بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    بمحفظة أراضٍ ضخمة.. خبيران: عرض الاستحواذ على أسهم زهراء المعادي للاستثمار أقل من القيمة العادلة    البيت الأبيض يطلب تقريرًا خلال 30 يومًا لتحديد فروع الإخوان في الدول العربية    حكاية جماعة الإخوان السوداء.. من النشأة السرية إلى الإرهاب الدولي    ترامب يبدي استعداده للتحدث مباشرة مع مادورو رغم تصنيفه ك"رئيس منظمة إرهابية"    ماليزيا تعتزم حظر استخدام وسائل التواصل لمن هم دون 16 عاما    أمميون يدعون للضغط على إسرائيل وحظر تسليحها بسبب خرقها وقف إطلاق النار فى غزة    أسماء من العيار الثقيل، 7 مدربين مرشحين لخلافة أرني سلوت في تدريب ليفربول    طقس الثلاثاء.. انخفاض في درجات الحرارة وأمطار محتملة على البحر الأحمر    القبض على متهم بإطلاق النار على طليقته في المنيا    الأمن يكشف ملابسات اقتحام أحد المرشحين وأنصاره لمركز شرطة فارسكور بدمياط    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    بالهداوة كده | حكاية كوب شاي.. وحكمة صغيرة    ياسر جلال يثني على أداء سمر متولي في "كلهم بيحبوا مودي": "بتعملي لايت كوميدي حلو جدًا"    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    «بوابة أخبار اليوم» تنشر نص الأمر التنفيذي لتصنيف بعض فروع الإخوان منظمات إرهابية عالمية    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    مفتي الجمهورية: التعليم الصحيح يعزز الوازع الديني ويصون المجتمع من التطرف    البيان الختامي لعملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. المرحلة الثانية    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    إذاعة القرآن الكريم تُحيي الذكرى ال 45 لرحيل الشيخ الحصري    مراسل الحكاية: المنافسة قوية بين 289 مرشحاً على 38 مقعداً في انتخابات النواب    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    مستشار الرئيس للصحة: مصر خالية من أى فيروسات جديدة (فيديو)    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشماتة..
فسق
نشر في الأهرام المسائي يوم 15 - 12 - 2017

من الناس من إذا رأي مبتلي بمعصية من المعاصي, أو رأي أبناء فلان من الناس قد أسرفوا علي أنفسهم أخذ يشمت بهم, وينتقصهم, ويذمهم, بل هناك من يظهر الفرح والسرور بموت أو قتل غيره من أهل بل
ده.
وما هذا المسلك برشيد, إذ هو من الغيبة المحرمة, ومن تزكية النفس بذم الآخرين, ويخشي علي من كانت هذه حاله أن يبتلي بمثل ماابتلي به من سخر منهم. فاللائق بالمسلم أن يكون أرجي الناس للناس, وأخوف الناس علي نفسه.
يقول الدكتور أسامة الشيخ أستاذ الفقة المقارن بكلية الشريعة والقانون بطنطا: إن الشماتة هي الفرح ببلية من تعاديه ويعاديك. وقيل بأنها: السرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدين والدنيا.
وقد ورد في كتاب الله عز وجل مايدل علي ذم هذا السلوك السيئ, ومن ذلك قوله تعالي:( ولما رجع موسي إلي قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقي الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولاتجعلني مع القوم الظالمين)( الأعراف:150) فسيدنا هارون في قصته مع موسي- عليه السلام- تعوذ من هذه الفعلة الشنيعة, إذ قال الله تعالي علي لسانه: فلا تشمت بي الأعداء ولاتجعلني مع القوم الظالمين, فهي دعوة واضحة وصريحة يطلب من الله ألا يشمت به عدوا, وربط في دعوته السؤال ألا يجعله الله مع القوم الظالمين, وكأن الشامتين أصبحوا ظلمة, فهم ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم.
