المرأة في مصر نصف المجتمع, وهي في معظم قري الصعيد تمثل مجتمعا بأكمله, فالمرأة الريفية في أسوان دائما ما تقف علي مسافة واحدة من الرجل, خاصة بعد أن انتفض المجتمع النسائي في الجنوب بشكل لافت للنظر متحديا عاداته وتقاليده, ليتواكب مع إعلان الرئيس السيسي بتخصيص عام2017 عاما للمرأة. في هذا العام شهدت محافظة أسوان تحديدا حصادا مثمرا للفتاة الأسوانية الريفية, فمنهن نماذج اقتحمت الخط الأحمر المحظور في مجال العمل الحرفي واليدوي, ولم يتوقف هذا الحصاد عند ذلك بل حملت نهاية العام مفاجأة سارة بتولي أول سيدتين لمنصب المأذونية الشرعية في التاريخ بقريتي غرب أسوان وبنبان وكلتاهما ريفية. وبعد أن اقتحمت الفتاة الصعيدية العديد من مجالات العمل التي كانت قاصرة علي عمل الرجال, بات ضروريا أن تتلقي المرأة الريفية في ساحرة الجنوب السمراء الاهتمام الكافي الذي يؤهلها لمواصلة مشوار الكفاح الذي بدأته, سواء من الدولة أو المجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني, خاصة أن هناك معوقات فعلية تواجهها في تسويق منتجاتها من المشروعات, وهي المشكلة التي أجمع عليها معظم الفتيات الأسوانية, حيث طالبن بتمويل مشروعاتهن المقترحة وتسهيل إجراءاتها بلا تعقيد مع التوسع في معارض تسويق منتجاتهن اليدوية بمختلف محافظات مصر, بالإضافة إلي الاهتمام بقضاياهن ومشاكلهن الحياتية وكذا حقوقهن السياسية. فتيات بنبان.. يبحثن عن الدعم البداية من قرية بنبان بمركز دراو, وهي بالمناسبة أول قرية مصرية تعلن خلوها من ختان الإناث في عام2006, كما أن لأهلها مقولة شهيرة تقول: إن الرجال في بنبان, وهي المقولة التي يقصدون بها تميزهم بسمات العروبة والشهامة والرجولة في المواقف الصعبة, حيث تحكي أميرة سيد دبوس, الحاصلة علي دبلوم فني, مشوارها مع أحد المشروعات الصغيرة التي تبنت فكرتها مع25 فتاة من القرية, وتقول إنها لم تنتظر البحث عن وظيفة حكومية مثل الأخريات وتعلمت حرفة الحياكة من خلال دورات تدريبية عن طريق مركز دندرة الثقافي بمحافظة قنا الذي منح الفرصة للفتيات لتنمية مهاراتهن في فنون هذه المهنة, وبعدها وكما تقول أميرة فكرنا جميعا في تأسيس مشغل لحياكة الملابس بالقرية, وكذا فتح معرض صغير لتسويق المنتجات من زي حضانات الأطفال وطلاب المدارس, ولكن للأسف لم تجد من يشجعها ماديا علي الاستمرار, فاضطرت إلي إلغاء المشروع بعد عام واحد فقط من افتتاحه ليقتصر علي حياكة الزي المدرسي للحضانات فقط, وطالبت أميرة بدعم الصندوق الاجتماعي لمثل هذه المشروعات قائلة: إن طموح الفتاة في الريف لا حدود له, فهي بارعة في المشغولات اليدوية التي تعتمد علي الخامات الطبيعية, المرأة في بنبان لا تقل عن الرجل. وتتدخل سيدة عيسي من نفس القرية قائلة: إن هناك فتيات كثيرات انسحبن من نفس المشروع وفضلن العمل في حياكة الملابس داخل المنازل, وقالت: نتمني أن تقف الدولة بجوارنا لتوفير الدعم المالي الذي ينمي من مشروعاتنا, خاصة أن هناك مجالات عمل ومشروعات كثيرة تحتاج إلي ملابس وزي موحد ومنها مشروع الطاقة الشمسية في بنبان, كما أن هناك نحو11 مدرسة في قري غرب النيل من الممكن توفير الزي المدرسي لها بأقل التكاليف, بالإضافة إلي أطقم التمريض بالوحدات الصحية. وأشارت سيدة إلي إمكان البدء في كثير من المشروعات الجديدة في قري غرب النيل, وذلك لاستغلال طاقات الفتيات والمرأة الريفية ومنها علي سبيل المثال تجفيف الطماطم وتصديرها, وتعبئة المواد الغذائية, والمشغولات اليدوية كالسجاد اليدوي والخرز, وجميع هذه المشروعات في حاجة ماسة إلي دعم منظمات المجتمع المدني حتي تري النور تصنيعا وتسويقا, وأخيرا انتقلت سيدة بنبان للخوض في مجال السياسة قائلة: نحن بنات التاء المربوطة نطالب بإقامة الندوات التوعوية والسياسية في الريف بشكل أكبر, كما نطالب بحقوقنا في تولي المناصب القيادية وأيضا في المجالس المحلية مناصفة مع الرجال, خاصة أن هناك قضايا ومشكلات اجتماعية كبيرة تعاني منها المرأة الريفية في أسوان. فتاة الجبل قهرت المستحيل في إدفو أما في أقصي شمال المحافظة فقد أثبتت المرأة الريفية