لا يكاد يخلو موسم سينمائي من ضجة إعلامية تحيط باحد الأفلام بسبب تقدم محام مجهول أو شخص ما ببلاغ ضد الفيلم وتعرض صناعه للتحقيقات بحجة الاساءة للدين, كما حدث مؤخرا مع المخرج عمرو سلامة بسبب احد المشاهد في فيلمه شيخ جاكسون. وأثار قرار النيابة بتحويل الفيلم إلي الأزهر لابداء الرأي فيها, غضب السينمائيين من جديد لأن الفيلم سبق إجازته في أكثر من مرحلة من الجهة الوحيدة المنوط بها الرقابة علي الأفلام السينمائية وهي جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية, بينما تم بناء علي البلاغ المقدم من محامي ما التحقيق منذ أيام قليلة مع كل من المخرج عمرو سلامة وممثلين عن الرقابة. ورفض د.خالد عبد الجليل رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية التعليق علي ذلك, مؤكدا أن رفضه للتعليق لا يعني عدم مساندته لصناع السينما, بينما اصدرت جمعية نقاد السينما المصريين بيانا تعلن فيه تضامنها مع فيلم شيخ جاكسون ومخرجه عمرو سلامة ضد الحملة التي يتعرض لها الفيلم ممن وصفوهم في البيان بأنهم طالبي الشهرة ومدعي الوصاية الأخلاقية المطالبين بمنع الفيلم من العرض, والتي وصلت لاستدعاء المخرج للإدلاء بأقواله أمام النيابة, بالرغم من كون البلاغ المقدم يتعلق بفيلم قد أجازته الجهات الرسمية وعرض علي جهاز الرقابة علي المصنفات مرتين كأي فيلم آخر, مرة كنص مكتوب وأخري كشريط بعد التصوير, وفي المرتين أجازته الرقابة دون حذف, ومنحته تصريحا بالعرض العام وفقا للقانون, لا ينبغي أن يتعرض المبدع بعده لأي مسائلة أو استجواب. وأضافت الجمعية في بيانها وفي هذا تثمن الجمعية إجازة الرقابة للفيلم, رغم تحفظنا بشكل عام علي مفهوم الرقابة ومطالبتنا الدائمة بمنح الحرية الكاملة للمبدعين والمفكرين, فحرية الاعتقاد والإبداع والتعبير حرية إنسانية بديهية تنص عليها كل القوانين والدساتير ومنها الدستور المصري, وتطالب المثقفين والمبدعين بالتكاتف والتدخل لإيقاف هذه المهزلة وأي مهزلة مشابهة, فدعوي الحسبة مرفوضة قانونيا وإنسانيا, وعصر الحريات والسماوات المفتوحة هو آخر عصر يمكن فيه المطالبة بمنع فيلم أو قمع فكرة. وأشار البيان إلي أن شيخ جاكسون هو فيلم جاد مثل مصر في مهرجانات عالمية, واختاره السينمائيون والنقاد مرشحا مصريا لجوائز الأوسكار, وأي نقاش أو اختلاف حوله وحول أي عمل فني يجب أن يكون مكانه صالات العرض ووسائل الإعلام والندوات, لا المحاكم والنيابات. لأن هذه هي الصورة الحضارية التي نطمح إليها ونتمناها جميعا لمصر وللفن المصري في ظل التحديات الكبيرة التي تخوضها البلاد والمعاناة التي يمر بها الفنانون لإنجاز أعمالهم, فأقل تقدير ألا نزيد بسوء التصرف هذه التحديات والمعاناة., وتضامنت جبهة حرية الابداع مع بيان الجمعية وأعلن عدد من السينمائيين موافقتهم علي ما جاء فيه. وقالت الناقدة حنان شومان في تصريحات للأهرام المسائي تعليقا علي التحقيق مع المخرج عمرو سلامة وممثلي الرقابة أنها تعتبر ما يحدث نوعا من المزايدات وتصفه بالتهريج غير المقبول وغير المفهوم, لأن الدولة حددت من البداية من يكون الرقيب ومن صاحب الحق في منح التصريح بالعرض, وهي الرقابة علي المصنفات التابعة للسلطة التنفيذية, وقد خضع الفيلم بالفعل لخطوات الرقابة اولا كسيناريو ثم كمنتج فني متكامل وحصل علي التصريح, وعرض جماهيريا. وأضافت قائلة ما لا أفهمه هو أن يخضع الفيلم للتحقيقيات بعد حصوله علي التصريح وعرضه جماهيريا بسبب مطالبة محاميا أو شخصا ما من الشارع بالرقابة عليه مرة اخري من جهة اخري غير الجهة المنوط بها المراقبة, لذلك اسمي هذا إلا نوعا من التهريج وأنا هنا استخدم تعبيرا مهذبا لوصفه, مشيرة إلي أنها تعتبر تحويل الفيلم إلي الأزهر وكأنه جهة رقابية يعتبر تحايلا علي القانون الذي ينص بشكل صريح علي أن الرقابة هي الجهة الوحيدة المسئولة عن إجازة الأفلام. وأكدت أن هذا الموقف يجعلنا نطرح تساؤلات عن السلطة القضائية وهل من حقها التغيير أو التحايل علي قانون ثابت وضعته السلطة التنفيذية والضرب بعرض الحائط بالنص الدستوري الصريح الخاص بحرية الفكر والابداع, مشيرة إلي أن القرار الذي اتخذه وكيل النيابة بتحويل الفيلم إلي الأزهر ليس له أي سند قانوني ولا يحق لرجل قانون أن يتحايل علي القانون, مضفية أن السينما يحكمها قانونان الأول يتمثل في العلاقة المادية بالدولة وهو قانون الضرائب والثاني هو قانون الرقابة الذي يحمي ويراقب السينمائي. وأضافت كيف يمكن للرقابة أن تحمي السينمائي اذا كان ممثليها أنفسهم يتم التحقيق معهم, لابد أن تتخذ وزارة الثقافة موقفا قويا للدفاع عن السينما وعن سلطة الرقابة علي المصنفات التي تتبعها, ويجب ان يتصدي وزير الثقافة لهذا الأمر لحماية حرية الفكر والابداع.