أصبحت معاناة الغارمات من أكثر القضايا التي تفرض نفسها علي المرأة المصرية في الوقت الراهن بعد أن وصل عددهن إلي نحو30 ألف سجينة, وفقا لأحدث إحصائية لوزارة التضامن الاجتماعي, الأمر الذي نبه المجتمع مؤخرا إلي ضرورة التحرك لوضع حلول عاجلة وجذرية لهذه المشكلة التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم, حيث تجد فجأة المرأة نفسها وراء الأسوار. وكان من أهم ملامح هذا التحرك الذي لم تجن بعد ثماره لاحتياجه إلي تعديل في القانون هو المبادرة التي دشنتها25 جمعية أهلية, لمساعدة الغارمات, انطلاقا من أن ما دفع المرأة إلي ذلك هو هدف اجتماعي وتلبية احتياجات أسرتها, في محاولة للوصول إلي حلول تمنع سجن هؤلاء النساء اللاتي يمثلن العائل لأسرهن, كما لاقت القضية اهتمام فايقة فهيم, عضو مجلس النواب, التي تقوم الآن بإعداد مشروع قانون يمنع سجن النساء الغارمات, اللاتي ارتفع عددهن كما تقول فهيم بسبب الفقر والعوز, كأن تريد أن تزوج ابنتها أو تستكمل تعليم أبنائها من جهة. ومن جهة أخري قد تكون فريسة لبعض العادات والتقاليد الخاطئة المتوارثة, والتي لم يعد من الممكن الإبقاء عليها في العصر الحالي بمشاكله الاقتصادية, حيث تصر الأمهات علي المغالاة في تجهيز بناتهن, أو شراء سلع استهلاكية مرتفعة الثمن علي الرغم من عدم الاحتياج الفعلي لها, ومن هنا تضطر المرأة إلي الاستدانة, والتوقيع علي شيك أو إيصال أمانة, ثم تتعثر في السداد وقد تستدين لدفع الدين الأول, وتتعثر وتقع في دوامة لا تنتهي من الديون. وتضيف قائلة: ما دفعني للاهتمام بهذه القضية التي أعكف عليها الآن, وأقوم بدراستها من جميع الجوانب أن هؤلاء النساء لسن مجرمات, لكنهن في الأصل يردن إسعاد أسرهن وتلبية احتياجاتها وإن كان ذلك لا ينفي خطأهن الذي قد يقعن فيه بسبب الجهل أو قلة الخبرة الحياتية وتراجع الوعي, وتكون النتيجة أنهن يجدن أنفسهن وسط السجينات اللاتي ارتكبن جرائم, والسؤال هو: كيف لامرأة دفعتها أمومتها إلي التضحية بنفسها لراحة الأبناء أن توضع مع السجينات, وإذا كان من الخطأ التسرع وعدم حساب إمكاناتها المادية وطرق السداد قبل الإقدام علي القرض أو السلف, فإنه يبقي أنه لا يعد أسلوبا إجراميا, وليس فيه إيذاء متعمد للغير, ومن هنا فكرت أنه بدلا من السجن, تكون هناك عقوبة بديلة, أي يتم إلحاق هذه السيدة للعمل في إحدي الجهات الحكومية علي أن يتم حجب جزء من مرتبها وتوجيهه لسداد الدين, بمعني أن يكون جزء من مرتبها تعيش به وجزء لسداد الدين, تخدم البلد من خلال عملها ولا تصبح وسط نساء مجرمات فيعرضها ذلك للاختلاط بنماذج بها قدر متفاوت من الإجرام والانحراف, والخوف أن ذلك يجرها لخطأ أكبر, أو حدوث تغير في قيمها ومبادئها, كما تمنع تشرد الأبناء الذين لا ذنب لهم, وما زلت في مرحلة الدراسة والبحث في المخرج القانوني الذي يسمح بهذا النوع من العقاب. وتؤكد نائبة البرلمان أنه لابد من التعاون بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص, لمواجهة أزمة الغارمات, بحيث يمكن للحكومة توجيه هؤلاء السيدات للعمل في المصانع والشركات الخاصة, مقابل أجر, ويتم تنفيذ جدولة الدين, وذلك في النهاية لمصلحة المجتمع, لسد الأبواب أمام تزايد أطفال الشوارع والانحراف والإرهاب و العنف.