قدرتها علي تحدي المستحيل رغم الظروف الصعبة التي تواجهها, حيث نجحت فتاة قرية الكلح بإدفو هدية أحمد في اقتحام مجال صيانة الأجهزة الكهربائية لتجسد نموذجا رائعا من نوع جديد, وتقول هدية إن ظروف أسرتها حالت دون استكمال تعليمها فاكتفت بالحصول علي الشهادة الإعدادية ومع هذا لم تستسلم وكان طموحها كبيرا في المعرفة ومع هذا الطموح والكلام علي لسانها لجأت إلي شبكة الإنترنت للتعرف علي كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالأجهزة الكهربائية حتي حصلت علي قرض بنكي وافتتحت ورشة صغيرة لإصلاح الأجهزة ونالت ثقة الرجال قبل السيدات وتأمل الآن في التوسع بمشروعها وتحويله إلي مصنع صغير, مناشدة المجلس القومي للمرأة في مساعدتها لتحقيق هذا الحلم الذي تعهدت بأنه سيعتمد علي تشغيل الفتيات وتعليمهن مهارة الحرفة. مأذونة الريف تشكر الرئيس السيسي ومن هدية الكلح إلي سمر محمد بركة بنت قبيلة الجعافرة بقرية بنبان التي تعد أول مأذونة شرعية في قري غرب النيل والأصغر سنا في مصر, حيث قدمت التحية والتقدير للرئيس السيسي الذي أتاح للمرأة المصرية فرصة ذهبية لتقلد الوظائف واقتحام مجالات العمل التي لم تكن متاحة لها من قبل في العصر الذهبي للمرأة, وتضيف سمر أنها حصلت علي ليسانس الحقوق في عام2013 وأصرت علي التقدم لهذه الوظيفة المحفوفة بالمخاطر في الريف والصعيد, حيث لاقت دعما واهتماما كبيرا من المجلس القومي وفرعه في أسوان, خاصة من الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة التي تقود مبادرة التاء المربوطة سر قوتك. دعم دائم من المحافظ من جانبه أكد اللواء مجدي حجازي محافظ أسوان أن المحافظة تحرص علي دعم وتشجيع النماذج المشرفة للمرأة الأسوانية التي وصفها بأنها تجسد تفوق وبراعة الفتاة المصرية الريفية التي تستطيع العمل في المهن الشاقة, وقال المحافظ إن هناك مبادرة قوية يتبناها فرع المجلس القومي للمرأة بأسوان لتحويل قريتي الشطب بمركز دراو والسبوع بمركز نصر النوبة إلي قريتين نموذجيتين منتجتين, وذلك تفعيلا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي باعتبار عام2017 هو عام المرأة المصرية, وشدد المحافظ علي توفير خدمات التعليم للفتيات ورعايتهن صحيا. الثقافة تنشر الوعي وورش لتعليم الحرف وفيما يتعلق بدور فرع ثقافة أسوان في الاهتمام بالمرأة الريفية بالمحافظة, أوضح محمد إدريس مدير عام الفرع بأن قضايا المرأة هي مسار اهتمام كبير من الفرع الذي يحرص علي عقد الندوات وإقامة الأسابيع الثقافية والقوافل داخل القري والنجوع للتوعية بقضايا العنف ضد المرأة وختان الإناث وتسرب الفتيات من التعليم, بالإضافة إلي تفعيل أندية المرأة وعقد ورش تعليم الخياطة والحرف البيئية والندوات الثقافية والدينية والتوعوية, ومنها ورش أعمال الخوص والجريد والخرز, وكشف إدريس عن إقامة18 ورشة عمل مختلفة المجالات خلال هذا العام, حيث استفادت منها1355 سيدة ريفية. قومي المرأة يختار50 فتاة لمشروعات الأغنام وأخيرا أكدت الدكتورة هدي مصطفي مقررة فرع المجلس القومي للمرأة بأسوان أنه تم إعداد ملف شامل يضم قاعدة بيانات متكاملة عن كافة القري بالمحافظة, بجانب حصر دقيق لأهم التحديات ومعوقات التنمية التي تعاني منها المرأة في الريف, وأشارت إلي أن هناك تنسيقا مع المديريات الخدمية بهدف تنمية وتطوير مهارات الفتيات, خاصة في مجالات صيانة التليفون المحمول والتكييف والتبريد, بالإضافة إلي صناعة الجلود والحياكة والتفصيل وأضافت مقررة فرع المجلس القومي للمرأة بأسوان بأنه تم اختيار50 سيدة وفتاة من قريتي الشطب والسبوع بدراو ونصر النوبة للبدء في تنفيذ مشروعات صغيرة بمجالات تربية الدواجن والأغنام, وذلك من خلال التنسيق مع الجهات المختلفة لتوفير الدعم المالي المطلوب بغرض مساعدتهن في توفير مصدر رزق ودخل ثابت لهن يعينهن علي تدبير احتياجاتهن ومتطلباتهن الأسرية والمعيشية, وأكدت الدكتورة هدي مصطفي أن المرأة المصرية تعيش أزهي عصورها في عهد الرئيس السيسي, وقالت: إن المجلس بقيادة الدكتورة مايا مرسي يولي الفتيات الأسوانيات في الريف اهتماما كبيرا.