أما بعد.. مللنا الشجب والإدانة, ضجرنا صرخات الاستنكار والقصاص, وإعلان ثلاثة أيام حدادا وصفحات تواصل متشحة بالسواد وسئمنا خبراء تحليل ارهاب بعد كل ضربة موجعة يطلون علينا معلنين بثقة أن الإرهاب في النزع الأخير والامر لا يعدو سوي تخبط منهم وتصرفات حمقاء, والحمد لله أننا لسنا سوريا أو العراق. اما قبل.. فما يحدث لا يندرج تحت مسمي إرهاب بأي حال, فلا نعرف عن الارهاب سوي انه ترويع للآمنين يأخذ وقتا ولكن لا يأخذ الأرواح, فتلك جرائم سفاحين لجماعات لا تقل اجراما عن النازية والتتار, ولنكف عن تدليلهم بلقب إرهابيين فهم قتلة بلا ملة ولادين. والحرب مازالت في أولها رغم مضي بضعة سنين فنحن مازلنا نقاتل أذرع وذيول التنين وليس رأسه والنتيجة المنطقية تصبح وان كان في أرضك مات إرهابي في الف غيره بيتولد. ومايجري في سيناء خيانة عظمي ليست وليدة اليوم فقبل هذا كانت سيناء بطبيعتها الوعرة وتطرفها الحدودي كان ثغرة آمنة لكثير من الأعمال الخارجة عن القانون ومهما علا صوت المدافعين عن بدو سيناء ووطنيتهم وعن دورهم في حماية الوطن فهناك بالتأكيد من خان وباع ومع أن التعميم بالخيانة لا يجوز ولكن أيضا لا يجوز الانكار, وان غدا لناظره قريب لتطهير كل سيناء بتعاون جاد وداعم من رجال قبائل سيناء لحماية مصر يتخطي الاقوال الي الافعال فأهل سيناء أدري بشعابها, فالانفاق ليست من صنع الخيال والتهريب عبر الحدود للبشر والسلاح ليس أوهاما وزراعة المخدرات والاتجار بها ليس من الأسرار ومن يأوي المجرمون ويوفر لهم المعلومات والطعام مقابل المال في مجتمع قبلي لا يمكنك ان يوجد به غريب ببساطة مثل المدن فمابالك ونحن نتحدث عن أعداد بالمئات وسيارات دفع رباعي وأجهزة استخبارات وأسلحة وعتاد وكل هذا يختفي في لمح البصر وكأن الأرض انشقت عنهم ثم ابتلعتهم!!! وأعجب مافي الامر انه في نفس المكان شبه جزيرة سيناء يجتمع الموت مع الحياة, فجنوبها شرم, راس سدر, طابا, دهب, وفي روز وياقوت ومرجان, تدفقت اليه الاستثمارات وفرص العمل فاصبح اسورة مرصعة في معصم مصر اجمل بقاع الارض الممتلئة بالحياة, سياحة, مهرجانات, مؤتمرات وشهرة سياحية عالمية لا يمكن إنكارها بينما شمالها أهمل حتي استوطنته الامراض وتحول الي طوق علي رقبة مصر يهدد كل يوم بالاخطار. ربما بسبب غبن وقع علي بدو سيناء لسنوات طوال لم ينالوا حقهم في تنمية حقيقية ولا استثمارات وأغلقت الأنظمة السابقة باب الرحمة في وجه أهلها وشبابها ولم تنل حظا في أي عدالة اجتماعية ولا في معاملة أمنية وربما كان موقعهم علي الحدود ودول استغلت هذه الظروف لشراء كثير من النفوس, فهل بدو سيناء جناة أم مجني عليهم؟ وهل كان من الممكن ان يتغير الحال لو وجدت شمال سيناء نفس ما حظي به جنوبها من رعاية واهتمام؟ التجربة الجنوبية أكثر واقعية من أي فرضيات أخري, حين أصبح موضع اهتمام مبارك ورجال أعماله فتحولت في سنوات قليلة الي أجمل المنتجعات. والضرب علي الخائن مطلب قومي عاجل ولكن يجب ألا يدفع الجميع الثمن,, ارض الفي روز هي مستقبل مصر الحقيقي والاستثمارات يجب ان توجه اليها وليس الي الصحراء, ارض الكنوز مازالت تنتظر عصا موسي لتنميتها وإعمارها وفأس موسي لشجب رأس عدونا.