لا تعرف قطر حتي الآن سبل الخروج من الأزمة, ولا تدري كيفية التصرف والاختيار, بين ضغوط غربية هائلة, تريد منها أن تستمر في لعب دور سلبي في المنطقة كلها, وبين حصار عربي المحكم, وعزلة خانقة فرضت عربيا علي قطر وكشفت دورها علي مدي سنوات, فالحكومة القطرية في موقف لا تحسد عليه, فهي لا تستطيع تحمل الحصار من الإشقاء,ولا تستطيع أن تنسحب من دور مخلب القط الشرير في الهدم, والتحريض والتمويل ورعاية الإرهاب بكل أنواعه لمصلحة القوي الكبري, مهما كانت الخسائر, ولا يمكنها نفض يدها من جماعات مسلحة تبث الرعب في العالم كله وترتبط ارتباطا عضويا بشخصيات نافذه في الأسرة الحاكمة في قطر, والغرب أيضا في موقف غريب, فهو لا يريد ان يضحي بالدور القطري, او يستغني عن خدمات قطر الكبري في توجيه جماعات الإسلام السياسي, وفي نفس الوقت لا يريد خسارة الدول الأربع التي تريد تطويع قطر مرة أخري لمحيطها الخليجي والعربي, بين هذا وذاك تدور الخلافات داخل الدول الغربية نفسها فتجد اختلافا بين الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات والرئيس ترامب, فالخارجية تؤيد قطر وتساندها وتدفعها للتحدي, وباقي المؤسسات لا تستطيع ان تنكر الدور القطري في دعم كل أنواع الإرهاب في العالم خاصة في الشرق الأوسط لأسباب يعلمها الجميع في منطقتنا العربية, وبالطبع هذه الخلافات بين الإدارات الامريكية هي من قبيل التغطية والتمويه علي الدعم الأمريكي اللا محدود لدور قطر السلبي خلال العشر سنوات الماضية علي اقل تقدير, والغريب حقا أن تدخل إسرائيل علي خط هذا التمويه رغم أن ما يحدث من مواجهات ومؤامرات وحروب وعمليات إرهابية تصب جميعها في مصلحة إسرائيل من الالف الي الياء, حيث حاولت إسرائيل ان توحي للجميع انها ضد الإرهاب ومناصريه وأنها ستوقف بث قناة الجزيرة أداة قطر الأساسية في التحريض عن البث من إسرائيل وتلغي تصاريح عمل مكاتبها حيث اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو ووزير اتصالاته, أيوب القرا, عن رغبتهما في فرض عقوبات علي الجزيرة, ثم تحولت التصريحات العلنية إلي خطوات فعلية حين قرر مدير مكتب الصحافة نيتسان حين, التابع لديوان رئيس الحكومة, سحب بطاقة مراسل الجزيرة في إسرائيل الياس كرام, بعد استجوابه, وإعلان أن سبب ذلك هو اللقاء الذي منحه قبل سنة لشخصيات تنتمي إلي جماعة الاخوان المسلمين, علي الرغم من معرفة أجهزة الأمن الإسرائيلية بهذا اللقاء والموافقة عليه, وهذا الموقف الإسرائيلي الجديد لم يمر بسهولة داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها, حيث وقفت وزارة الخارجية الإسرائيلية لتدافع عن أدوات قطر في التحريض بكل قوة, بل تعرب عن تخوفها من أن تسبب الخطوات ضد قناة الجزيرة انتقادات دولية شديدة والمعروف أن للجزيرة مكاتب متعددة في القدسالغربية, وتعمل تل أبيب علي إغلاق تلك المكاتب مع السماح لها بالعمل وممارسة نشاطاتها من مكاتبها في رام الله, التي تبعد نحو نصف ساعة سفر عن القدس, وهو ما يشير الي توافق قطري- إسرائيلي, ورغبة إسرائيلية في الترويج بانها ضد إرهاب قطر وفي الوقت نفسه ليست ضد حرية الصحافة, ورغم الدلائل القوية التي تتكشف يوما بعد يوم حول ضلوع قطر في دعم الإرهاب وتمويله وايواء كوادره وتسليح افراده ونقل التكليفات لكافة الجماعات المسلحة, ورغم افتضاح الدور القطري في العالم كله الا ان القوي الكبري ما زالت مصرة علي الاستمرار في استخدام قطر كمخلب القط الشرير, وان قطر نفسها مازالت متمسكة بموقفها, بل تنسجم مع دور التحدي لأشقائها في مصر ودول الخليج, وتحاول ان تنفي عن نفسها تهما جساما رغم الأدلة القاطعة التي أصبحت عيانا بيانا في أيدي الشعوب, ويبدو أن الدول الغربية تريد من الدول الأربع القبول بالأمر الواقع, وان تعود قطر الي محيطها العربي كما هي دون تغيير بمعني أن تنسي الدول الأربع ال13 شرطا ثم تنسي ال6 شروط التي أقرتها الوساطة الكويتية, لتستمر قطر كما هي دون تغيير او انفصال عن جماعات الإرهاب.