سحر الأمكنةعنوان كتاب صدر مؤخرا للأديبة هالة البدري, الكتاب في أدب الرحلات, وهذا الصنف من الأدب لكاتبة خبرة سفر خبرة بالأماكن والبشر بكل مايحملون من ثقافات وعادات, وهو لقارئه متعة المعرفة فهو سفر بلاتذاكر طيران سفر عبر الكلمات, وكلما كان الكاتب متمكنا من أدوات الحكي والسرد والوصف كان السفر عبر الكلمات متعة, وهذا ما وجدته في سحر الأمكنة. عبر مايقرب من400 صفحة تتجول بنا الكاتبة في بلاد الله ولأنها مسكونة بعشق الوطن تجدها تبحث عن مصر الوطن الأم وعن التواجد العربي والإسلامي حتي لو كان أثرا وذكري من التاريخ في البلاد التي سافرت إليها في سفرنا عبر الكلمات تصحبنا هالة البدري في البداية إلي اسبانيا التي زارتها عام1992 لنشاهد معها الجبال الخضراء والأبنية البيضاءالمكسوة بالأزهار التي تتسلق الجدران لتمنحها بهجة الألوان, تتجول معها في جنة العريف لتسمع صوت خرير الماء في كل مكان وتمتع نظرك بأشجار الليمون واليوسفي واللارنج,بحكم تخصصها وبحكم المهمات التي سافرت للمشاركة فيها تنقلنا معها إلي عالم الثقافة والأدب, في أسبانيا شغلها سؤال عن سر اهتمام الاسبان بالمسرح والثقافة العربية وجاءتها الإجابة بأنها الرغبة في الاطلاع علي جديد بعد أن مل الأوروبيون كل ماهو غربي, وإضافة لإدراك طبقة من المثقفين لقيمة الثقافة والأدب العربي كجزء من كيانهم وجوهرهم. وفي اليونان تتعرف منها علي الأدب اليوناني الحديث, وبدافع من حسها الصحفي تلتقط صورا لبيت محمد علي تكشف إهماله مطالبة بترميمه وترميم الآثار والممتلكات المصرية باليونان, تأخذك الكاتبة في جولة تاريخية لتتعرف علي تاريخ اليونان كجزء من السلطنة العثمانية في أوائل القرن التاسع عشر,وتأخذك معها في جلسة مع صيادي دمياط تتنفس رائحة اليود المتصاعدة من بحر إيجة, وتشم رائحة الشواء. من اليونان إلي ألمانيا التي زارتها2006 لتستمع إلي أصوات تدعو للحرية والعدل, ومناقشات الأدباء والمفكرين في القضية الأولي التي تشغل شعوب العالم وهو قضية الإرهاب وتستمع معها لكلمة الكاتب الألماني صاحب جائزة نوبل جونتر جراس وهو يهاجم الولاياتالمتحدةالأمريكية وجرائمها ضد العراق بعد ترويج إكذوبة الأسلحة النووية,ووصفه لها بأنها توجد الإرهاب لكي تصطنع الحروب, وتتواري في صورة القوة الحريصة علي الصالح العام جاءت الكلمة في إفتتاح مؤتمر نادي القلم في برلين, وتنقل لنا بعض مشكلات المجتمع الألماني من خلال مقابلاتها, ومن أهم المشكلات تناقص السكان بسبب عزوف النساء عن الزواج وعن الإنجاب وحرصهن علي العمل المتواصل للترقي في برلين تبحث الكاتبة عن مصر وتزور الدور المصري في متحف الفنون ببرلين وتشاهد تمثال نفرتيتي. وفي الدنمارك تركب معها مركبا سياحيا يعبر الخلجان التي تمتد بين الجزر الصغيرة التي تقف عليها مدينة كوبنهاجن أكبر المدن الدنماركية, تتوقف أمام بيت كاتب الأطفال الشهير هانزكريستيان أندرسن, جاءت زيارة الكاتبة للدنمارك وقت هوجة الرسوم المسيئة للإسلام,وتقدم لمحة عن الوضع الاقتصادي الذي يتسم بالتماسك والقوة ووجود فائض اقتصادي وحرص الدنمارك علي الاستقلالية بعدم الموافقة علي الانضمام للوحدة النقدية الأوروبية اليورو والاستمرار في التعامل باليورو. ومن برلين إلي السنغال الرحلة التي قامت بها الكاتبة2007 لنتعرف علي المجتمع السنغالي الذي يدين ثلثه بالإسلام وثلثه بالمسيحية والثلث المتبقي يدين بخليط من ديانات افريقية. وتشاهد مها نساء السنغال فارعات الطول برابطة الرأس التي تميزهن وألوان ملابسهن المزركشة, وتنتقل معها من ثراء الطبيعة وغناها ممثلا في الخضراوات المزروعة تحت نخيل جوز الهند وأكوام المانجو إلي فقروقهر البشر,وتنقل صورا حية من الأعمال الشاقة التي تقوم بها النساء مثل جمع الملح وتعبئته وعلي الجانب الآخر من البحيرة صور بنايات فخمة تستقبل السياح الذين يجدون سعادة في الإستلقاء والطفو فوق سطح الماء مستمتعين بمشاهدة الطيور متنوعة الألوان والأحجام. [email protected]