مثلي مثل كل من أتوا هذا المكان استوحشته حتي أرغمتني حركة الزمن البطيئة كالسلحفاة علي التآلف معه مرغمة فالليل والنهار اختلط فيهما النور بالظلام وتشابكت خيوط الشمس بحريرية أضواء القمر فبات واقعي الجديد قاتما انتصر الظلام فيه علي النور وأسنت ليالي صبرا وانتظارا لمشرق يوم تقتحم أشعة الشمس فيه محبسي وأتدثر بحريتي عندما تنتهي عقوبتي المؤبدة..!! لم تكن أسوار السجن تحجب عني الدنيا بقدر الخوف الذي سكن قلبي وبني من حولي سورا أشد قسوة وغلظة يعلو حتي عنان السماء تتواري خلفه أسوار السجن, وشيئا فشيئا يقترب من سياج الخوف يخنقني فتتحشرج الروح مني لا تنتهي حياتي ولا تبقي..!! كنت بريئة إلي حد الضعف, هشة أقترب من الانهيار, لا يراني الناس غير امرأة قاتلة أغواها الشيطان ووسوس لها باسم الحب تدسه في طعام زوجها ويخلص لها حبيبها علي جثته إلي الأبد بدلا من أن تأخذه امرأة أخري, ولكنه الواقع يخلو من الحبيب هاربا متبرئا من شراكته معي وإحساس خانق بالنهاية لا يفارقني ندما وحسرة. قبل أن أعرفه وأتزوج به كنت أعيش حياتي سعيدة هانئة لولا ملاحقته ليل نهار فالتفت شباكه من حولي أخطبوتية الافتراس, كان زميلي في العمل أراه كل يوم, اعتدت منه لطفا وحنانا مبالغا يخفف وطأة الألم والبؤس من غلظة زوجي السابق وقسوة معاملته, مع الوقت أحسست بالاحتياج إليه وتملكت مني رغبة جامحة تدفعني إليه دفعا أضعفت من إرادتي فاستسلمت له, أعطيته رضائي ورغبة مني كل ما أملك, بات رجلي الذي أحققته حياتي وسلبتها من زوجي, لم أفكر فيما اندفعت إليه وأقنعت نفسي أن حياتي مع حبيبي هي حقي الضائع الذي سلبته الأقدار مني وألقت بي في براثن زوج ليست له أدني علاقة بالآدمية يضربني بقسوة لأتفه الأشياء ولا يتواني عن استدرار الرغبة في نفسه بتعذيبي حتي يستطيع أن ينال حقه مني, في كل مرة تزداد وحشيته وتختلط القسوة اعتداء مبرحا مع اللذة الحيوانية وما إن يشبع رجولته المريضة مني حتي يلفظني أطلال إنسانة متهالكة الجسد ممزقة الثياب دامية الجسد تتلاحق أنفاسي متحشرجة توشك روحي أن تبلغ النهاية, وينظر لي مزهوا برجولته الوحشية ينال حقه اغتصابا ويسيل لعابه لفزعي وارتعاد الأوصال مني ثم يمضي وابتسامة الشيطان ترتسم علي وجهه قاسية جارحة..! و كان حبيبي شيطان آخر ينالني حبا ولطفا بابتسامة حنان زائفة لم أدرك أنها السم يجري في أوصالي, يقتل البراءة في نفسي شيئا فشيئا وتستسلم له الإرادة مني كدمية صماء في يد لاعب ماريونيت محترف يمسك بخيوط روحي وعقلي لاهيا بي حتي ترتوي رجولته المخادعة وتمضي الأيام بنا خزيا وعارا حتي منزلق جريمة محكمة الترتيب أقنعني بها كي أهجر بيتي هربا معه لا ألوي علي شيء أجتر وراءه سلبة الإرادة والعقل, وبتحريض منه استصدرت حكما بالخلع من زوجي ويقيني أني نجوت من عذابه حتي أطفالي الثلاثة لم أفكر فيهم وعشت مع حبيبي شهورا ذليلة له تزوجني خلالها عرفيا بعد انقضاء عدتي وتوهمت أن السعادة واللذة التي أعيشها تحت أقدامه هي الأمل الذي عشت من أجله وكأني أدمنه ولا فكاك من مصيري حتي لو