أثارت تجربة أكشاك الفتوي التي قام مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف بالتعاون مع هيئة مترو الأنفاق بإنشائها بمحطات المترو للإجابة علي استفسارات المواطنين لسد الفراغ والقضاء علي الفتاوي المتشددة وتوفير الفتوي من جهة متخصصة موثوق بها دون تحمل المواطن أي معاناة بالإضافة إلي الالتحام بالمواطن والنزول إليه وعد تركه فريسة للجماعات المتشددة والمتطرفة وفي محاولة للوقوف علي القضية ومناقشتها قمنا بزيارة تلك الأكشاك ووجدنا إقبالا كبيرا من جانب المواطنين عليها والتقينا رجال الأزهر الموجودين وناقشنا القضية مع المتخصصين من علماء الدين وأكد عمار فؤاد أحد المواطنين الذين زار الموقع للحصول علي إحدي الفتاوي أنها فكرة جيدة للغاية لتوفير الجهد علي المواطن أثناء توجهه لعمله أو عودته بالإضافة إلي تواجد علماء الأزهر للرد علي الاستفسارات ولكنه أبدي ملحوظة حول الفكرة قائلا كنت أتمني أن تكون الفتاوي التي أحصل عليها موثقة ومختومة من الأزهر الشريف مثلما يحدث في دار الإفتاء ولجنة الفتوي بالأزهر الشريف. وذكر محمد إبراهيم أحد المواطنين أنها فكرة جيدة للغاية مطالبا بتعميمها للضغط الشديد عليها مع زيادة عدد العلماء المتواجدين خاصة أن العدد لا يتجاوز فردين فقط من العلماء مع هذا الكم من الهائل من الأسئلة خاصة أن السائل يأخذ وقتا طويلا في الشرح والاستفسار مما يؤدي إلي تكدس الناس. وذكر كل من الشيخ أحمد سالم وخالد فكري من وعاظ مجمع البحوث الإسلامية واللذين تواجدا للرد علي استفسارات السائلين أن حجم المترددين حاليا يتجاوز200 سائل يوميا وأن الإقبال في زيادة موضحين أن أكثر القضايا التي يتم السؤال عليها فتاوي الطلاق والإيمان والتمويل العقاري وفوائد البنوك والمواريث والزكاة خلاف قضايا أخري مختلفة وتتم الإجابة عليها بفكر الأزهر الوسطي المعتدل المبني علي أسانيد وأدلة صحيحة من الكتاب والسنة وآراء وإجماع الفقهاء. وأشار إلي أنه بخلاف الرد علي الفتاوي يتم توزيع مطبوعات من الأزهر الشريف حول تفنيد الأفكار المتطرفة وخطر الإرهاب علي المجتمعات والعالم ومجلات ونشرات الأزهر الدورية مجانا علي المواطنين موضحين أن خطة الأزهر الآن هي الالتحام بالناس والاستماع لمشكلاتهم ومناقشتها وعدم تركهم فريسة للجماعات المتطرفة يبثون في عقولهم ما يريدون من أفكار وفتاوي وأحكام مغلوطة تؤدي إلي تدمير المجتمعات وتهديد الأمم. وطالب بضرورة زيادة عدد أماكن الرد علي الفتاوي بمحطات المترو خاصة مع الضغط الشديد قائلين: إنه يدرس حاليا إنشاء موقعين آخرين بحلوان والمرج لزيادة التوعية, مشيرين إلي أن أغلب السائلين من الشباب مما يؤكد شغفهم وطلبهم للفتوي. ومن جانبه, أكد الشيخ فوزي الزفزاف وكيل الأزهر الأسبق, عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الموضوع تجربة إن نجحت سيتم تعميمها مبديا استياءه الشديد من الهجوم علي الفكرة والمعارضة لها قائلا: إنها محاولة لتعميم الفتوي والرأي الصحيح في الدين الإسلامي فيما يخص الناس من مشكلات وأسئلة. وأشار إلي أن الهجوم علي تلك التجربة ليس له داع مطالبا بالتريث قبل الحكم علي أي شيء موضحا أن المترو وسيلة عامة للمواصلات ومكان للتجمع وحتي لا يترك المواطنون فريسة لأصحاب الفكر المتشدد والتكفيري تمت هذه التجربة التي تيسر علي المواطنين عناء التوجه لدار الإفتاء أو الأزهر الشريف. وذكر الشيخ فوزي الزفزاف أن أعداء النجاح هم من يهاجمون هذه الفكرة ويريدون إضعاف الأزهر ويقللون من مجهودات تعديل المناهج وتغيير الفكر ولا يريدون الاستقرار والتقدم في مجال الوعي الديني السليم للمجتمع مشيرا إلي أن من يقومون بالفتوي في تلك الأماكن مؤهلون لذلك من رجال الوعظ بالأزهر الشريف وحتي يتم توفير المعلومة الصحيحة للسائل دون تشدد أو غلو. وذكر أن هذه الفكرة في محلها وتغير جذري في ضرورة التواجد وسط الناس والالتحام بهم وعدم ترك المجال مثلما حدث وأدي إلي تغلغل وتواجد