كما قال تعالي:( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط)( آل عمران:120) وهذا إشارة إلي فرح الكفار بما يحل بأهل الدين من مصائب.
وقال:( إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون)( آل عمران:50), يعني إن أصابك الغنيمة والنصر ساءهم ذلك وإن تصبك مصيبة يعني الشدة والنكبة والهزيمة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل يعني حذرنا بالقعود والتخلف عن الخروج من قبل المصيبة ويتولوا وهم فرحون بما أصابك وبتخلفهم. وغير ذلك من الآيات التي تدل علي الفرح في المصائب.
كما جاءت بعض الأحاديث في ذم هذا السلوك أيضا, ومن ذلك: ما روي عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء, ودرك الشقاء, وسوء القضاء, وشماتة الأعداء.
وماروي عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه- قال: رسول صلي الله عليه وسلم: من عير أخاه بذنب لم يمت حتي يعمله. قال أحمد: من ذنب قد تاب منه. لذلك فليحذر المسلم من الشماتة بأهل البلاء, فإنه لا يأمن أن يبتليه الله بما ابتلاهم فيه, يقول إبراهيم النخعي رحمه الله: إني لأري الشيء أكرهه, فما يمنعني أن أتكلم فيه إلا مخافة أن أبتلي بمثله.
ويوضح الدكتور اسامة أن المسلم الحق بعيد عن الشماتة والزراية بالآخرين, لأن الشماتة خلق وضيع مؤذ جارح, وهو من أخلاق الكافرين, أما المسلم الحق فإنما تحزن نفسه علي المبتلي وترثي لحالة, وتسارع إلي التخفيف عنه, وكلها عطف عليه وألم لمصابه, وماتظهر الشماتة إلا في النفوس المريضة البعيدة عن روح الإسلام وهديه, والمنشأة علي حب الانتقام والكيد والتربص والوقيعة والأذي.
وقد استعاذ النبي صلي الله عليه وسلم من شماتة الأعداء لعظم موقعها وشدة تأثيرها في الأنفس البشرية ونفور طباع العباد عنها, وقد يتسبب عن ذلك تعاظم العداوة المفضية إلي استحلال ماحرمه الله سبحانه وتعالي. يقول الشاعر: أيها الشامت المعير بالدهر.. أأنت المبرؤ الموفور. أم لديك العهد الوثيق من الأيام بل أنت جاهل مغرور. أي: يامن شمت بمصائب الآخرين, هل عندك عهد أن لاتصيبك أنت مصيبة مثلهم؟! أم هل منحتك الأيام ميثاقا لسلامتك من الكوارث والمحن؟! أم هل منحتك الأيام ميثاقا لسلامتك من الكوارث والمحن؟! فلماذا الشماتة إذن؟
فالشامتون تلحقهم العقوبة في الدنيا قبل الآخرة, قال ابن سيرين: عيرت رجلا بالإفلاس فأفسلت. وليعلم كل إنسان أن الشماتة بالمصائب التي تقع للغير تتنافي مع الرحمة التي يفترض أنها تسود بين المسلمين, والنبي صلي الله عليه وسلم- علي الرغم من إيذاء أهل الطائف له- لم يشأ أن يدعو عليهم بالهلاك وقد خيره جبريل في ذلك, ولكن قال في نبل وسمو خلق لا, بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده لايشرك به شيئا, ثم تسامي في النبل والكرم فدعا لهم بالهداية والمغفرة.
