يتحدث البعض عن أن مؤامرة الربيع العربي قد بدأت في الانحدار, فهاهي سوريا تنجح في دحر فلول الفصائل المتاسلمة المتشددة وأشهرها تنظيم داعش عن أراضيها, وبالمثل نجحت حكومة العراق في هزيمتها وتحرير أغلب المدن والمناطق العراقية وتوحيد معظم بقاع العراق تحت راية العلم العراقي مرة أخري, وكذا في ليبيا حيث تمكنت قوات الجيش الليبي الحر بقياده حفتر من دحر أغلب الكتائب الإرهابية وإعادة السيطرة علي معظم أقاليم البلاد واضطر الباقي منها للجلوس علي مائدة المفاوضات بوساطة مصرية تمهيدا لعودة الأمور لطبيعتها, وحدث شيء مشابه لذلك باليمن, وكان قد وئد تماما بمصر قبل أن ينجح في أن يؤدي لتقسيمها ودخول شعبها في حرب أهلية لا يعلم أحد نهاية لها. ولكن في الوقت نفسه يلاحظ المتابع للشأن السياسي العام أن من خطط ودبر لمؤامرة الربيع العربي لم يسلم بهزيمته وفشل مخططه الذي اجتهد في وضعه وبذل كل جهده والكثير من أمواله ليري النور, فها هو يحاول تنفيذه بوسائل أخري في مصر, الصخرة التي تحطمت عليها المؤامرة, والتي إذا نجح في تخطيها بها أمكنه ان يعيد الكرة مرة أخري ببقية الدول العربية بسهولة ويسر, ليضمن استمرار سلب معظم ثروات المنطقة بتراب الفلوس والتمتع بإمكاناتها الجغرافية بلا مقابل فضلا عن ضمان الأمن والامان والغلبة لإسرائيل بالمنطقه للأبد, فنراه يجتهد بشتي السبل لخنق مصر إقتصاديا وإدخالها في أزمة وراء الأزمة بصورة ترهقها وتستنزف مواردها وتشغل الحكومة عن مسئوليتها الأساسية في تلبيه احتياجات الناس وتحقيق معدل معقول من التنميه. فأدخلها مثلا في أزمة مع إيطاليا أدت لقطع العلاقات الدبلوماسية, وهي أزمة مقتل المدعو ريجيني, وأزمة إسقاط طائرة السياحة الروسية المسافرة من مطار شرم الشيخ التي أدت لمنع روسيا سائحيها عن مصر, ثم الأهم من كل ذلك العمل علي تركيز الموجات الإرهابية التي تستهدف قوات الأمن من جيش وشرطه ومدنيين بسيناء, وذلك بعد ان سمح مرسي أول جاسوس مدني منتخب بالتاريخ لإرهابي العالم بالتوطن بها, بالفعل تحدث بعض العمليات الإرهابية بأجزاء متفرقة من أرض مصر, إلا ان ذلك يحدث لتشتيت قوي امنها وإضعافها عن محاربة الإرهاب الأساسي بسيناء, فهو يسعي من ذلك بكل قواه لتفريغها من اي وجود لسلطات وسلطان الدولة عليها وخاصة بالمناطق الملاصقة لقطاع غزة, من مواطنيها المصريين تارة باستهداف المسيحيين بالعريش ودفعهم للرحيل لمدن أخري وتارة أخري باستهداف كمائن قوي الأمن الثابتة والمتحركة, وذلك بعدما رفضت القوات المسلحة تنفيذ أوامر مرسي بالسماح بتملك الغزاويين أراضي أو السماح بإقامتهم بالشريط الحدودي المصري الملاصق لقطاع غزة لتصبح في النهاية وطنا بديلا لهم وتنتهي القضية الفلسطينة للأبد. فإذا ربطنا ذلك بما يحدث بإقليم كردستان العراق, من الدعوي للاستفتاء العام للأكراد بزعامة برزاني وحكومته ذات الانتماءات والعلاقات الوطيدة منذ زمن بعيد مع إسرائيل, للإنفصال عن العراق, وتشجيع حكومة إسرائيل لليهود بها من الأصول العراقية الكردية بالعودة لإقليم كردستان وتملك أراض بها, لأدركنا علي الفور أن ذلك ليس إلا محاولة تدريجية لإحياء وتنفيذ حلم المشروع الصهيوني الكبير بامتداد دولتها من النيل للفرات, وهو الحلم الذي اعتلت خريطته جدران الكنيست ورسم العلم الإسرائيلي, فيتحقق بذلك أحد اهداف مؤامرة الربيع العربي بضمان الأمن والتفوق لإسرائيل بالمنطقه وللأبد. مؤامرة أحكمت حلقاتها, وحلم لم يسلم من خطط وبدا في تنفيذه بالهزيمة, إنما هي محاولات وراء محاولات لتحقيقه وإن كان بوسائل أخري, المهم ان يروا منطقة الشرق الوسط وقد تم تقسيمها لدويلات صغيرة ضعيفة متناحرة فيما بينها للأبد, إنها السياسة الدولية التي لا تعرف سوي مصالح دولها, وتعمل علي تحقيقها باي ثمن وبكل وسيلة.. حتي ولو كانت بأقذرها, هكذا حدثتنا صفحات التاريخ وخبرات الشعوب..