الجماعات التي تتحدث باسم الدين وتنشر فكرها البعيد كل البعد عن الإسلام ووسطيته. بينما قالت الدكتورة إلهام شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: إنها ترفض مسمي أكشاك الفتوي لأنها تسمية المقصود بها أن تقلل من قيمتها وتقليل من قيمة القائمين عليها والعاملين بها وهذا أمر مرفوض شكلا وموضوعا وإنما اسمها الصحيح( مراكز لجان الفتوي) لأن لجان الفتوي موقعها الأصلي بالجامع الأزهر وبالمشيخة وهذه مراكز تابعة للجان الفتوي وهي وسيلة من وسائل الدعوة إلي الله والتواصل مع الجمهور من المسلمين وغير المسلمين وليست خاصة برواد المساجد فقط ولذا تم إنشاؤها للتيسير علي الناس والوصول إلي أماكن تجمع الناس وطرق مرورهم فهي وسيلة من وسائل الدعوة والطرق التي يسلكها الداعي ويتوصل بها إلي تحقيق أهدافه. وأوضحت أنه لا شك أن الوسائل يجب أن تكون مشروعة; أي: التي أباحها الشرع الحكيم وأمر بها, فالوسيلة- أيضا- ما يتقرب بها الإنسان إلي من يريد قبول دعائه,( وهو الله عز وجل), أو دعوته( وهو المدعو); قال تعالي: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون, وليست هناك وسيلة محددة شرعا للوصول إلي الناس فقد استخدم الرسول كل الوسائل والأساليب التي أتيحت له في زمنه لتبليغ الدعوة فكانت الدعوة في البيوت فإذا استخدمنا ذلك الآن فهو مما فعله الرسول وكان صلي الله عليه وسلم يذهب إلي أندية وأماكن تجمع الناس فإذا أردنا أن ننظر إلي المقابل الآن وجدنا الأندية الاجتماعية والمقاهي والملتقيات والمراكز الثقافية, وكان نبينا هو وأصحابه يجلسون علي طرق المسافرين لتبليغ الدعوة فإذا بحثنا عن الموازي لذلك الآن سنجده محطات المترو وسكك الحديد ومواقف الأتوبيسات والمطارات والموانئ وبصفة عامة الطرق البرية والبحرية والجوية فليس في هذا أمر عجيب والمفترض أن يكون الحوار حول الوسيلة هل هي مشروعة أم لا هل تخالف الشرع والقانون أم لا هل هي مفيدة ونافعة للناس أم لا. بينما دافع الدكتور محيي الدين عفيفي, الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية عن فكرة أكشاك للجنة الفتوي في مترو الأنفاق قائلا: إننا نستهدف حماية المواطنين من المتشددين والتكفيريين الذين يستحلون دماء الغير من خلال الفتاوي, لافتا إلي أن هذه الأكشاك ستكون في عدد من محطات المترو لمواجهة الإرهاب والرد علي استفسارات المواطنين وتوعية الشباب من خلال علماء الأزهر المؤهلين وحمايتهم من التطرف والمتطرفين ومنع غير المؤهلين للفتوي وإحداث فوضي في المجتمع من خلال الفتاوي الشاذة وقطع الطريق علي غير المؤهلين للفتوي. وأضاف أمين مجمع البحوث الإسلامية أن الأزهر بناء علي توجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يعمل علي أكثر من خط متواز ووفق إستراتيجية واضحة لمراجعة المناهج واستحداث قضايا جديدة وضرورة لاحتكاك بالمواطنين والالتحام بهم والنزول الي الأرض وتطوير الفكر وعدم ترك الساحة لتغلغل الجماعات المتشددة التي استغلت ذلك. ومن جانبها, قالت الدكتور آمنة نصير الأستاذة بجامعة الأزهر, عضو مجلس النواب: إن هذه الفكرة اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ مبدية رفضها لتلك الفكره واصفة ذلك بالسلوك غير الحكيم خاصة أننا لدينا منابر كثيرة تليق بمقام الدعوة والخطاب الديني ومقام الأزهر. وتساءلت من الذي أشار بهذا الكشك في محطات المترو خاصة أنه ليس مقام أو مكان استفتاء ولا تلقي علم مطالبة بالتفكير في الأفكار الصائبة. وأردفت قائلة: إنها فكرة ساذجة ولا تليق باحترام الخطاب الديني مناشدة شيخ الأزهر بجعل يوم مفتوح بأي مكان للرد علي استفسارات الناس وفتح أماكن اتصال في الإعلام بين المواطنين وعلماء الأزهر والمتخصصين من خبراء علم النفس والتربويين والمثقفين للرد علي استفسارات المواطنين والشباب أفضل من هذه الفكرة التي لا ترتقي لتطوير الخطاب الديني وما هي الحكمة من وضع الأكشاك في محطات المترو بالذات.