ويجب علي الشامتين أن يفيقوا, فسيلقي هؤلاء كما لقينا, قال الله تعالي عندما شمت الكافرون بالمسلمين في غزوة أحد( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس)( آل عمران:140). ويقول الشيخ صلاح زاهر من علماء وزارة بالأوقاف إن من آمن بالله إيمانا كاملا أحب لأخيه ما أحبه لنفسه. فإن أصابه خير هنأه وإن اصابه ضر أساءه. وشاركه آلامه وآماله وعلي المؤمن أن يحذر من آفة تجلب علي صاحبها البلاء وتورثه الشقاء وتحرمه من التمتع بطيبات الحياة وهي الشماتة ومعناها الفرح المؤقت لبلاء يقع لغيره حسدا له وحقدا عليه وهي دليل علي العداوة والبغضاء. فلا يشمت أحد بأحد إلا لعداوة بينهما قد تكون ظاهرة وقد تكون كامنة ومن ذلك قوله تعالي فلا تشمت بي الأعداء الأعراف150 والشماتة دليل علي الخيبة والخبال والعرب تسمي الشامت خائبا ويقولون أيضا شمته الله: يعني خيبه وفضحه وذلك بخلاف تشميت العاطس فإنه دعاء له وتجاوب لحمد الله عز وجل. فإذا ماعطس وحمد الله دعونا له بالعافية والرحمة.
- وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم النهي عن الشماته قال لاتظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك وهذا نهي عن إظهارها وإخفائها وكأنه قال لاتشمت به أبدا وإن وقعت في قلبك شماتة فلا تعمل علي إظهارها بل اجتهد في إزالتها بكل ما أوتيت من علم وحكمه.
ويوضح الشيخ صلاح زاهر أن إظهار الشماته يوقظ نار العداوة ويزيد في إشتعالها. ولو عزاه في مصيبة وواساه بقدر طاقته وأعانه علي دفع ضره لكان ذلك أولي وأقرب للتقوي والله عزوجل يقول ولاتنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير البقرة237.
والمؤمن الحق هو الذي يدعو للصلح ولايجعل للشيطان عليه سبيلا ولايدنس قلبه بهذه الآفة البغيضة وهو يعلم أن الدهر ذو عبر يوم له ويوم عليه. وصدق الشاعر حين قال
الناس للناس مادام الحياء بهم- والعسر واليسر ساعات وأوقات لاتقطعن المعروف عن أحد- مادامت ترجي فالأيام تارات.
وقد علل النبي صلي الله عليه وسلم هذا الأمر بقوله فيرحمة الله ويبتليك.
- ليمسح الشامت دموع فرحه الموقف ويكف نفسه عن التمادي فيما يفسد قلبه وعقله وخلقه ودينه ويعرضه للمساءلة من قبل عدوه الذي شمت به ويجعله مستحقا للبلاء من قبل الله عز وجل شأنه لأنه بالمرصاد لمن طغي وأخمر السوء لأخيه وتمني زوال نعمته. وماذا يكون حال الشامت لو رحم الله عدوه وفتح له أبواب الخير وأسبغ عليه النعمة وابتلاه بمثل ماابتلاه به وأشد لأن شماتته ترد إليه في يوم من الأيام إذ علي الباغي تدور الدوائر ومن سل سيف البغي قتل به ومن صارع الحق صرع ومن تكبر علي الناس ذل. قال تعالي ولايحيق المكر السيئ إلا بأهله فاطر.43
- والشماتة نوع من الفسق ينشأ عن الحقد وغيرهما من الآفات المنافية للايمان الصحيح. لهذا كان الشامت عرضة للبلاء معامله له بسوء خلقه مالم يبادر بالتوبة النصوح وتطهير نفسه من الآفات التي تعكر عليه صفو إيمانه.
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من عير أخاه بذنب لم يمت حتي يعمله. وقال الشاعر
إذا ما الدهر ضر علي أناس- تلاقه أناخ بآخرينا فقل للشامتين بنا أفيقوا- سيلقي الشامتون كما لقينا.
ومن أضرار الشماتة أنها سبب لسخط الله تعالي وملائكته وأنها دليل علي سوء خلق الشامت وضعف إيمانه وعدم رضاه بما قدر الله وأراد وكذلك إنها دليل علي انتزاع الرحمة من قلبه كما أن الشماتة تورث العداوة والبغضاء وأنها طريق تفكك المجتمع وتمزيقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.