مت علي يديه ولكنها الأقدار كانت لها إرادة أخري وكما سقيت زوجي الأول من كأس الخيانة سقاني زوجي الثاني وحبيبي من الكأس نفسها حيث فوجئت به يسعي في غواية غيري, وواجهته بخيانته لي فانقلب علي نازعا قناع الحب ومعسول الكلام الحاني وانهال علي ضربا مبرحا حتي فقدت عقلي من شدة الألم, زاغت عيناي ولم أر أمامي غير شبح مخيف ترتعد له أ وصالي ونصل سكين يبرق أمامي لم أدر إلا وقد أمسكت بمقبضه واندفعت بنصلها اللامع في غشاوة العقل مني وطعنته بها كثيرا, لم أعرف كم طعنة طعنته بها, كنت انهال عليه بالسكين في هيستيريا وأنظر إلي الدماء منه تلطخ الأرض والجدران فأغتسل بها من خطيئتي وأضحك في جنون. لم أدر إلا وأنا رهينة جدران خطيئتي أقضي عقوبة مؤبدة حفرت السنوات فيها نتوءات قاسية علي وجهي من الكبر والوهن وها أنا الآن أخرج من سجني بعد انقضاء مدة العقوبة ليس لي في الدنيا من أحد, فأهلي تبرأوا مني وزوجي اختفي وأولادي لا أعرف عنهم شيئا وليس لي أي مصدر للرزق أقتات منه وليس هناك من يأمن علي في عمل وأنا مجرمة خريجة سجون حتي الموت يضن علي بالراحة تضمني حفنة من تراب أستريح فيها من عذابات رافقتني مشوار حياتي ومازالت تطاردني. ع. ح. القاهرة كل نفس بما فعلت رهينة ولعلك تدركين الآن أن الفاتورة الباهظة التي تكبدتها من حريتك وما لاقيته من ألم نفسي وجسدي لم تكن إلا نتاج جموح أعمي لهثتي خلفه بلا عقل أو وعي وأوهمتي نفسك أنك ضحية مشاعر قوية سيطرت عليك حبا وعشقا لرجل معدوم الضمير استغل سذاجتك ومعاناتك مع زوج فظ قاسي القلب وتبعا لما وصفته وإن كنت أشك في ذلك بعض الشيء وأري فيه نوعا من المبالغة لتبرري ضعفك وهوانك أمام رجل آخر, أقول: إن هذاالمحبوب المزعوم استغل بذرة تمرد كانت تنمو داخلك علي زوجك الذي يعاملك بقسوة وأخذ ينفخ جذوة النار فيها حتي أحرقت حياتك واحترقت أنت بها في النهاية, أما هو ينظر إليك بالنظرة نفسها التي وصفت بها نظرة زوجك وابتسامته الشيطانية في كل مرة ينالك فيها أما الحبيب طيب القلب ورمز الحنان يرسم علي وجهه نهما مرتويا منك ابتسامة أكثر شرا وإن توارت خلف وجه بارد يعرف كيف ينال من فريسته ويشبع رجولته الحيوانية علي حساب كرامة من يوهمها بحبه وشرفها وسعادة أولادها. وفي النهاية لست في موقف الحساب الآن فلقد اقتصت الأقدار منك بما يكفي تعزيرا في الدنيا أما الآخرة فهي في علم ربي سبحانه وتعالي وهو أرحم الراحمين وصدق المولي عز وجل عندما قال في محكم آياته قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وقوله تعالي وأنيبوا إلي ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين تري العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلي قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين, الزمر:54 59] ومن هنا لابد وأن تدركين أن باب التوبة لا يصد في وجه العباد ورحمة الله ومغفرته بلا حدود فاقبلي علي ربك لا تتواني ولا تخشي شيئا فالله أقرب إليك من حبل الوريد وهو الأقدر علي رعايتك لا من تبرأوا منك فالجئي إليه لا تبالي.