لاتزال أحلام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان التوسعية تلقي بظلالها علي السياسة الخارجية لبلاده فبعد أن بدأت تركيا عدوانها علي مدينة عفرين شمال سوريا بزعم تطهير حدودها من الإرهاب المتمثل في الجماعات الكردية, تخطط الان للتوسع نحو منبج وإدلب, وهو ما يكشف محاولات أردوغان لإحياء الإمبراطورية العثمانية, وإعادة أمجاد أجداده العثمانيين من بوابة سوريا. وبدعوة مواجهة الإرهاب الذي يزعم أن الأكراد يمثلونه قرر أردوغان التوغل في سوريا, وكان ذلك من خلال عملية برية اسماها غصن الزيتون ضد الوحدات الكردية في عفرين والتي بدأها يوم20 من يناير, في وقت أكد فيه المحللون أن قواته لم تحقق أي تقدم ملموس حتي الآن سوي قتل المدنيين العزل. لاتزال تصريحاته التي يقولها تكشف عن نواياه الحقيقية كان آخرها أمس حينما زعم أن بلاده ستطهر حدودها بالكامل مع سوريا ممن وصفهم بالإرهابيين, في إشارة إلي الاكراد, مشيرا الي أن الهجوم التركي الذي بدأه علي عفرين سوف يتواصل ويتوسع. ويعتبر أردوغان نفسه هو الوريث الشرعي للإمبراطورية العثمانية, لذا يحاول جاهدا تحقيق معادلة العثمانية الجديدة, وهو ما يعني عودة الجذور العثمانية بحيث تكون الدول العربية هي المجال الحيوي لتركيا أردوغان, وهو ما كان عليه العهد السابق أيام الدولة العثمانية, في سبيل استعادة أراضي الدولة العثمانية وبسط نفوذ تركيا الجديدة. ومنذ وصوله للحكم, لم تنقطع أوهام أردوغان لاستعادة أمجاد وأراضي الدولة العثمانية, غير مدرك التحولات الكبري التي شهدها العالم فهو يسعي الي تعويض الخسارة الفادحة التي تكبدتها الدولة العثمانية التي بفضل غطرستها وممارساتها التوسعية والاستبدادية فقدت اكثر من تسع وعشرين ولاية علي مساحات شاسعة من قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا, ويعتقد اردوغان أن سوريا قد تكون بوابة لطموحاته التوسعية. ويستخدم أردوغان في معظم خطبه السياسية مصطلح نحن أحفاد العثمانيين, للتأكيد علي توجهاته العثمانية, ومحاولاته إحياء إرث الدولة العثمانية عن طريق التمدد السياسي والجغرافي, بما في ذلك إقليم الشرق الأوسط الذي يتصوره أردوغان أحد الأقاليم التابعة لتركيا, كما يري أيضا أن هناك عددا من دول أوروبا, تعد أمتدادا للوجود التاريخي العثماني في أوروبا في الماضي. فعقب حصول حزب العدالة والتنمية علي أغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية في عام2011, قال أردوغان محتفيا بانتصار حزبه في خطاب أمام حشد من أنصاره: بقدر ما انتصرت إسطنبول انتصرت سراييفو, وبقدر ما انتصرت أزمير انتصرت بيروت, وبقدر ما انتصرت أنقرة انتصرت دمشق, وبقدر ما انتصرت ديار بكر انتصرت رام الله, ونابلس وجنين, والضفة الغربية, والقدس وغزة, وبقدر ما انتصرت تركيا انتصر الشرق الأوسط, والقوقاز والبلقان وأوروبا, وهو ما يعبر عن نزعات التوسع الاستعماري لدي أردوغان.