نائبة بلا مقعد صفة أطلقها الكاتب الكبير والصحفي القدير موسي صبري علي الراحلة عضو مجلس الشعب وداد شلبي, ولذلك لم أجد أحسن من هذا الوصف ليكون عنوانا لهذا المقال الذي يسعدني من خلال سطوره أن أتحدث عن ابنة كوم الدكة والعطارين واللبان, التي كانت نجمة أضاءت سماء الثغر بجهدها وعطائها وقدرتها علي حمل مشكلات الناس وقضاياهم, عاملة بدأب وبلا كلل علي حلها. وتأتي هذه السطور مواكبة لقرار السيد محافظ الإسكندرية الدكتور محمد سلطان, والذي صدر قبل بضعة أسابيع قاضيا بإطلاق اسم نائبة الشعب الراحلة وداد شلبي علي الشارع الذي يقع خلف سينما أمير, الذي يصل ما بين شارعي فؤاد وصفية زغلول بحي وسط المدينة, وقرار السيد المحافظ أمر يستحق الشكر والتقدير, خاصة أنه قرار انتظر صدوره أبناء الإسكندرية طويلا والقرار دليل إثبات علي أن السيد المحافظ يعرف قدر من صدر القرار بحقها, ودليل إثبات أيضا علي أن سيادته يعرف قدر نفسه, والله يرحم من يعرف قدر نفسه, ومن يعرف قدر نفسه يعرف قدر الآخرين, وبالتالي ينطبق عليه القول المأثور والحكمة التي تقول الفضل يعرفه ذووه. ومما لا شك فيه فإن إطلاق اسم وداد شلبي علي شارع من شوارع الثغر وفي منطقة حيوية في وسط المدينة لم يأت من فراغ, وإنما جاء عن جدارة واستحقاق, وهنا أعرج علي الوصف الذي أطلقه الكاتب الكبير موسي صبري علي وداد شلبي فوصفها بأنها نائب بلا مقعد فأقول إنه لم يتجاوز الحقيقة, ولم يخالف طبيعة الأشياء فلقد كانت وداد شلبي عاشقة للعطاء والبذل من أجل البسطاء الكادحين والغلابة من الناس, لقد كانت منحازة لهذه الفصائل من البشر, ومنتصرة للقيم العليا للمجتمع, وكم من معارك خاضتها من أجل الأخذ بين المعوزين والمحتاجين, وكان ذلك منذ نشأتها وقبل أن تكون عضوا بمجلس الشعب, وحتي بعد أن فقدت مقعدها بفعل فاعل بل علي العكس فإنها بعد أن ابتعدت عن العمل النيابي تضاعفت همتها واشتد عزمها وضاعفت من أعباء حمل أثقال المهمومين, وكانت دوما تناضل من أجل حل مشكلاتهم وتخفيف أعبائهم, لم تتقوقع وداد شلبي بعد أن تكالب عليها الزبانية, وحرموها من مقعدها النيابي, ولم تنكفئ علي نفسها, وإنما كانت علي الدوام خادمة للناس وعاملة علي حل مشكلات البسطاء, ولقد زاملت وداد شلبي علي مدي خمس سنوات في مجلس الشعب بداية من1990 وحتي نهاية1995, وأشهد أنها كانت صورة مشرفة للمرأة المصرية, وهي تؤدي دورها البرلماني, ولم تكن يهدأ لها بال حاملة حقيبة مليئة بمشكلات مواطني الإسكندرية, وليس أبناء دائرتها فحسب وتلف وتدور علي الوزارات والمصالح لحل المشكلات, وكانت تحت القبة ذات صوت مسموع, وكان لها مواجهات ساخنة حماية لحقوق العمال في بعض المؤسسات والشركات, ولها أيضا مواجهات في قانون النقابات العمالية إلي درجة أنها أعادت القانون مرة أخري للمناقشة لتنقيته مما كان به من عوار في بعض مواده, كانت لها حجتها القوية مما حقق لها حلولا لمشكلات المواطنين. وأقر إنني كنت ومازلت قريبا من الصديق العزيز محمد شاكر الصحفي المتميز زوج الراحلة وداد شلبي, والذي عرفته منذ نصف قرن عندما هاتفته دون سابق معرفة لكي يرتب لي لقاء مع أوائل كلية حقوق جامعة الإسكندرية في مطلع ستينيات القرن الماضي, وكان هو الذي نشر الخبر في أخبار اليوم, وبالفعل أو في الرجل ما وعد ثم كانت المفاجأة بعد ذلك بسنوات عندما التقيته مع زوجته زميلة مجلس الشعب وداد شلبي وازدادت عري الصداقة توثقا بعد أن أصبحنا جيرانا في ضاحية المعمورة وسيظل أبناء الثغر يذكرون جهود وداد شلبي التي كانت تقابل في أي مكان بالإسكندرية بالترحاب والتقدير, ويذكر أنها كانت النائبة الوحيدة التي وجهت لها الحكومة الأمريكية الدعوة لتكون مراقبا للانتخابات الرئاسية سنة1992, بين بوش وكلينتون, كما كانت النائبة الوحيدة التي وجهت لها الحكومة البريطانية الدعوة لتكون مراقبا للانتخابات البرلمانية لمجلس العموم بين جون ميجور وتوني بلير, وداد شلبي صفحة ناصعة في الأداء البرلماني والتفاني والعمل العام, وبالتالي فإن إطلاق اسمها علي أحد شوارع الإسكندرية لم يأت من فراغ بل, ويجب أن يتخذه المسئولون في المحافظات نبراسا لهم لكي يطلقوا أسماء من أعطي ومن أخلص في العمل العام علي شوارع مدن محافظاتهم وعواصمها.