرية تجاه الأزمة اليمينة, وهو أن القاهرة منخرطة بطبيعة الحال في حرب داخلية ضد الإرهاب سواء علي الجبهة الشرقية في سيناء أو علي الحدود الغربية, وهو ما يعني أن انخراط مصر علي جبهات متعددة داخلية خارجية وداخلية جديدة سيكلفها فوق طاقتها ومن المعتقد أن أعضاء تحالف استعادة الشرعية في اليمن يتفهمون هذا الإطار. لكن وفقا لحسابات الانخراط الحذر والتي اقتضت علي سبيل المثال من مصر رفع مستوي الحضور الأمني في البحر الأحمر من خلال إنشاء الأسطول الجنوبي للتعامل مع التهديدات في البحر الأحمر وتأمين أحد الأبعاد الإسترايتجية الرئيسية للدولة المصرية ولجوارها الإستراتيجيي ولتأكيد نفوذها ودورها في تلك المنطقة, أيضا ربما هناك رؤية مصرية تجاه أهمية تحديد أولويات المعركة التي تحتاج إلي صياغة رؤية إستراتيجية محددة الاهداف من الانخراط في معركة مفتوحة وطويلة الأمد. كذلك علي مستوي تفاصيل المعركة وطبيعة أبعادها السياسية وحجم التباينات الذي يفرض علي القاهرة مزيدا من الحذر في عملية الانخراط, سواء علي المكونات العسكرية المحلية المخرطة ميدانيا في المعركة, إلي جانب تداعيات ظهور قوي جديدة أيضا علي المسرح اليمني والتي ظهرت مؤخرا مع تطورات الحالة في الجنوب اليمني. وفي الأخير, يمكن القول إن الحسابات المصرية هي حسابات فرضتها أولويات الأمن القومي المصري, وحسابات التعامل مع المخاطر والتهديدات ومدي تظورها وحجم تشابكاتها المعقدة, والتي تفرض علي التحالف وعلي الحكومة الشرعية إعادة عملية تقييم شاملة لا تتعامل فقط مع دينامكية المشهد كرد فعل يفرض تحركا تكتيكيا فقط وإنما أيضا صياغة رؤية إسترايتجية أكثر وضوحا مما هي عليه الوضع الراهن الذي عزز من أوراق الحركة الحوثية في الانفراد بصنعاء والاستغراق في حسابات تعطي مؤشرات مختطلة بعضها يميل إلي إعطاء فرص لتقسيم اليمن, والآخر لإطالة الصراع, وهو ما يمكن أن يعطي لمصر وغيرها من أعضاء التحالف هامشا أكبر للحركة في التعامل مع الأزمة.