للنوبة مكانة خاصة في نفوسنا, ارتبط اسمها بأهلها الطيبين, سماحة, ومودة, وثغرا بساما. في الماضي البعيد, كانت مهدا لحضارة أذهلت العالم, بآثارها ومعابدها المنتشرة في أبو سمبل, وأسوان, والأقصر. بقدر الشخص يكون الأثر. قد يكون عبورك سريعا, لكنه مؤثر. نظرة واحدة إلي هذه الآثار تكفي لنخفض هاماتنا, ونغمض عيوننا في حضرة أولئك العظماء الذين تركوا لنا ما يبهرنا دائما وأبدا. كيف استطاعوا نقل هذه الأطنان من الصخور مئات الكيلومترات, وكيف رفعوها عاليا لتستقر حيث شاءوا, وكيف نظموا عمل عشرات الآلاف من العمال من مختلف التخصصات, بحيث يتناغم العمل. كيف رتبوا إجراءات الإمداد والتموين( الإجراءات اللوجستية). من المؤكد أن القائم علي إدارة أمر بهذا الحجم والقدر امتلك من العلم والإدارة ما يستحق أن نتطلع إليه جميعا. في الأسبوع الأخير من أكتوبر الفائت, انتهي أجل التقدم لإنشاء مشروعات خلايا شمسية في منطقة بنبان بأسوان ضمن برنامج تعريفة التغذية والذي يعتمد علي إعلان الدولة سعر شراء الكهرباء المنتجة من مصدر متجدد. ثلاثون مشروعا تنفذ( بإذن الله)في غضون عام بمجموع قدرات يقارب الألف وخمسمائة ميجاوات, تكفي لإنارة نصف مليون منزل تقريبا. الرسائل الإيجابية التي يحملها هذا الإنجاز غير المسبوق علي الصعيد الوطني عديدة,منها جاذبية السوق المصري للاستثمار العالمي والإقليمي والمحلي, فالمشروعات المشار إليها تأتي استثماراتها من مؤسسات عالمية تتحسب قبل موافقتها علي ضخ تمويلات تقارب الملياري دولار. أيضا, قدرة الطاقة المتجددة علي جذب الاستثمار الأجنبي المباشر مما يضمن فرص تشغيل عالية, وخفض نسب البطالة, وكذلك استخدام تقنيات متقدمة والحفاظ علي معدلات تشغيل قياسية, علاوة علي نقل الاقتصاد المحلي من النمط التقليدي المعتمد علي القطاع الحكومي فقط إلي مشاركة جادة وفاعلة للقطاع الخاص. أيضا, تمتد الرسائل إلي معني مهم ومؤثر ينبغي أن نحرص عليه ونعظم من قيمته وأن يكون نبراس عمل دائما, ألا وهو أن تناغم أداء المؤسسات الحكومية كفيل بإحداث نقلة نوعية في الأداء. مؤسسات عديدة اشتركت في هذا الإنجاز, هيئة الاستثمار, البنك المركزي, وزارة المالية, وزارة التعاون الدولي, الشركة المصرية لنقل الكهرباء, وزارة العدل, هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة, لتهنأ جميعا بحصاد ثلاث سنوات من العمل متساندين جنبا إلي جنب. ليس هذا فحسب, فقد أبي أكتوبر أن يرحل قبل وضع بصمة أخري للطاقة المتجددة تمثلت في التوقيع علي عقد محطة رياح بقدرة250 ميجاوات بمنطقة خليج السويس ضمن آلية تعرف باسم البناء, والتملك, والتشغيلBuild,Own,Operate,BOO, والتي تشتري بمقتضاها الدولة الكهرباء المنتجة بسعر تنافسي من المستثمر الذي يتولي تمويل وبناء وتشغيل المشروع طوال فترة التعاقد, والتي عادة ما تمتد حتي نهاية العمر الافتراضي, عشرين عاما في طاقة الرياح تزيد خمسا في الخلايا الشمسية, مع الالتزام بتوريد حد أدني من الطاقة المنتجة. أسبوع قياسي يستحق أن نطلق عليه, الأسبوع الوطني للطاقة المتجددة, أزهرت فيه ثمار بذور غرست منذ أعوام, تلفحها ريح تهدأ حينا وتثور حينا آخر, وبين هذا وذاك يتقاطر عرق البسطاء يروي البذور في صمت.يتسلل عبر سياج من ضلوع أحناها ثقل الحلم, والعشم في غد يرونه بعيدا ونراه قريبا تشرق فيه شمس النوبة عفية وبهية, تفرد ثوب نومها غلالة من ذهب علي سجادة من خلايا شمسية تمتد ذات اليمين وذات الشمال. تتعانق أضواؤها في فضاء المحروسة لتنسج بخيوط من ذهب شموسا نوبية.