بدا النظام القاسي والراكد في سوريا محصنا في بداية الموجة الثورية العاتية التي تضرب الوطن العربي وأصابت معظم حكامه منذ يناير الماضي مع الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس السابق بن علي. ومع منتصف مارس الماضي انفجرت المظاهرات في المدن السورية ونمت بشكل كبير, خاصة بعد أن بدأت قوات الأمن السورية في إطلاق الرصاص الحي بكثافة علي المتظاهرين. والرئيس السوري الحالي بشار هو ابن الرئيس السابق حافظ الأسد, الذي حكم البلاد بقبضة من حديد علي مدي ثلاثة عقود انتهت بوفاته في عام2000, وينتمي الابن والأب للطائفة العلوية, وهي أقلية استطاعت الوصول للمناصب العليا في الحكومة والمؤسسة العسكرية, وأصبحت سوريا تحت حكم الأسد غريما للغرب, نظرا للادعاءات الغربية بدعم سوريا لبعض الجماعات الإرهابية, وأصبحت سوريا في ذلك الوقت معزولة حتي عن بعض الدول العربية التي اعتبرها الغرب ب المعتدلة. وفي فبراير2011, دعت بعض الجماعات لمظاهرات صغيرة في سوريا, ولكن استطاع الأمن السوري كعادته أن يحاصر المتظاهرين ويقلل من أعدادهم سواء بالقبض عليهم سريعا أو بتفريقهم.ومع انتصاف شهر مارس, بدأت المظاهرات الكبيرة تضرب سوريا من شمالها, حيث تقع مدينة درعا, وأغضب الأمن المواطنين بالقبض علي أعداد كبيرة من الطلاب الذين رسموا علي الجدران مطالب الحرية, وتبع تلك المظاهرات احتجاجات أضخم في درعا ومدن أخري, في الوقت الذي لم تندلع فيه أي مظاهرات في أكبر مدن سوريا, وهي دمشق العاصمة. بدا الأسد في البداية متأرجحا بين عروض الإصلاح وبين استخدام العنف, وفي16 أبريل, تعهد بتنفيذ أحد أهم مطالب المعارضة برفع قانون الطوارئ, ولكنه شن أعنف حملات القمع, كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بعدها بأيام قليلة, فأطلقت قوات الأمن النار علي المتظاهرين في طول البلاد وعرضها, حاصدة أرواح العشرات, وأرسل الجيش بدباباته إلي درعا واعتقل المئات من المتظاهرين ورموز المعارضة واختفي بعضهم.وفي31 مايو الماضي, قدرت بعض الجماعات الحقوقية عدد القتلي في سوريا بأكثر من1000 ونحو10 آلاف مفقود ومعتقل. وعلي الرغم من أن الحكومة أعلنت علي لسان ناطقها الرسمي في بداية مايو الماضي أنها استطاعت أن يكون لها اليد العليا في البلاد, فإن المظاهرات تواصلت حتي وإن كانت بأعداد أقل.وبدأت الاضطرابات تأخذ منحنا دمويا وانتقاميا, وبدا أن المتظاهرين بدأوا في النشاط مجددا في بداية يونيو الحالي, مع انتشار فيديو يظهر تعذيب الطفل حمزة الخطيب البالغ من العمر13 عاما في درعا والتمثيل بجثته قبل وفاته. حتي لو فشلت الانتفاضة السورية, فقد أظهرت مدي ضعف الحكومات الديكتاتورية التي سعت لاستمداد شرعيتها الزائفة من مفهوم القومية العربية, وقطاع عريض مترامي الأطراف من الناس الذين أوجدوا ما يشبه طبقة متوسطة من خلال خدمات استطاعت أن توصل الكهرباء إلي المدن الصغيرة. وحكومة الأسد علي الرغم من كل ذلك, تختلف عن حكومة أبيه الذي وصل للسلطة في عام1970, الذي كون دولة محاصرة بأيديولوجيا مقصوصة, فهو لم يعد بإمكانه أن يوصل الاحتياجات الأساسية لمعيشة الناس. ومن ناحية أخري, أعرب سيرجي لافروف وزيرالخارجية الروسي عن قلق بلاده من إضفاء صفة دولية علي النزاع الداخلي في سوريا, وقال إن إصرار شركائنا الغربيين علي تدويل الأوضاع في سوريا أمر يقلقنا.