استطاعت جاكلين رولينج أن تصل بمجموعة روايتها هاري بوتر الي القمة, وتحولت رواياتها الي أفلام سينمائية وحققت أعلي نسبة مبيعات في كتب الأطفال وأعلي ايرادات في السينما, في الوقت الذي يري فيه كتاب الأطفال في العالم العربي أن الطفل غير مؤهل لقراءة الروايات الطويلة, وأنه يبحث دائما عن القصص القصيرة والمجلات الملونة. أعلنت رولينج برواياتها أننا أمام طفل جديد يستطيع أن ينافس الكبار في القراءة, بل وأحيانا يتفوق عليهم, والدليل علي ذلك نسبة المبيعات العالية لهاري بوتر ليس فقط في العالم المتقدم, بل وفي العالم العربي أيضا, ما يثبت خطأ ما يقوله هؤلاء الكتاب. ويظهر هنا تساؤل: ما الذي ينقص الكاتب العربي لإنتاج روايات للأطفال, لن نقول تضارع هاري بوتر في نجاحها العالمي, وإنما تحقق نجاحا شبيها في حدود الطفل العربي؟ تقول أمل فرح, كاتبة الأطفال, إن الكتابة للطفل لابد وأن تتخطي حدود الزمان والمكان, مدللة علي ذلك ب ألف ليلة وليلة فرغم أنها غير موجهة للطفل, فقد نسجت منها حكايات للأطفال صالحة للمجتمع الأوروبي, تماما كما أصبح لحكايات والت ديزني وجود في الثقافة العربية. وأضافت فرح أن فكرة الثقافة الإقليمية لم تعد وجيهة, والأفضل أن تكون هناك كتابة جميلة للطفل, تصلح لنا ولغيرنا, معربة عن اعتقادها أن هاري بوتر هي التي أخذت من تراثنا فالخرافة والخيال المطلق ودنيا العفاريت موجودة في تراثنا القديم. وأرجعت كاتبة الأطفال عدم ظهور مقابل عربي ل هاري بوتر الي ترويج الكتاب والإعلام منذ زمن لفكرة تقول إن الطفل المصري ليس لديه استعداد أو نفس طويل للقراءة, وأنه دائم البحث عن القصص القصيرة وأنه وقع أسيرا لأفلام الكرتون فلم يعد يتحمل قراءة رواية, وهو ما يكذبه توزيع هاري بوتر الكبير. وتختتم فرح عرض فكرتها بأن المشكلة تكمن في عدم وجود كتاب معنيين بثقافة الطفل, وغير مؤهلين لهذا النوع من الكتابة, فقد نجحت جاكلين رولينج في هذا لأنها تحمل بداخلها ثقافة علمية وأدبية استطاعت بهما عمل هذه التراكيب الخيالية المفرطة, ولو توافرت هذه الثقافة فيمن يكتب للطفل العربي لاستطاع عمل منتج قابل للقراءة والمنافسة في اقليمه وخارج إقليمه. فيما يقول عمرو حسني الشاعر وكاتب الأطفال, إنه عندما ظهرت روايات هاري بوتر وقف ضدها الجميع, وقالوا إنها تعلم الطفل التواكل وعدم الاصرار علي حل مشكلاته, علي أساس أن البطل فيها يلجأ الي السحر في ذلك, غير مدركين أن بطل الروايات يدرس بمدرسة للسحرة, وهو طالب مجتهد: يقرأ كثيرا ويبذل جهدا خارقا للتعلم والتغلب علي المؤامرات التي يواجهها, ولا يعتمد علي السحر, كما أن المؤلفة نفسها كسرت فكرة أن السحر يحل كل المشكلات. وأضاف حسني لقد استقبل الطفل المصري هذه الروايات بشكل رائع, لأن الطفل في مصر والعالم كله أصبح طفل العولمة والإنترنت, مؤكدا انه شخصيا ضد فكرة إعادة ايجاد الأعمال الفنية من منظور اجتماعي. وأكد حسني أننا لدينا مانقدمه ككتاب للطفل المصري, ويمكن أن يتفوق علي هاري بوتر إذا كتبنا عن الخيال والأساطير والقصص الشعبية المهملة والتي يعتبرها البعض خزعبلات, وينظرون اليها بشكل متعال, ولا يدركون أنها قيمة فنية عالية, قد ينتج منها أعمال فنية رفيعة المستوي, موضحا أن التراث الشعبي للطفل لم يستخدم بشكل جيد في انتاج أدب الطفل, والمؤسف أن بعض الكتاب يفرطون في استخدام التراث الغربي وينسجون منه حكايات ركيكة المستوي, في الوقت الذي يمكن لنا إنتاج أعمال راقية رفيعة المستوي فقط لو أننا استخدمنا التراث العربي.