استلفت نظري عنوان في إحدي الصحف كيف تعثر علي مقبرة فرعونية بتسخير الجن. حيث تضمن حديثا مع أحد الشيوخ الأزهريين بالصعيد يدعي عاشور الأزهري. و قد تضمن الحديث وسائل جديدة للتنقيب الأثري تتجاوز ما تعلمناه و نعلمه لتلاميذنا, إذ أصبح صرف( جن الرصد) كأولي مراحل التنقيب بديلا عن المجسات, و الإستعانة بالجن الصالح بديلا عن التنقيب المنهجي بأسلوب المربعات الرأسي و الأفقي. و بات ذبح الأطفال و تمزيق القرآن مرفوضا تماما في التنقيب الشعبي, مثله كمثل التنقيب العشوائي أو التعدي بالسرقة. و قد أضاف المتحدث بأن( وزارة الآثار قد إستعانت ببعض شيوخ الأزهر لمساعدة البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار)!!, بل و أضاف لا فض فوه أن العديد من البعثات العلمية قد وإستعانت بشيوخ التنقيب الشعبي و عثرت علي مبتغاها الذي نسب الفضل فيه إلي علمائها لا مشايخها.. و أردف أن وزارة الآثار عينت ووظفت لديها في السابق بعض الشيوخ البارعين في التنقيب الشعبي علي أنهم موظفون مدنيون لمساعدة البعثات في أعمال التنقيب. و ليقدم لنا النصيحة المخلصة في ضرورة إهتمام الحكومة بالتنقيب الشعبي و الإسهام فيه, مع قائمة بأهم المواقع في هذا الصدد. و لقد ظللت منتظرا حتي الملل( مع الإعتذار لثومة) آملا أن أجد ردا علي هذا الكلام من وزارة الآثار, و الذي بلغ حد الإتهام لها بالتشيع لهذا التوجه المسمي بالتنقيب الشعبي. و هي كلمة لتسويغ التعديات باسم الجن لا تقل عن تدخله في هزائم أحد الفرق الكروية الكبري طالما بات( رزق الجن علي المجانين). كما أن وضع هذا التوجه جنبا إلي جنب مع التنقيب العلمي أو ربما أعلي مكانة إنما يضرب مناهج التنقيب و البحث الأثري في مقتل, لا سيما بعد تأكيد المتحدث علي تعيين الوزارة للبعض منهم. بل و قيام سيادته بهذا العمل منذ كان طالبا بكلية الدراسات الإسلامية و العربية بالأزهر الشريف. و الواقع فإن ما يمكن أن نخلص به من هذا الحديث أن ثمة توجها يتفق مع ما تروج له وسائل الإعلام بين الحين و الآخر حيال تحقيق الإنجازات بالجن الصالح, و هو ما يمكن أن يغرينا و الحال كذلك بطلب المزيد لحل مشكلاتنا بدءا من الغذاء و إنتهاء بالإرهاب. كما أنه يفتح الباب علي مصراعيه للترويع و من ثم التعدي بالسرقة العلنية, حيث يصبح أمر حماية الآثار لا قيمة له لتجاوزه الأسباب البشرية التي تمثل صدودا لجهد الخوارق. ليبقي علي الوزارة فقط أن تردد حيال أي محاولة رسمية للحماية تلك المقولة الشهيرة( سامحوه يا أسيادنا). و يبقي ذلك الترويج( الذكي) لمصطلح التنقيب الشعبي و الذي لابد له من مواجهة صريحة بالرفض العلني و هو ما لم تحرك له الوزارة ساكنا, إذ أن إستمرارية تداوله قد يجعله قائما جنبا إلي جنب لدي البعض مع التنقيب الرسمي. فضلا عما يمكن أن يفتحه علينا هذا الأمر من مشكلات علي المستوي الدولي مع مؤسسات كاليونسكو و هيئات الحفاظ علي التراث ومراكزها العلمية لا سيما في مصر, فضلا عن المستوي المحلي حيث المؤسسات العلمية شديدة الصلة بالعمل الأثري و ما يمكن أن يلحق هذا الأمر بعملها من تشويه.. ( إشراقات السعدي140): لا تسل عن غيابهم,, بعدما قلت مواطن حضور المحترمين.