خرجت علينا وسائل التواصل الاجتماعي بأحد الفيديوهات مؤخرا الذي يظهر فيه عناق حار بين طالب وزميلته بجامعة طنطا, وتلقفت هيئات الاعداد ببرامج التوك شو المادة الفيلمية المنشورة وراحت تقدمها للقائمين علي هذه البرامج من مذيعين ومذيعات, وفي الواقع لم يرق لي علي المستوي الشخصي التناول الاعلامي الفاضح احيانا لبعضهم والمحرض لبعضهم الآخر. ففي أحد البرامج الذي لا يعمل إلا علي نشر الفضائح وتعظيمها وكأنه مصلت علي رقبة ومستقبل الهوية المصرية, وجدنا القائم علي البرنامج يحاول بشتي الطرق أن يفرض وجهة نظره ا لداعمة لإطلاق الحريات داخل الجامعات المصرية وعلي رأسها حرية الملبس علي ضيوفه وهو الأمر الذي يخرج ليس بهذا البرنامج وحده ولكن بكثير غيره خارج دائرة الحرفية وميثاق الشرف الاعلامي الذي يعمل المجلس الأعلي للإعلام علي تطبيقه. هنا هالني أسلوب طرح برامج التوك شو حيث ان واحدا منها لم يتطرق لمناقشة دلالات الواقعة ونتائجها الأخلاقية المنتظر أن تترتب عليها وطبيعة القوانين الحاكمة لمثل تلك الحوادث في المستقبل, وهو ما أكد لدي عدم حيادية أو موضوعية كثير من هذه البرامج وزاد من تساؤلي بشأن وجود المجلس الاعلي للاعلام وحقيقة دوره ومدي جدية هذا الدور بالفعل في السيطرة علي نهج بعض تلك البرامج الشهيرة المحرض علي الجامعات المصرية التي باتت لا تجد مدافعا عنها بفضل استباحة مثل تلك البرامج لحرمتها عن طريق تسليط الضوء علي اي وكل نقيصة بالمجتمع الجامعي سواء كانت موجودة بالفعل أم ملفقة دون استقصاء او انتظار لرأي القضاء فيما وصل منها لساحاته النزيهة بفعل التعظيم الاعلامي. وهنا يجب أن نعرض لبعض دلالات واقعة حضن جامعة طنطا وأول هذه الدلالات أن هذه الواقعة تدل علي مدي استشعار عدد غير قليل علي مستوي الجامعات المصرية حالة عدم الضبط والربط داخل الاحرام الجامعية ومرجع ذلك هو خلوها منذ ثورة يناير من الحرس الجامعي الذي كان يساعد بمجرد وجوده الرسمي علي ضبط الايقاع وردع كل من تسول له نفسه أن ياتي بفعل غريب أو غير لائق, ذلك الشعور الذي اتحدث عنه جاء للطلاب وشجعهم علي كثير من التصرفات غير اللائقة لعدم كفاية أمن الكليات الإداري من جهة, ومن جهة أخري لاقتصار عمل شركات التأمين المتعاقدة معها مختلف الجامعات المصرية علي تامين المباني والمداخل والمخارج دون التعامل مع مثل تلك الخروقات الوارد حدوثها بين جمهور عريض من شباب لازالوا في مرحلة النضج والاقبال الجارف علي الحياة بوعي احيانا ودون وعي احيانا اخري أما الدلالة الأخري فهي أن الجامعات المصرية بحاجة ماسة لشن حملات توعية وإعلان داخلها بالقواعد المنظمة لسلوك طلابها داخل كل حرم جامعي وهو ما أراه واجبا وفرضا ولا يجب ان يأخذه بعض من الاعلاميين علي انه ضرب من ضروب تقييد حريات الطلاب بالجامعات, وانما هو بمثابة عقد اجتماعي بين الجامعة وطلابها, يعرف به الطالب حقوقه وحدوده سواء مع الاساتذة او الموظفين او زملائه من الطلاب. واخيرا نأتي للدلالة الاخيرة في هذا المقام وهي أن هذه الواقعة تدل علي مدي الفوضي الاخلاقية التي انتشرت بين كثير من طلاب الجامعات المصرية بسبب ما اعتادوا مشاهدته سواء بالافلام السينمائية وقد رأينا جميعا فيلم الباشا تلميذ, او بسبب معظم الاعمال الدرامية التي تعرض علي الشاشة الصغيرة والتي تعرض الانفلات علي انه الطبيعي المألوف بالجامعة.