الملاحظ علي الشاشات التليفزيونية في السنوات العشر الأخيرة أنها لا تستضيف النماذج الناجحة في المجتمع المصري إلا لماما وذرا للرماد في العيون واستكمالا للطبخة الاعلامية التي تقدم يوميا للمشاهد المسكين الذي بات يئن تحت وطأة الحوادث والفظائع التي ننام ونصبح عليها, وبعيدا عما قد تسببت فيه الفضائيات, الذي تغولت بعد أن كتب مجهولون شهادة وفاة ماسبيرو في إصابة المشاهد المصري والعربي بحالة من اليأس والاحباط وهي الحالة التي يمكن لأي مستخدم لمواقع الدمار الاجتماعي أن يتيقن منها حيث تغلب علي المنشورات إما الطابع الكارثي نقلا عن الاعلام كسقوط عمارة سكنية وفقدان العديد من الأرواح مع التركيز علي الأطفال بشكل خاص حتي يصبح الخبر مكتملا في كارثيته, وإما تغلب عليها طابع الإثارة سواء كانت إثارة اقتصادية لشريحة مجتمعية ما أو إثارة جنسية وغالبا ما تأتي الاثارة الاقتصادية والجنسية علي شاشات الفضائيات مغلفة بهدف نبيل فالإثارة الاقتصادية تغلف بدافع تنشيط الاقتصاد المصري ودفع عجلة الاستثمار داخل مصر لا سيما في سوق العقارات والفيلات والكومباوندات الفاخرة أما الاثارة الجنسية فهي دائما ما تأتي مغلفة بدعوي حماية المجتمع وتوعيته وتقويم السلوك العام وهي الدعوي التي أعتبرها واهية للغاية, بل علي العكس تماما أري أن كل برنامج يعتمد في مادته الإعلامية علي أي نوع من الاثارة سواء كانت اقتصادية أو جنسية يجب محاسبة القائمين عليه, فما كدنا ايها المحترمون ننتهي من قصة شيرين عبد الوهاب وفريدة الشوباشي إلا ويخرج علينا اعلامنا المبحل بمناقشة أحد الكليبات المسفة, وتعجب سيدي الفاضل من اسلوب مناقشة المذيعين كل في برنامجه وكل من منطلقه واهدافه لكلمات هذا الكليب الذي لم اكن أعرفه إلا بفضل ذلك الضوء الاعلامي الكثيف عليه. والسؤال هنا ما هي حقيقة أهداف تلك البرامج الفضائية؟ هل تعمل بالفعل علي توصيل الرسالة الاعلامية السامية التي كثيرا ما سمعنا عنها من كبار الاعلاميين والصحفيين؟ أم أن تلك البرامج تعمل لصالح أجندة شخصية صرفة بما يحقق لاصحابها وللعاملين فيها أعلي ربحية حتي لو جاءت تلك الربحية علي جثة المجتمع المصري وتشويه ملامحه ومعالمه وما تبقي فيه من مبادئ وقيم نحاول عبر الكتابة الصحفية ان نرسيها ونذكر القراء في مصر والعالم العربي بأننا مازلنا متمسكين بها وأننا لسنا علي نفس الصورة التي يقدمها اعلامنا عنا!! ثم دعوني أتساءل بقدر كبير من الدهشة والأسي هل لهذه الدرجة بات المجتمع المصري عقيما في عيون معظم مقدمي البرامج الفضائية لا سيما الحوارية منها بحيث أنهم لا يخرجون علينا وعلي العالم العربي والغربي إلا بكل ما هو محبط ومؤذ للسمع والبصر؟ انظروا إلي تلك البرامج!! لقد اعلنت ومواقع محطاتها علي شبكة الانترنت عن فشلها وعجزها عن تقديم مجتمعنا المصري في صورة تليق به, هنا وحتي لا أفهم خطأ, لا أعني أننا نعيش بمصر بمجتمع المدينة الفاضلة لكننا لسنا الوحيدين في هذا الشأن فجميع المجتمعات عربية كانت ام غربية تشاركنا ذات السمة بحكم أن البشر سواء في جميع أرجاء الأرض لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. لكن ما أرنو إليه هنا ان تصل رسالتي بكل الحب والمودة إلي اصحاب تلك البرامج التي لا تقتات إلا علي مثالب بعض من المصريين ورغم أن بريطانيا وفرنسا واسبانيا والهند والولايات المتحدةالامريكية يسكنها بطبيعة الحال بشر' مثلنا', إلا أنهم نجحوا في خلق الفارق الواضح بفضل اعلامهم.