توقفت أمام كلمة شيخ الأزهر د.أحمد الطيب التي ألقاها بمؤتمر حوار الشرق والغرب بالعاصمة الإيطالية روما, ووجه فيها لطمة قوية علي جبين الدول الغربية الراعية للإرهاب, وعري الدور المشبوه للنظم الفاشية المتسلطة التي تريد تقسيم وتفتيت الوطن العربي والإسلامي بدعاوي وحجج بعيدة عن العقيدة والأخلاق والحقوق المشروعة. د. الطيب قال بالحرف الواحد: من حق الشعوب التي تعاني من سياسات التسلط والهيمنة والتهجير القسري, ومن سفك دماء الملايين من الضعفاء والفقراء والأرامل والأيتام, أن يقولوا بملء أفواهم: لا وأنا معهم هنا في قلب أوروبا أقول: لا وألف لا, ومن حقنا أن نطالب بتصحيح المسار, وبنصيبنا وحقنا في السلام الذي حرمنا منه, بينما تتمتع به الكلاب والقطط والحيوانات هنا وهناك!! وتساءل.. هل يمكن أن نتجاهل كم الدماء التي سفكت في الحروب بسبب صراع الأديان, واقتتال المؤمنين بها؟ وهل يمكن أن نتجاهل أن أوروبا لم تقض علي حروبها الداخلية إلا بعد أن عزلت الدين جانبا عن حياة الناس فيما سمي بالعلمانية؟ وتعرض الإمام الأكبر لجانب مهم يتعلق ببعض المفاهيم الخاطئة لدي مجتمع أوروبا قائلا: إذا كان إكراه الآخر علي اتباع دين من الأديان هو ضرب من العبث واللامعقول, فيجب والأمر كذلك- احترام عقيدته, والتسليم له بدينه, بل يجب شرعا علي الدولة التي يعيش فيها هذا الآخر المختلف دينا, أن تمكنه من ممارسة شعائر دينه, وأن توفر له دار العبادة التي يتعبد فيها, وأن تلتزم بكل الضمانات التي تمكنه من ممارسة هذا الحق الذي لا يري حقا سواه. وربما تأتي أهمية كلمة شيخ الأزهر كونها رسالة للغرب الذي يتعامل بازدواجية في كل مناحي علاقته بالعرب والمسلمين فهذه بريطانيا التي تصدر بيانات الشجب والإدانة بحق حقوق الإنسان في مصر, أرسلت ضابط مخابراتها لينفذ حادث الواحات الإرهابي الخسيس, ويتم القبض عليه, ويفضح واقع حكومة بلاده الداعمة للأنظمة الإرهابية!! وهي نفس حكومة الدولة التي ساعدت في إنشاء جماعة الإخوان و قدمت لهم الدعم المالي والاستخباراتي علي مدار عقود سابقة ومستمرة حتي الآن, كما أن هؤلاء الإرهابيين يعيشون علي أراضي الدولة البريطانية في حماية الشرطة ويقتاتون من الإعانات الاجتماعية المقدمة لهم!!. ولأن هناك العشرات ممن تولوا منصب الإمام الأكبر شيخ الأزهر منذ أن جعله صلاح الدين الأيوبي منبرا سنيا قبل800 عام, ومعظمهم ماتت أسماؤهم مع موتهم, إلا من رحم ربي, وكلنا لا ننسي محمود شلتوت, ود.عبد الحليم محمود, ومصطفي المراغي وجاد الحق, ولا مواقفهم لنصرة الحق وشرع الله, وعلمهم وثقافتهم. ويحاول د. أحمد الطيبأن يسطر اسمه في قائمة العظماء الذين يذكرهم التاريخ ولا يموت اسمه مع موته, ويحاول أن يجعل من الأزهر منارة الاسلام الوسطي, وهومالا يرضي عنه المتطرفون والإرهابيون من ناحية, ولا الملحدون والعلمانيون وشيوخ الفتنة والتدين المغشوش, لذا وجدنا الهجمات الشرسة التي تنال منه ومن الأزهر الذي يتولي شئونه, ولكنه نجح بمهارة عالم الدين وأمورالدنيا خريج السوربون من النجاة من الفخ الذي نصبه له اصحاب المصالح!!. صحيح هناك مسالب عدة في إدارة شئون الأزهر تعليميا وإداريا ودعويا.. لكن ليس معني هذا أن ننضم ولو بالصمت لصفوف من يريدون إسقاط كل رموزنا ومؤسساتنا, والأطراف العدوه كثيرة, وكل طرف يريد أن يستغل الظروف لصالحه فنري أصوات العلمانيين والملحدين يروجون لمصر العلمانية, والسلفيون والإخوان يروجون لمصر الدينية وهذا غير صحيح, فمصر ليست دولة علمانية ولا دينية بل دولة مدنية حديثة ملتزمة بالثوابت الدينية الاسلامية والمسيحية طبقا للدستور. ولو كانت علمانية كما يروج البعض, لاتجهت لإقرار قوانين مخالفة لثوابت الدين مثل الطلاق عند المسيحيين والمساواة بين الرجل والمرأة في المواريث, ولو دينية لتم اختيار حاكمها رجل دين معصوم من الخطأ!! عاشت مصر بعلمائها ووسطية دينها أبية عصية علي الغزاة والطغاة.