قدمت مصر للعالم علي مدي التاريخ أول نموذج لكل من الثورة والتحرر والإضراب عن العمل. فأول ثورة في تاريخ الإنسانية كانت في مصر عام2230 قبل الميلاد كانت مصر تحت حكم الأسرة السادسة وفي عهد بيبي الثاني وقد حكم الرجل أطول فترة علي مدي تاريخ مصر اقتربت من90 عاما فقد تولي الملك وهو طفل صغير وعاش حتي قارب علي المائة عام وقد أدي هذا إلي حالة من التكلس والشيخوخة في أوصال الدولة أدت إلي تركز الثروة والنفوذ في يد قلة من المسئولين وحكام الأقاليم, مما أدي إلي قيام ثورة اجتماعية وصفها سليم حسن الأثري المعروف بأنها أول ثورة بلشفية في تاريخ الانسانية. ففي لحظة نادرة وبطريقة فريدة من نوعها في مصر والعالم هبت جموع الشعب المصري في كل المقاطعات والمدن والقري وبدء النهب والهدم في بيوت الأمراء والأغنياء حتي المعابد لم تسلم من التخريب خاصة أن الثورة صاحبها تفكير ألحادي يرفض الدين والمعابد والكهنة ويري عدم جدوي العبادة والقرابين التي تقدم للآلهة, وقد استمرت هذه الثورة مايقرب من7 سنوات بعدها عادت مصر إلي العصر الإقطاعي, فقد انقسمت إلي حوالي ثلاثين مقاطعة لكل منها حاكم ويصف إيبور الحكيم المصري هذه الثورة التي عاصرها فيذكرأن المتحلي بالفضائل يسير وهو محزون ويقول الرجل الأحمق إذا عرفت أين يوجد الإله فإنني أقدم له قربانا وفي الحق كانت العدالة موجودة باسمها فقط ويعمله الناس, حينما يلتجئون إليها هو العنف. وفي الحق قد سلبت كتابات قاعة المحاكمة الفاخرة وأصبح المكان السري مكشوفا وفي الحق لقد أذيع سر التعاويذ السحرية وصارت لا أثر لها لأن القوم قد حفظوها في أذهانهم. وفي الحق لقد فتحت الإدارات العامة ونهبت قوائمها وصار العبيد أصحاب عبيد وفي الحق لقد ذبح الموظفون وسلبت قوائمهم ولقد كان لهذه الثورة نتائج سلبية كان من أهمها تفكك الدولة المصرية وأدت إلي حدوث اضطربات علي حدود مصر الشرقية لهجرة البدو إلي مصر مستغلين نهاية الدولة القوية ولكن بعد مائة عام من الحكم الاقطاعي عادت مصر للدولة المركزية في الدولة الوسطي أقوي, مما كانت وأنشأت المدن والقصور وعادت مصر لتولد من جديد هذا عن الثورة فماذا عن التحرر؟ في نهاية الدولة الوسطي قام بعض الرعاة الآسيويين بغزو مصر وأطلق عليهم المصريون حقا وخست وترجمها المؤرخ مانيتون المصري بمعني الملوك الرعاة وترجمها اليونانيون تحت مسمي الهكسوس وهو الاسم الشائع الآن. أقام الهكسوس مدنا لهم في الدلتا وسيطروا علي منف عاصمة مصر القديمة وأستمرت دولتهم في مصر مايقرب من110 سنوات حتي قامت الأسرة17( حكام طيبة) بحروب التحرير المتعددة ضد الغزاة الأجانب وقد بدأت هذه الحروب مع عهد سقنن رع مؤسس الأسرة وقد عثر علي رأس الرجل وبها آثار طعنة حرب وخدوش سيوف مما يؤكد أن الرجل قتل في المعركة فأستكمل ابنه كاموس الكفاح وقتل أيضا في المعركة فاستمر أخوه أحمس الأول في معارك التحرير حتي حقق النصر وطرد الهكسوس من مصر فقاموا بتأسيس مدينة لهم في فلسطين في منطقة غزة الحالية فطاردهم الرجل هناك وهدم مدينتهم حتي لايشكلوا خطرا علي أمن مصر, ويقال إنهم تشتتوا في الصحراء الغربية واختلطوا بأهلها وهم يطلق عليهم العرب المستعربة والهكسوس من الجنس الآري كالفرس والألمان والأكراد هاجروا في أوقات متقاربة من شمال شرق وغرب الهند وأسسوا دولا علي أنقاض السكان الأصليين كما حدث من الألمان في أوروبا والفرس علي الأشوريين والبابليين ولكن المصريين وحدهم الذين استطاعوا طرد المحتلين ليقدموا نموذج التحرر. أما الإضراب عن العمل فقد تم في نهاية الأسرة العشرين في عهد رمسيس الحادي عشر الذي انتهت بنهايته الأسرة(20) فقد تعددت ثورات العمال في غرب طيبة ثم توقفوا عن العمل ويذكر الدكتور عبد العزيز صالح أن العمال رفضوا مساعدة الوزير في نقل متاعه وقالوا لتابعه ليحمل الوزير متاعه وإن أراد فليقم بنقل الأحجار. كما أطلق العمال علي الملك رمسيس الحادي عشر اسم حغمواسه ويبدو أنه اسم يشي بالسخرية من الملك لأن معناه الصغير وقد أدت هذه الاضطرابات إلي نهاية الأسرة العشرين وظهور أسرة جديدة هي الأسرة21 التي حكمت في دولتين منفصلتين إحداهما في الوجه القبلي وأخري في الوجه البحري ولكن الأسرتين كانتا أقارب وهكذا تقدم مصر للعالم النموذج الثالث وهو الإضراب عن العمل قبل أن يعرف العالم ماهو العمل أصلا ويبدو أن تقديم النماذج خاصية مصرية وهذا ماظهر خلال ثورتها الأخيرة25 يناير فقد قدمت نموذجا جديدا للثورات في القرن الحادي والعشرين كشف عن حالة مرعبة من الفساد والعمالة والبلاده لم يسبق أن ظهرت في دولة من قبل.