إذا كانت الواسطة مفيدة, و الكوسة مربحة, و العلاقات تسهل الطريق, فإن الامر لم يكن كذلك بالنسبة لسعد بن الشيخ حسن عبد الوهاب, ابن شقيق موسيقار الأجيال, والشهير باسم سعد عبد الوهاب. فقرابته الشديدة من عبد الوهاب لم تتسبب في أن يصل صوته للبشر, بالعكس, تسببت في اعتزاله مبكرا. ولد في16 يونيه1929, ودرس الزراعة, وعمل بشهادتها بعد أن تخرج عام1949, حيث بدأ حياته موظفا بشركة السكر, لكنه بعد ذلك عاد إلي مساره الطبيعي, وعمل مذيعا بالإذاعة المصرية. كان قربه من دوائر الوسط الفني عاملا إيجابيا في باديء الأمر, فقام بتمثيل فيلم العيش والملح(1949, إخراج حسين فوزي), وقام بتمثيل عدة أفلام بعده لم يكتب لها النجاح نفسه, لكن الخمسينيات شهدت رواجا لسعد عبد الوهاب, ربما كان منافسا لعبد الوهاب والصاروخ الصاعد عبد الحليم حافظ, ونجحت له أغنيات مثل: الدنيا ريشة في هوا, و قلب القاسي و علي فين واخداني عينيك. وكان سر نجاح هذه الأغاني هي تطورها, وسبقها للعصر, فرغم تطور عبد الحليم حافظ الذي لا ينكره أحد إلا أنه لم يكن قد وصل إلي هذه الدرجة بعد, وإن كان سيتخطاها بعد سنوات طوال مع بليغ حمدي ومنير مراد. ولقياس درجة تطور أغنيات سعد عبد الوهاب, خاصة تلك التي لحنها لنفسه, نحيلك إلي التوزيعات الجديدة لها, والتي قام بها بعض موزعي التسعينيات مثل أحمد الجبالي وبهاء حسني, لتتبين مدي ملاءمتها لأغاني تلك المرحلة. واعتزل سعد عبد الوهاب في عزه, وقيل كلام كثير عن حروب واضطهاد و تطفيش للنجم الجديد, ووصل الأمر إلي القول بأن من كان يقود الحروب ضد سعد هو عبد الوهاب! علي اعتبار أن البلد لا تتحمل2 عبد الوهاب, وأن واحدا فقط هو الذي يبقي, ولأن أحدا لم يكن بوسعه زعزعة عبد الوهاب العم من عرشه, فلنضح إذن بابن الشقيق. وبالطبع, فإن هناك عشرات المقالات والمقابلات واللقاءات تخصصت لنفي هذا الكلام, وأبرزها ما قاله الإذاعي عمر بطيشة الذي قال إن عبد الوهاب لحن لابن أخيه أكثر من لحن, ولو كان يستهدف إبعاده, لم يكن ليمنحه من جواهره, دون أن يجيب عن عدة أسئلة أهمها: ولماذا اعتزل سعد عبد الوهاب إذن في مجده؟ علي أي حال, اعتزل سعد وكان الخاسر هو الجمهور, وانتقل بعدها لدول الخليج يدرس الموسيقي, ويعد الأناشيد الوطنية, ويقيم هناك عقودا طويلة حتي عاد إلي مصر في سن متأخرة, وشهدت فترة الثمانينيات وما بعدها إحياء ورواجا لأغانيه التي تكتشف أنها لم تكن مطبوعة في شركة عمه صوت الفن, ولا شركة الدولة صوت القاهرة وأنه لولا جهود شركات تزوير الأغنيات لما استطعنا الاستماع إلي هذا الصوت العملاق الذي توفي صاحبه في الثالث والعشرين من نوفمبر لعام2004, وربنا يرحم الجميع.