جاءت دعوة زعيم إقليم كردستان مسعود بارزاني إلي إجراء استفتاء عام حول الاستقلال من العراق في25 سبتمبر القادم وهو مصمم علي تحقيق حلم إقامة دولة كردية في الشرق الأوسط في الوقت الذي ستستغل قوي أمريكية هذا التوجه لتقسيم المنطقة فيما يعرف بالشرق الأوسط الجديد. تتزامن تلك التطورات في العراق مع دعم الإدارة الأمريكية للسوريين الأكراد في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور الشمالية, والهدف من ذلك هو تشكيل نواة دولة كردية ثانية في موازاة الدولة الكردية المرتقبة في العراق بما يكشف نوايا واشنطن لإعادة تشكيل المنطقة وتقسيمها من جديد كما روج لذلك الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس آنذاك. هناك نحو25 مليون كردي في الشرق الأوسط يحلمون بدولة لهم, ويعد الأكراد من أكبر الأعراق في الشرق الأوسط حتي الآن, وكما ذكر موقع جلوبال ريسيرش الأمريكي فهم ينتشرون بشكل رئيسي في العراقوإيران وتركيا وسوريا وأذربيجان وأرمينيا ولبنان. أيضا بشكل شبه مؤكد أن أكراد سوريا سيتبعون علي الأرجح نفس المسار الذي تتبعه كردستان العراق, خاصة أن الولاياتالمتحدة تقوم بالفعل ببناء عدة قواعد عسكرية ومطارات في شمال شرق سوريا لاحتلال جزء من البلاد والحفاظ علي وجود أمريكي طويل الأمد هناك. كما تزود أمريكا عملاءها الأكراد بالأسلحة والمدفعية الثقيلة, كما تشجع اتباع نفس السياسة في أماكن أخري مثل إيران وتركيا للوصول إلي استقلال الأكراد في هذه المناطق. مسألة الأكراد أيضا تثير حفيظة إيران حيث أعلن علي خامنئي المرشد الأعلي أن إيران لن تسمح بدولة كردية علي حدودها مع العراق مما يدخل طهران في صراع مرتقب مع واشنطن. القوي السياسية الكردية استغلت ظروف العراق المتردية بسبب حربه علي تنظيم داعش الإرهابي, والضعف الذي يعانيه بسبب المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية, ووجدت الظروف ملائمة للتقسيم, ولاسيما بعد الأحداث الأخيرة التي انشغلت بها القوات العراقية بمعارك استنزاف علي جبهات متعددة. لكن, هل سيمر الاستفتاء بسلاسة ودون حصول تداعيات؟ الأمر المؤكد أن تلك الخطوة ستنذر بخطر شديد وتداعيات سياسية بدأت نذرها من لحظة الإعلان عن الاستفتاء, إلي جانب ذلك سيكون له آثار اقتصادية علي العراق عموما, وإقليم كردستان خصوصا, وبما يشكله النفط من عمود فقري لذلك القطاع بما يشكل كارثة علي المنطقة العربية ككل.